أعطى الأولويّة لاستثمارات الشركات الإيطاليّة... ودعا إلى «ثورة نسائيّة» اختتم الزعيم الليبي، معمر القذافي، زيارته الرسمية الأولى إلى إيطاليا، بعد سلسلة من اللقاءات التي هدفت إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوثيق التعاون في قضايا الاقتصاد والهجرةأنهى الزعيم الليبي معمر القذافي، أمس، زيارته الرسمية إلى إيطاليا التي استغرقت ثلاثة أيام، على أن يبدأ اليوم استقبالات غير رسمية في خيمته التي نُصبت في حديقة «فيلا بامفيلي» العامة في روما.
وعلى الرغم من إلغاء زيارته إلى مجلس النواب الإيطالي مساء أمس بقرار من رئيس المجلس جانفرانكو فيني، بسبب تأخره عن الموعد المحدد بساعتين، التقى القذافي أمس 700 سيدة من أوساط الأعمال والسياسة والثقافة، خصّصها لبحث حقوق المرأة في العالمين الأفريقي والإسلامي.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية «اكي» عن القذافي قوله، في الكلمة التي ألقاها أمامهن، «في العالم الإسلامي لا أعتقد أن المرأة كإنسان لها حقوق وواجبات. بل مجرد قطعة من الأثاث ومادة يجري تغييرها حسب الرغبة، وخاصة إذا كان لدى المرء المال والنفط». وأضاف «إن العالم في حاجة إلى ثورة نسائية تقوم على ثورة ثقافية».
كما اجتمع القذافي بعدد من كبار رجال الأعمال الإيطاليين، تعهّد أمامهم إعطاء الشركات الإيطالية الراغبة في الاستثمار في بلاده الأولوية، لكنه حذّرهم في المقابل من «إفساد» الشعب الليبي. وقال «إن أي شركة تحاول الاستفادة على حساب الشعب الليبي ستجبر على مغادرة البلاد». وأضاف «إذا اكتشفنا هذه الممارسات فعلى الشركات المعنية مغادرة البلاد».
ورأى القذافي «أن الشركة التي تنجح هي تلك التي يستفيد منها الشعب الليبي، فلا تقولوا إنكم لم تعلموا بذلك، فأنا حذرتكم، ثورتنا لم تكن مجرّد ثورة ضد الاستعمار، بل أيضاً لمكافحة الفساد، ونحن حسّاسون للغاية تجاه هذه المسألة». ولفت القذافي إلى أن غالبية الحاجات الإيطالية في مجال الطاقة تأتي من ليبيا، مشيراً إلى أنه «إذا أرسلت ليبيا النفط والغاز إلى دول أخرى، فستُلحق ضرراً كبيراً بإيطاليا، ولا يجوز أن تقوم بذلك». وتابع غامزاً من قناة رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلوسكوني، «إذا حكم اليسار البلاد في إيطاليا، فإن أرباح الشركات ستكون أقل، ولكن ما دام برلوسكوني حاكماً فإن الفرص المتاحة للشركات ستكون أعلى».
وعلى الرغم من ثناء القذافي على برلوسكوني لتوقيعه اتفاق الصداقة مع طرابلس، وإشادته بـ«شجاعته في اتخاذ هذا القرار التاريخي بالاعتذار إلى الشعب الليبي عن الاحتلال والاستعمار»، فإنه وضع مضيفيه أول من أمس في موقف حرج، عندما ألقى كلمة في ميدان كامبيدوجليو الشهير، قال فيها إنه «لو كان الأمر بيده لألغى الأحزاب السياسية ومنح الشعب الإيطالي السلطة المباشرة». ورأى أن «النظام الحزبي يجهض الديموقراطية».
وبعيداً عن العلاقات الإيطالية ـــــ الليبية، اتهم القذافي الولايات المتحدة، أول من أمس، بأنها سلمت العراق لتنظيم «القاعدة» بإطاحتها الرئيس العراقي السابق، صدام حسين. وقال، في خطاب ألقاه أمام أعضاء في مجلس الشيوخ الإيطالي، «كان العراق حصناً في وجه الإرهاب، أما الآن، وبسبب التدخل الأميركي، فقد بات العراق مساحة مفتوحة للقاعدة».
كما تطرّق القذافي في خطابه إلى القصف الأميركي الذي تعرضت له ليبيا عام 1986، فاتهم واشنطن بأنها تصرفت مثل زعيم تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن. ورأى أنه ينبغي للعالم أن يتّسع لمختلف الأنظمة بما في ذلك ليبيا «الثورية». وشكا من عدم الحصول على «مكافأة» لقاء نبذ أسلحة الدمار الشامل، وقال إنه كان يأمل أن تكون ليبيا نموذجاً تحتذي به الدول الأخرى، لكن بلاده لم تحصل على أي مكافأة من العالم.
ولم تخلُ زيارة القذافي من الاحتجاجات والمواقف الحرجة، خلال زيارته جامعة روما. فبعد إلقائه كلمة قال فيها إنه سيضغط على الدول الصناعية خلال قمة مجموعة الثماني، التي تستضيفها إيطاليا في تموز المقبل، لتقديم التزام بتعويض الدول الأفريقية عن فترة الاستعمار، توجه إليه أحد الطلاب بسؤال عن الانتخابات الليبية، قائلا «متى ستجرى انتخابات حرة في ليبيا؟»، و«ما هو تعريفك للديموقراطية؟ إنها لا تعني مجرد إقامة مدراس ومستشفيات. فحتى (ديكتاتور إيطاليا وقت الحرب بنيتو) موسوليني فعل ذلك». كذلك، تحدّى طالب آخر القذافي بشأن سجل ليبيا في مجال حقوق الإنسان، واستشهد بتقرير لمنظمة العفو الدولية عن أوضاع الأجانب في السجون الليبية وحقوق المهاجرين الذين يُعادون من أوروبا ويحتجزون في ليبيا.
أما خارج قاعة المحاضرات، فتظاهر عشرات الطلاب تنديداً بالزياة. وحمل المتظاهرون قوارب مطاطية، ووقفوا أمام صفوف من شرطة مكافحة الشغب، في إشارة إلى الطريقة التي يلجأ إليها آلاف المهاجرين غير الشرعيين سنوياً لمغادرة السواحل الليبية متجهين إلى إيطاليا. كما رفعوا لافتات احتجاجية كتب على إحداها «تاجر الموت».
كذلك، لقيت زيارة القذافي تنديداً في الصحف الإيطالية. وكتبت صحيفة الأعمال «ايل سولي 24 اوري»، «لا يمكن تبرير تناسي تاريخ الزعيم الليبي بدواعي المصلحة العليا»، واصفةً القذافي بأنه «أحد أسوأ المستبدّين الحاكمين حالياً».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)