القاهرة | رغم اكتمال صدور القوانين اللازمة للإعلان عن الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية المصرية والمصادقة عليها من رأس الدولة، فإن اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات لم تعلن الجدول الزمني، حتى الآن، بانتظار استكمال تقارير جهات أمنية ووزارات معنية بالعملية الانتخابية قبل وضع الجدول في غضون أيام قليلة. ووفقاً لمصدر في اللجنة، تحدث إلى «الأخبار»، فإن الجوانب الإدارية للانتخابات لم تكتمل نهائياً، كتنقية جداول الناخبين من المتوفين أو إضافة أسماء جديدة وصل أصحابها إلى الثامنة عشرة، كما ينص الدستور.
المصدر أوضح أن اللجنة تبحث إمكانية إجراء الانتخابات على مرحلتين فقط «اختصاراً للوقت وترشيداً للنفقات»، وهو الاختيار الذي لم تعط فيه وزارتا الدفاع والداخلية، حتى الآن، رداً حاسماً، وخاصة لما يستلزمه من استنفار أمني في عدد كبير من المحافظات خلال وقت قصير، على عكس لو كان عدد المراحل ثلاثاً كما كان يحدث سابقا. لكن اللجنة ترى أنه من الناحية الفنية يمكن إتمام الانتخابات على مرحلتين بالاستعانة بعدد أكبر من القضاة، وهو ما يختصر نحو شهر من الجدول المتوقع.
وعُلم أن مراقبة عملية الإنفاق الدعائي على الانتخابات ستكون «مهمة أساسية» لأعضاء اللجنة مع انطلاق مرحلة الترويج، بالإضافة إلى مراقبة الحياد الإعلامي وحملات المرشحين، وخاصة خلال مرحلة الصمت الانتخابي التي تسبق التصويت.
رغم ما سبق، بدأت حملة شبه رسمية للدعاية، إذ امتلأت شوارع القاهرة والمحافظات المختلفة بلافتات لعشرات المرشحين المحتملين وهم يهنئون المواطنين بالعام الجديد والمولد النبوي، بالإضافة إلى تهنئة الأقباط بأعيادهم، علما بأن هذه اللافتات لا تظهر عادة إلا قبل الانتخابات، وفيها تعبير عن عودة المال للتحكم في العملية الانتخابية مرة أخرى، وإن كان يتوقع أن تخالف أسلوب تقديم «الزيت والسكر»، كما في عهد جماعة «الإخوان المسلمون».
والانتخابات المقبلة ستعيد البرلمان بعد غياب لأكثر من 30 شهراً عقب حكم من المحكمة الدستورية العليا في حزيران 2012 بحل المجلس المنتخب «لعدم دستورية قانون الانتخابات»، ويبدو أن التصارع فيها بدأ مبكراً بين المرشحين الذين لم ينتظر بعضهم قرارات حزبه باختياره أو استبعاده، لكنه سارع إلى إطلاق حملته الدعائية.
ويعول عدد محدود من الأحزاب والقوى على الوعي السياسي للجمهور، مثل حزبي «الكرامة والتيار الشعبي» وعدد آخر من التيارات الناصرية والشبابية، فيما تعول تيارات أخرى على الدعايات المكثفة إلى جانب المؤتمرات الحاشدة لمرشحيها، مثل «الوفد والمصريين الأحرار» المتوقع أن يكونا من أصحاب الإنفاق الأضخم في الحملات الدعائية لمرشحيهم، في ظل تراجع قدرات «النور» على الإنفاق بكثافة في المقاعد الفردية أو القوائم. واللافت أن بعض الدعايات المكثفة صاحبها دعم حكومي لعدد من المرشحين على حساب منافسيهم، وهو ما ظهر بوضوح في الموافقة على تخصيص أرض لمصلحة مؤسس حركة «تمرد»، محمود بدر، لإنشاء مصنع عليها يوفر فرص عمل لأبناء الدائرة، مع الأخذ في الاعتبار وجود تنافس شديد على مقعد الدائرة الانتخابية في الدائرة التي ينافس فيها بدر عمه الصحافي عمرو بدر، المعروف بانتمائه إلى التيار الناصري.
كذلك ساند عدد من الوزراء بعض المرشحين في محافظات مختلفة، منهم وزيرا الصحة والبترول اللذان دعما المرشح على مقعد الفئات في دائرة زفتي (محافظة الغربية)، محمد فودة، عبر تنفيذ مشروعات جديدة في الدائرة وإنهاء مشاريع متوقفة، رغم الشبهات الكثيرة التي تحيط بفودة، إذ سبق أن تعرض للسجن بحكم قضائي أثبت تقاضيه رشى.
في المقابل، تحاول الحكومة مواجهة ترشح عدد من رموز نظام حسني مبارك المبرئين بأحكام قضائية (راجع العدد ٢٤٨٠ في ٢٧ كانون الأول ٢٠١٤)، ولا يزال في مقدمهم رجل الأعمال البارز، أحمد عز، الذي يحظى بـ«حب أبناء» دائرته ويطالبونه بالترشح، ولكنه يواجه اعتراضات رسمية باعتباره أحد مهندسي تزوير الانتخابات في 2010، وهي الحادثة التي أدت إلى خروج الملايين في الثورة التي أطاحت نظام مبارك مطلع 2011. كما يواجه نواب «الحزب الوطني» المنحل حملات إعلامية ضدهم من أجل منعهم من الترشح، ومن بينهم رجل الأعمال هاني سرور الذي اتهم في قضية أكياس الدم الفاسدة، والنائب السابق حيدر بغدادي، علماً بأن المرشحين الذين أعلنوا عزمهم على خوض الانتخابات مع فتح باب الترشيح رسمياً ليسوا مدانين في أي قضايا تمنعهم من الترشح رسمياً.