يبدو أن الطريق أمام أي مصالحة فلسطينية مشوب بتعرجات عديدة، أبرزها حادثة قلقيلية الأحد الماضي، وخاصة مع اتهام «حماس» أمس لأجهزة أمن الضفة الغربية بالسعي إلى تصفية أحد قادتها، في مقابل تحذير من تكرار نموذج غزة في هذه المنطقة
غزة ــ قيس صفدي
اتهمت حركة «حماس» الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بالسعي إلى تصفية قائد ذراعها العسكرية «كتائب عز الدين القسام» في مدينة طولكرم، محمد خربوش، على غرار ما حدث في مدينة قلقيلية يوم الأحد الماضي للقائد محمد السمان ومساعده محمد ياسين، في وقت أكدت فيه «القسام» في غزة أن مقاوميها في الضفة «لن يرضخوا لطلبات الاستسلام»، فيما حذرت حركة الجهاد الإسلامي من تكرار نموذج غزة في هذه المنطقة. وكشفت «حماس»، في بيان من الضفة الغربية، أن «أجهزة أمن الرئيس محمود عباس كثّفت في الأيام القليلة الماضية حملات الاختطاف والملاحقة بحق أبناء الحركة للوصول إلى خربوش وأعضاء خليته، ما ينذر بارتكاب مجزرة جديدة بسيناريو مجزرة قلقيلية نفسه». وأكدت أن «الأجهزة الأمنية اختطفت خلال الأيام الثلاثة الماضية 30 من أبناء الحركة في محافظة طولكرم، وانصبّ التحقيق معهم على معرفة مكان خربوش»، محذرة «من محاولة المساس بالقائد البطل».
ودعت الحركة الإسلامية «أبناء القسام في الضفة الغربية المحتلة وجميع المطلوبين من أبناء المقاومة إلى أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وتفويت الفرصة على العملاء من عناصر الأجهزة الأمنية، الذين بات مسعاهم إلى القيام بدور الاحتلال مكشوفاً». وحمّلت «حماس» أجهزة أمن عباس «المسؤولية عن سلامة المطاردين القساميّين الذين باتت دماؤهم مطلباً ملحّاً للجنرال الأميركي (المنسق الأمني المسؤول عن تدريب قوى أمن الضفة كيت) دايتون».
وفي غزة، دعا المتحدث باسم كتائب «أبو عبيدة» مجاهدي الضفة إلى «أخذ الحذر والاستعداد لمواجهة أي قوة صهيونية أو عميلة موالية للاحتلال الصهيوني من قوات الوكالة اللحدية التابعة لعباس». وقال إن «مجاهدينا لن يرضخوا لطلبات الاستسلام من هذه الأجهزة العميلة والخائنة والخارجة عن الصف الوطني».
وشدد «أبو عبيدة» على أن «ما جرى في قلقيلية يجب أن يكون عبرة لهؤلاء المرتزقة؛ فمجاهدونا الذين قضوا سنوات طويلة في مواجهة الاحتلال ومطاردته لا يمكن أن يسلموا أنفسهم بسهولة إلى هذه القوات المجرمة»، مؤكداً أن «هذه القوات التابعة لدايتون غير مؤتمنة على شعبنا ولا على قضيتنا، فضلاً عن أن تكون مؤتمنة على مجاهدين كبار».
في هذا الوقت، دعا القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، محمد الهندي، إلى «إنجاح الحوار الفلسطيني وتجاوز الانقسام»، مؤكداً أن «الهدف الملحّ للشعب الفلسطيني اليوم هو حقن الدم وإنجاز المصالحة الوطنية من دون ضغوط أو اشتراطات خارجية توظف القضية الوطنية في معركة ليست معركتنا». ودان «الأصوات التي ارتفعت تتوعد وتهدد باستمرار ملاحقة المقاومة، وتؤجج الفتنة وتدفع إلى الاقتتال».
وتابع الهندي قائلاً إنه «قبل أيام قليلة، كان يوماً حزيناً على شعبنا سقط فيه ستّ ضحايا لسياسة التنسيق الأمني في قلقيلية، منهم شهيدان من قادة في القسام. ولم يكلف أحد نفسه الاعتذار لشعبنا الصابر، أو التحقيق في هذه الجريمة، بل سمعنا تصريحات خطيرة توحي بالإصرار على أن هذا المسلسل مستمر وسمعنا أصواتاً تتحدث عن السلاح الشرعي وعن ضبط الأمن. أي أمن هذا؟ هل هو أمن إسرائيل؟ وأي سلاح شرعي هذا الذي يعمل تحت حراسة العدو ووفق توجيهاته؟ أين كان هذا السلاح عندما تعرض شعبنا للاعتداءات المتكررة من المستوطنين؟ ومن الذي أعطاه هذه الشرعية؟».
وأضاف الهندي أن «ما حدث في قلقيلية هو تماماً ما حدث في غزة وأوصلنا إلى الاقتتال والانقسام»، متسائلاً: «هل يمكن أحداً أن يتصور كيف يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في الضفة؟ إذا كانت حماس قد حسمت في غزة، فكم غزة يمكن أن تنتشر في محافظات الضفة؟».
إلى ذلك، ألغت إسرائيل عمليات تفتيش السيارات الفلسطينية عند حاجزين للجيش في الضفة الغربية، وهي خطوة تأتي بعد يوم من اجتماع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن. وقال متحدث عسكري إن «الجنود لن يوقفوا السيارات الفلسطينية عند نقطة تفتيش عطارة شمالي رام الله، ما سيسمح بسهولة المرور بين المدينة وهي مركز تجاري رئيسي وبين شمال الضفة الغربية».