حظي خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بإطراء من كل أطراف الساحة السياسيّة الإسرائيلية، فيما كرّر «بيبي» في مقابلة تلفزيونية المواقف التي وردت في خطابه ودافع عنها
علي حيدر
كرر رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، أمس تمسكه بالشروط التي وضعها لقيام دولة فلسطينية. ودعا الفلسطينيين إلى الاعتراف بإسرائيل دولةً يهودية، موضحاً أن السبب الذي دفعه إلى اشتراط أن تكون «الدولة» منزوعة السلاح هو حتى لا تمثّل تهديداً «للدولة اليهودية».
وقال نتنياهو، في أول مقابلة له مع شبكة «أن بي سي» الأميركية بعد الكلمة التي ألقاها في جامعة بار إيلان: «كما يتوقعون منا أن نعترف بدولة فلسطينية، عليهم أن يعترفوا بإسرائيل دولةً يهودية». وأضاف: «إن لإسرائيل الحق في المطالبة بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح»، مشدداً على أن هذا الأمر «يُرسي الأسس لسلام مستقبلي».
ورد نتنياهو على الاتهامات الفلسطينية بأنه يريد إقامة غيتو فلسطيني، بالتعبير عن أمله أن «يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلى جنب كشعب حر بوفاق، لا بعداوة». وأوضح أن «هذا ليس مناورة نظرية، بل يوجد جيب فلسطيني في غزة، تلقينا منه 7000 صاروخ، ومن غير الممكن أن يكون هناك صواريخ على تل أبيب، ستجعل الحياة مستحيلة».
وبخصوص موقفه من الطلب الأميركي وقف استمرار البناء في المستوطنات، تهرب نتنياهو من الجواب المباشر، وقال: «بالإرادة الطيبة يمكن التوصل إلى تفاهم مشترك مع الرئيس أوباما». وكرر التزامه عدم بناء مستوطنات جديدة، وعدم الخروج عن الخط القائم. وأوضح قائلاً: «تحدثت عن هذا الموضوع عدة مرات مع السيناتور جورج ميتشل (المبعوث الأميركي للشرق الأوسط) عندما زارنا هنا».
وفي السياق، أثنى وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، على خطاب نتنياهو، مشيراً إلى أنه «وازن بين طموحنا للسلام والمحافظة على الأمن» وأنه «فتح باباً أمام الفلسطينيين والدول العربية للبدء فوراً في مفاوضات من أجل السلام». وعبّر عن أمنيته أن يقدم الجانب الثاني اقتراحه لاستئناف المفاوضات.
ومن اللوكسمبورغ، أعرب ليبرمان عن استعداد حكومته للتفاوض مع «كل الدول العربية بما فيها سوريا»، رغم شروط نتنياهو. وقال ليبرمان «نحن مستعدون للجلوس فوراً مع الفلسطينيين، ومع السوريين ومع الدول الأخرى أيضاً من دون شروط مسبقة».
بدوره، وصف وزير الدفاع، إيهود باراك، خطاب نتنياهو بأنه «هام وفتح باباً حقيقياً أمام مفاوضات جدية لدولتين لشعبين» وبأنه «خطوة هامة بالاتجاه الصحيح». وأثنى على نتنياهو نفسه بالقول إنه «أظهر جدية، ومسؤولية وشجاعة»، داعياً إلى احترام الخطوة الشجاعة التي أقدم عليها رئيس الحكومة.
ولفت وزير الدفاع إلى أن «هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها نتنياهو بوضوح عن دولة فلسطينية مع علم ونشيد وطني كهدف للمفاوضات». ورأى أنّ المطالبة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بدولة إسرائيل دولةً للشعب اليهودي وحل مشكلة اللاجئين خارج حدود إسرائيل هي أمور «بديهية».
كذلك عبّر باراك عن رضاه عن قول نتنياهو بعدم بناء مستوطنات جديدة أو مصادرة أراضٍ.
أما وزير الرفاه عن حزب «العمل»، يتسحاق هرتسوغ، فرأى أن خطاب نتنياهو «إحدى ثمار مشاركة حزب العمل في الحكومة، إلى جانب الموازنة وكبح مشاريع عنصرية لإسرائيل بيتنا»، واصفاً المواقف التي أطلقها نتنياهو بأنها «دفعت مسيرة الدولتين ومبادرة السلام الإقليمية إلى الأمام».
بدوره، وصف نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشي يعلون، خطاب نتنياهو بأنه «بلورة للإجماع الوطني الإسرائيلي في مقابل الرفض الفلسطيني»، مشدداً على أن هذا الموقف «يعبّر عن رأي الأغلبية الصهيونية» وأن رئيس الحكومة لم يأت بمواقف جديدة.
وأضاف يعلون، في مقابلة مع إذاعة الجيش: «إذا كان الكيان السياسي الفلسطيني منزوع السلاح مع ضمانات دولية في هذا الشأن، إلى جانب شرط عدم عودة اللاجئين لحدود إسرائيل، وشرط الاعتراف بوجود دولة إسرائيل دولةً يهودية، فليسموا ذلك كما يريدون». وتابع قائلاً إن نتنياهو «عرض بوضوح شروطه لإقامة دولة فلسطينية، لا أريد السيطرة عليهم، ولا أريد أن يصوتوا لكنيست إسرائيل».
وأضاف يعلون أن خطاب نتنياهو لا يختلف عن المواقف التي عرضها خلال زيارته إلى واشنطن، وفي المفاوضات لتأليف الحكومة مع رئيسة «كديما» تسيبي ليفني، التي اتهمها مع رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت بأنهما تراجعا أمام الفلسطينيين.
وعن حق عودة اللاجئين، قال يعلون: «لن نسمح حتى لفلسطيني واحد بالعودة»، مشيراً إلى أن المستوطنات «لم تكن يوماً عقبة أمام السلام». ووصف النقاش عن حل الدولتين بأنه «مبتذل، لأن الحديث يدور عن دلالات لفظية».
ولم يقتصر الثناء على خطاب نتنياهو على الشخصيات الحكومية، بل شمل أيضاً رئيسة المعارضة تسيبي ليفني، التي قالت خلال جلسة لكتلة «كديما»، إن خطاب نتنياهو «خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح رغم أنها متأخرة، وأتت بتردد وتحت الضغط، مع استخدام كبير لكلمات «إذا» و«لكن»، إلا أنها في الاتجاه الصحيح». لكنها عادت ولفتت إلى أن الخطاب وحده لا يكفي، لكن الاختبار هو في تنفيذ المطلوب. وأكدت أنه إذا اتضح أنّ الكلمات تُرجمت إلى مبادرة حقيقية، فإن «كديما» سيدعم ذلك، أما إذا تبين أن الكلمات مجرد ضريبة شفوية، وأن هناك جموداً على أرض الواقع يسبب أضراراً لإسرائيل، فإن «المعارضة ستهاجم».
ورأت ليفني هذا الوضع اختباراً لنتنياهو ولـ«كديما» بوصفه معارضة. وأشارت إلى أن «مبدأ الدولتين يمثّل أولاً وقبل أي شيء آخر مصلحة إسرائيلية بارزة ووجودية». وأضافت: «قدمنا هذا المبدأ، ودفعناه في الحكومة السابقة، وقاتلنا من أجله في الانتخابات وبعدها، وعلى الرغم من الدعاية والشعارات، بادرنا ولم ننجرّ في أعقاب الضغوط، لأننا نؤمن بأن هذا هو الصحيح لإسرائيل».