إنماء ليس للمناطق وإجراءات استباقية لأزمة غير معترف بهامحمد وهبة
عقد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لقاءً في السرايا الكبيرة أمس، دعا إليه مجموعة من المصرفيّين وممثلي البنك الدولي، وبعض الوزراء الحاليين والسابقين ورؤساء مؤسسات حكومية، بهدف مناقشة الورقتين اللتين أقرّتهما الحكومة بعنوان «الخطوات الاستباقية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية العالمية» و«إنماء المناطق». وقال مشاركون لـ«الأخبار»، إن هاتين الورقتين أثارتا الكثير من الانتقادات والتحفّظات، ولا سيما أن بعض المؤسسات المعنية جرى تغييبها بالكامل عن المشاركة في وضع بنود الورقتين، كما أن توقيت طرحهما لا يخلو من أهداف سياسية فاقعة، إذ إن عمر الحكومة شارف على الانتهاء، وستكون حكومة تصريف أعمال بعد نحو أسبوع. وأكثر ما يثير الاستغراب أن الورقة الأولى تناقش كيفية وضع خطوات استباقية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، فيما العالم تخطّى هذه المرحلة، ويبحث اليوم كيفية تجنّب «تداعيات الخروج من الأزمة».
ووصف وزير المال السابق جورج قرم المسألة بأنها «كوميديا وحركة إعلامية»، فهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها السنيورة بمثل هذه الحركة، إذ إنّه في عام 2004 انتظر حتى انتهت مدة ولاية الحكومة التي كان فيها وزيراً للمال ثم قدّم ورقة عمل تضمّنت نحو 40 مشروعاً إصلاحياً، علماً بأن وجوده في السلطة كان عمره 12 سنة (باستثناء فترة حكومة الرئيس الحص). أمّا الآن، فهو يكرّر الاستعراض نفسه، إذ إن الأزمة انفجرت منذ 10 أشهر، فما نفع أي ملاحظات يضعها الخبراء لمعالجة تداعيات الأزمة؟
ويعلّق قرم على ورقة «إنماء المناطق» بالقول: «صحّ النوم، فالرئيس السنيورة في السُّلطة منذ أكثر 15 سنة، واليوم فقط تذكّر أنه يجب أن يضع استراتيجية تنمية للمناطق». علماً بأن هذه الورقة تُشبه الخطة التي أعدّها السنيورة للمناطق عندما زاد عليها ساعات التقنين لتنعم بيروت بالكهرباء 24 ساعة يومياً، كما أنه «أعدَمَ» الخطة التنموية القطاعية التي أعدّها خبراء لمجلس الإنماء والإعمار منذ سنوات لترسم طريق الاستثمارات الحكوميّة.
أما الخبير الاقتصادي غازي وزني، فيوضح أن صندوق النقد الدولي يبحث اليوم في كيفية تأمين الخروج من الأزمة، وبالتالي كان يجب أن يكون هذا اللقاء «في أيلول الماضي، حين انفجرت الأزمة». لكن سبب اللقاء «سياسي، لإلزام أي حكومة مستقبليّة بالخطوات التي وضعها السنيورة فقط، وخصوصاً أن النائب سعد الحريري هو المرشّح لرئاسة الحكومة المقبلة».
والملاحظ أن النقاط التي تضمنتها الورقتان، كانت في رأي بعض المشاركين في اللقاء «عبارة عن تجميع لمشاريع موجودة في مجلس النواب أو في الوزارات».
وقد أثار بعض المشاركين مسألة تغييب مؤسسات معنية، حيث رفض رئيس مجلس إدارة مؤسسة تشجيع الاستثمارات «إيدال» نبيل عيتاني هذه الخطّة التي لم يؤخذ رأي «إيدال» فيها، رغم أنها أكثر مؤسسة معنية بموضوع الاستثمارات، متسائلاً لماذا جرى تغييبها، وبأي دوافع؟ وقد وجّه كلامه إلى السنيورة قائلاً: «المشاريع المطروحة لا تجيب عن الأسئلة التي تثيرها الورقتان». وشكّك آخرون في تغييب اتحادات البلديات عن ورقة تنموية، علماً بأنها المؤسسات التي يُفترض أن تتعاطى بالعملية التنموية في المناطق، إلّا إذا كانت التنمية بمفهوم السنيورة «تزفيت شارع أو تبليط رصيف...»، وانتقد آخرون أن تعدّ مشاريع مثل «ليبنور»، و«إليسار» ومركز بيروت للمؤتمرات (بيال) على أنها مشاريع قطبية في لبنان، أي مركزية ورئيسية وغير قابلة للاستغناء عنها!
ولفت المشاركون إلى تغييب المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي يجب أن يكون الحاضن لأي حوار اقتصادي اجتماعي وتنموي، كما لم توجّه أي دعوة إلى الاتحاد العمالي العام. وأوضح بعض الخبراء من خارج اللقاء، أن التطورات التي كان يفترض أن تكون تداعيات للأزمة العالمية، تجنّبها لبنان «من دون أن يكون للحكومة أي دور في ذلك»، لافتين إلى أن «السنيورة يحاول نسب بطولات إلى نفسه».


57 في المئة

من الناتج المحلي الإجمالي، هي قيمة التدفقات الخارجية الصافية الناتجة من صادرات الخدمات ورؤوس الأموال والمداخيل وتحويلات العاملين في الخارج، وذلك لعام 2008، في مقابل 44 في المئة للنسبة نفسها في عام 2007


منع «الأخبار»