خاص بالموقعبغداد ــ الأخبار
يقترب موعد الثلاثين من حزيران الجاري، التاريخ المفترض لانسحاب القوات المحتلة من المدن العراقية، وترتفع معه وتيرة التشكيك والاستعداد والتحذير من تداعيات أمنية يُحتمل أن تواكب هذا الاستحقاق.
وتبدو حكومة نوري المالكي كمن يضع قلبه على يده؛ من جهة تحذّر من ارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية مع اقتراب هذا التاريخ، ومن ناحية أخرى تدعو الشعب إلى الاحتفالات والمهرجانات لتخليد «ذكرى الجلاء». كما أنّ حكومة المالكي نفسها ترغب في جعل هذا التاريخ محطة لدفع عملية المصالحة الوطنية قدماً، إذ تنوي، بحسب تقارير إعلامية غربية، إزالة الحواجز الطائفية التي تفصل بين أحياء بغداد منذ اندلاع الحرب الطائفية في بلاد الرافدين.
وقد حذر المالكي، أمس، من تصاعد «العمليات الإرهابية» مع اقتراب موعد انسحاب قوات الاحتلال من المدن في الثلاثين من الشهر الجاري، تطبيقاً لبنود الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية.
وقال المالكي، في كلمة له خلال مؤتمر ضم كبار القادة الأمنيين، يتقدمهم وزيرا الدفاع عبد القادر العبيدي، والداخلية جواد البولاني إن «العمليات الإرهابية ستشتد، وسيحاولون أن يعطوا طابعاً بأن الأجهزة الأمنية فشلت في أداء مهمّاتها مع اقتراب انسحاب القوات المتعددة الجنسيات». وطالب المالكي القادة الأمنيين بأن يجعلوا مرحلة انسحاب القوات الأميركية تأخذ طابع «الفرح والمهرجانات».
وبنبرة يشوبها الحذر، أشار إلى أن «المقاتل يجب ألّا يسترخي، ويجب أن تكون يده على الزناد لأننا ما زلنا في دائرة التآمر والتحدي والإرهاب والكيد الذي يريد أن يسقط كل الإنجازات التي حققناها».
وجدّد رئيس الوزراء التأكيد على سعي بلاده إلى بناء علاقات إيجابية مع دول الجوار، لافتاً إلى أن «العراق لم يعد يفكر يوماً في أن يعتدي على أحد، لكنه قطعاً يفكر كيف يحمي نفسه من الاعتداء فيما لو حصل».
وقد زاد البولاني الطين بلّة من ناحية إثارة القلق في نفوس العراقيين، عندما كشف أنه كانت في وزارة الداخلية «76 دورية، وكانت نصف سياراتها غير جاهزة، والنصف الآخر كان يستخدم للخطف والسلب، في مرحلة تعدّ من أصعب المراحل التي مرّ بها العراق». وتابع «في عام 2006 كنا نبحث عن الاستراتيجيات لتطوير الملف الأمني، وكان لدينا 173 مخفراً، والآن لدينا 691 مخفراً، وهناك 50 مخفراً تحت الإنشاء، وقد تسلمنا ألوية كان أفضلها يضم ألف منتسب، أما الآن، فاللواء يصل إلى 13000 منتسب».
ودعا البولاني الحكومة إلى تقديم المزيد من الدعم إلى الأجهزة الأمنية بغية تطوير قدراتها، كما حث المواطنين على التعاون مع هذه الأجهزة تعاوناً أوسع.
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة الـ «غارديان» البريطانية، أمس، أن حكومة بغداد تخطّط لإزالة شبكة من الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة في بغداد، كانت قد نصبتها في أوج المواجهات الطائفية، في إطار خطوة تهدف إلى تشجيع عملية المصالحة الوطنية.
وأوضحت الصحيفة أن تحسّن الوضع الأمني أدى إلى دفع حكومة المالكي إلى الإيعاز لفرق من الشاحنات والرافعات التابعة لبلدية بغداد، بالتحرك تحت جنح الظلام لإزالة تلك الحواجز من العاصمة «شارعاً بعد شارع». ونسبت إلى متحدث باسم وزارة الدفاع العراقية قوله إن «معظم الحواجز الإسمنتية سيزول من شوارع بغداد في نهاية العام الجاري»، كما نقلت عن رئيس قسم الإنشاء والتنمية في بلدية بغداد علي داوود إشارته إلى أن هذه الحواجز «تمثل حالياً أكبر عقبة أمام نفح حياة جديدة في عاصمتنا، لكن برنامج إزالتها ينمو يوماً بعد يوم وحسب مقتضيات الأوضاع الأمنية».
وشدّدت الصحيفة نفسها على أن خطة إزالة الجدران الإسمنتية «جزء من توجّه واسع النطاق لتجميل بغداد المثخنة بالجروح»، مفصحة عن أن الحكومة «ستحتفظ فقط بالجدران التي تحمي وزاراتها وأبنيتها».
على صعيد آخر، أعلنت «هيئة علماء المسلمين في العراق»، أن عملها، بعد تخويل 13 من فصائل المقاومة إيّاها التحدث باسمها، «سيستمر في مقاومة المشاريع التي صنعتها أميركا حتى بعد الانسحاب الأميركي الكامل من العراق».
وأوضح المتحدث باسم «الهيئة»، بشار الفيضي، أنه «لا يمكننا أن نكتفي بانسحاب القوات الأميركية من العراق، بل سنستمر حتى تغيير واشنطن لمشاريعها، وإنهاء الحكم الطائفي والموالي للاحتلال، ما يعني أننا سنبقى في قلب المعركة».
وعن الدور الذي سيؤديه الأمين العام للهيئة، الشيخ حارث الضاري إثر إعلان مجموعة من الفصائل المسلّحة تمثيله إياها، قال الفيضي «هذا التخويل سيكمل المشروع الذي يتبناه الشيخ الضاري، ونحن لدينا خطاب سياسي، وتخويل المقاومة لنا سيسهم في إنجاح القوى الوطنية، ولا سيما أن حق التخويل لنا هو تخويل سياسي».
وعما إذا كانت الفصائل المسلحة قد فرضت شروطاً على الهيئة في مقابل التخويل، أوضح الفيضي أن «هناك ثوابت متفقاً عليها بيننا وبين فصائل المقاومة، ولا توجد شروط، ولكن لا يمكن أن نخالف الثوابت التي تتبنّاها المقاومة في العراق».
على صعيد عراقي آخر، بشّر نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بأنّ الحكومة التركية وافقت على زيادة الحصة المائية للعراق إلى 500 متر مكعب في الثانية، وذلك بعدما انخفضت في الأيام الماضية إلى مستوىً متدنٍّ يراوح ما بين 290 و390 متر مكعب في الثانية، ما أدى إلى شحّ في تدفق مياه نهرَي دجلة والفرات إلى بلاد الرافدين.
ونقل بيان عن مكتب الهاشمي، الذي يزور أنقرة حالياً، قوله إن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان «أجرى اتصالاً هاتفياً بحضوره مع وزير الطاقة التركي من أجل زيادة حصة العراق المائية»، متحدثاً عن بعض المشاكل الفنية التي تستدعي المراجعة بين البلدين من دون الكشف عن طبيعتها.
غير أن الهاشمي أشار إلى أنه «لا يكفي أن تطلق تركيا كمية المياه، إذ لا بد اليوم من التحاور مع سوريا أيضاً لإيضاح كم سيصل من هذه الحصة إلى العراق».