Strong>لا قدس ولا حقّ عودة ولا تجميد للاستيطان ولا سيادة للدولة الفلسطينيّةرفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجموعة من اللاءات في وجه الدولة الفلسطينية، التي فرّغها من مضمونها ولم يُبقِ منها إلّا الاسم، واشترط التفاوض على قيامها بالاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل، رافضاً في الوقت نفسه اعتبار المستوطنات عقبة أمام السلام في المنطقة

علي حيدر
أعرب بنيامين نتنياهو عن استعداده للاعتراف بدولة فلسطينية تقوم إلى جانب إسرائيل، لكنه اشترط لذلك اعترافاً فلسطينياً «علنياً وصريحاً» بإسرائيل دولةً قومية للشعب اليهودي. وشدّد على وجوب أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، فضلاً عن عدم السماح لها بعقد أي تحالفات عسكرية. وشدّد على وجوب التوصّل إلى «اتفاق واضح على إيجاد حل لمشكلة اللاجئين خارج حدود دولة إسرائيل»، وعلى أن تبقى القدس عاصمة موحّدة وأبدية للدولة العبرية.
وتطرق نتنياهو، في بداية كلمته التي ألقاها في جامعة بار إيلان أمام ما يقرب من 300 شخصية، بينهم أعضاء كنيست ووزراء ودبلوماسيّون أجانب، إلى «التحديات الثلاثة التي تواجه إسرائيل: التهديد الإيراني، الأزمة الاقتصادية وعملية السلام». ورأى أن «الخطر الأكبر على إسرائيل، والشرق الأوسط والإنسانية كلها يكمن في اجتماع الإسلام المتطرف مع السلاح النووي». لافتاً إلى أن هذا الخطر «أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى في ضوء نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية»، في إشارة إلى فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وبرّر نتنياهو مطلب تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح بالقول إنه بدون ذلك «ثمّة خشية من أن تقوم إلى جانبنا دولة إرهابية مسلّحة، كما حدث في قطاع غزة»، مؤكّداً أن «الشعب الإسرائيلي لا يريد صواريخ غراد تسقط على تل أبيب أو على مطار بن غوريون». وأوغل في شرطه بالقول «ليس بإمكان الفلسطينيين إدخال صواريخ أو إنشاء جيش أو أن يكون لهم مجال جويّ مغلق أمامنا، أو عقد تحالفات مع إيران وحزب الله». وطالب بضمانات من المجتمع الدولي بشأن تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح.
ورفض نتنياهو مقولة إن المستوطنات تمثّل عقبة أساسية أمام مسيرة السلام. وقال «من يعتقد بأن الكراهية المستمرة سببها المستوطنات، فهو يقلب السبب إلى نتيجة. فالهجمات ضدنا بدأت في العشرينات، وتفاقمت في الأربعينات ووصلت إلى الذروة في الستينات، في محاولة لخنق دولة إسرائيل». ولفت إلى أن «كل ذلك حصل قبل خمسين سنة من وجود جندي إسرائيلي واحد في يهودا والسامرة».
وأكد نتنياهو أن الانسحابات الأحادية لن تتكرر، مبرراً ذلك بأن «كل انسحاب قمنا به انتهى بإرهاب وهجمات صاروخية». وخلص إلى «أن مقولة الإخلاء يقرب السلام لم تصمد حتى اليوم أمام اختبار الواقع».
وأيد نتنياهو رؤية الرئيس الاميركي باراك أوباما، للسلام الإقليمي، وحث زعماء الدول العربية والفلسطينيين على الشروع فوراً في إجراء مفاوضات سلمية مع إسرائيل من دون شروط مسبّقة، موضحاً أنه على «استعداد للاجتماع مع هؤلاء الزعماء سواء في الرياض أو في دمشق أو في بيروت أو في القدس».
وناشد نتنياهو زعماء الدول العربية التعاون مع إسرائيل والفلسطينيين لتحقيق السلام الاقتصادي، ودفع مشاريع اقتصادية قدماً، مثل إزالة ملوحة مياه البحر، والطاقة الشمسية. ودعا أصحاب المشاريع الاقتصادية «الموهوبين» في الخليج إلى التعاون مع إسرائيل والفلسطينيين لإقامة مناطق صناعية واقتصادية وسياحية. وأوضح «أن السلام الاقتصادي ليس بديلاً عن السلام السياسي، ولكنه عنصر هام في تحقيقه».
وأظهرت ردود الفعل في الحلبة السياسية الإسرائيلية على خطاب نتنياهو أن اليمين غاضب، فيما لم يتحمّس اليسار للخطاب، لكن رئيسة حزب «كديما» تسيبي ليفني وصفته بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليفني قولها إنه «بعد شهور جر فيها إسرائيل إلى الزاوية السياسية خطا نتنياهو اليوم خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن بسبب أدائه، وحتى الشكل الذي استعرض فيه أقواله هذا المساء فإن امتحانه سيكون في أفعاله لا بكلماته».
بدوره أعلن حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف الشريك في الحكومة بعد الخطاب أنه يعتزم «دراسة خطواتنا المقبلة على ضوء الانعكاسات الخطيرة لخطاب نتنياهو».
وقال عضو الكنيست اليميني المتطرف، أرييه إلداد، من حزب «الوحدة الوطنية»، إن «نتنياهو فقد قيادة المعسكر القومي، وبموافقته على دولة فلسطينية منزوعة السلاح يحاول نتنياهو أكل خنزير ذُبح بصورة شرعية، لكن لا توجد بهيمة كهذه».
كذلك انتقد اليسار الإسرائيلي خطاب نتنياهو. وقال رئيس حزب «ميرتس»، حاييم أورون، إنه «رغم أن خطاب رئيس الحكومة تميز بتحرك مشجّع ممّن حذّر طوال حياته العامة من قيام دولة فلسطينية، فإنه يعترف في نهاية المطاف بقوانين التاريخ وبالحاجة إلى قيامها».