خاص بالموقع | 12:26 AMيديعوت أحرونوت ــ ناحوم برنياع
يجد معظم الإسرائيليين صعوبة في أن يفهموا كيف حصل أنه في منتصف الربيع نشأت فجأة مواجهة بين إسرائيل والولايات المتحدة. ماذا يهمّ أولئك الأميركيين، من أن أحداً ما يبني فيلا في «كدوميم» أو حديقة أطفال في «شافي شومرون»؟ كيف حصل أنّ معظم الإسرائيليين نسوا وجود المستوطنات منذ زمن بعيد، ولديهم مصادر قلق أخرى في رؤوسهم؟ لكن رئيس كبرى القوى العظمى في المعمورة، على مسافة 8 آلاف كيلومتر، غير مستعد لأن يحتمل غرفة صلاة صغيرة أخرى في «يتسهار»، أو إسكان أصولي هزيل آخر في «بيتار عيليت».
هذه ليست المستوطنات يا غبي. هذه ليست المستوطنات. بنيامين نتنياهو يفهم، لهذا فهو ليس مذعوراً. هذا ما يتبين من قصص أناس تحدثوا مع نتنياهو في الآونة الأخيرة. هو مضغوط، هو يعرق، هو على شفا الفزع. فزع السياسيين هو في العموم موضوع للسخرية، ولا سيما عندما يدور الحديث عن نتنياهو؛ فالناس يتوقعون من رئيس الوزراء أن يبدي رباطة جأش، وأن يظهر حساً قيادياً، يتوقعون منه أن يتغلب.
لكن، للأسف الشديد، لنتنياهو في هذه اللحظة، سبب وجيه لأن يكون قلقاً. فهو متمزّق بين مصلحة دولته ومصلحة حكومته. وهو يحبهما كلتيهما. ولكلتيهما أقسم الولاء: كيف سيختار بين هذه وتلك؟
أوضح الرئيس باراك أوباما منذ الأسبوع الأوّل لولايته، أنه مصمّم على فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي والعربي. وعلى الهوامش، عكست تصريحاته إرادة طبيعية للقيام بعكس ما قام به سلفه جورج بوش. هكذا تصرف أيضاً بوش مع السياسة الخارجية لبيل كلينتون، وهكذا تصرف أيضاً رؤساء آخرون.
من حيث الجوهر، يرمي التوجّه إلى العالم العربي إلى مساعدة الإدارة الأميركية للتصدي للإرث العسير الذي خلّفته لها الإدارة السابقة. والافتراض هو أن دعم الدول العربية والإسلامية لواشنطن سيساعدها في الخروج من العراق والتصدي بنجاح لأعدائها في أفغانستان وفي باكستان والملف النووي الإيراني. لا يتخذ أوباما هذه المبادرة كي يخدم مصلحة إسرائيلية، لكن يُحتمل أن يكون فيها منفعة لا بأس بها لإسرائيل، ولا سيما في المسألة الإيرانية.
يفترض أن ينقّي الخطاب الذي سيلقيه أوباما في القاهرة يوم الخميس المقبل، الأجواء، وأن يجدّد ثقة الشارع العربي بالولايات المتحدة. مثل هذا الخطاب لا يمكنه أن يقفز عن الموضوع الفلسطيني. لقد توقعت الإدارة، بما هو مشروع جداً، أن تحصل من نتنياهو على شيء ما في الموضوع الفلسطيني. شيء يمكنها أن تتمسك به. ليس تنازلاً عن أرض، ولا تنازلاً عن حقوق، بل مسار سياسي، مجرد رؤية. لكن نتنياهو جاء بيدين فارغتين وخلق فراغاً دخل إليه بقوة موضوع المستوطنات.
جورج ميتشل الذي ترأس اللجنة التي نشرت في عام 2001 «تقرير ميتشل»، هو اليوم المبعوث الخاص لأوباما إلى الشرق الاوسط. تأثيره في واشنطن كبير، وهو قريب من أذني الرئيس ووزيرة الخارجية وقادة الكونغرس. لقد تحدث تقرير ميتشل من بين ما تطرق إليه، عن تجميد المستوطنات. لم يرَ أرييل شارون، الذي كان رئيساً للوزراء عند نشر التقرير، مفراً غير تبني استنتاجاته. نسي الإسرائيليون تقرير ميتشل. أما ميتشل، فلم ينسَ.
وما بالك أن في هذا الموضوع مؤيدين قليلين جداً لإسرائيل في أميركا. فليس للمنظمات اليهودية مصلحة في الدفاع عن استمرار النشاط الاستيطاني. والدليل: رغم الأقوال القاسية على لسان أوباما، لا يزال كل من هيلاري كلينتون ومجموعة من الأعضاء اليهود في الكونغرس، صامتون. حصل غير مرة في الماضي أن تلقت حكومات إسرائيلية ضربات على الرأس من محافل من الإدارة الأميركية. لكن صمتاً كهذا من اليهود لم يحصل إلا في قضية (العميل جوناثان) بولارد.
جاء نتنياهو بيدين فارغتين ليس لأنه يحلم بوحدة البلاد، بل لأنه يخشى من أن يؤدي كل حراك سياسي إلى انهيار ائتلافه. البقاء، هذا هو اسم لعبته. قال نتنياهو في بداية ولايته إن ثلاثة مواضيع تتصدر جدول أعماله: إيران وإيران وإيران. ولو كانت إيران في أولوياته، لكان ينبغي له أن يتصرف مع الأميركيين تصرفاً مغايراً. يخيل أن المواضيع الثلاثة التي تملي خطواته هي البقاء، البقاء، البقاء.