مهدي السيدحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أمس، من مغبّة الوقوع في فخّ التضليل إزاء ما يحصل في إيران، على خلفية نتائج الانتخابات، مشيراً إلى أنه «لا فرق بين الفريقين المتنافسين لجهة التطرف الديني». وقال، في حديث إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي من باريس، «لا تنخدعوا بـ(المرشح الإصلاحي الخاسر وفق النتائج محمد مير) موسوي، ولا ينبغي أن تختلط علينا الأمور إزاء ما يحصل في إيران، فالأمر يتعلق الآن بنظام آيات الله، وهؤلاء الأشخاص هم في الإجمال متديّنون متطرفون».
تحذير لم يمنع مطلقه من وصف التحركات الشعبية في الجمهورية الإسلامية بأنها «عملية مشوّقة وطاقة حقيقية للشباب». وفي معرض تعليقه على ما تشهده شوارع طهران، لفت إلى أنه «لا يوجد أدنى شك في أن ما نراه في الشوارع طاقة حقيقية للشباب الذين لا يريدون ما يرونه، والذين يُمارس عليهم المزيد من القوة».
وتطرق باراك إلى الملف النووي الإيراني، معتبراً أنه «موضوع معقّد جداً، ويمثّل تحدياً لدولة إسرائيل». ورداً على سؤال عما ينبغي فعله لمواجهة هذا «التحدي»، رأى أنه «يتعين العمل على عدة جبهات لأن مسألة معرفة متى ستحصل إيران على القنبلة النووية مرتبطة بالكثير من الأسئلة». وأعرب عن اعتقاده بأنّ إيران غير معنية بإنتاج قنبلة نووية في أسرع وقت ممكن، «ومن المحتمل أنه أكثر أهمية لإيران امتلاك قدرة إنتاج بحيث لا يكون ممكناً المسّ بها بعد ذلك».
وفي ضوء كثرة التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين بشأن الموضوع الإيراني، كشف الموقع الإخباري لـ«يديعوت أحرونوت» أن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أمر «بعدم التفوّه في هذا الشأن». وتحدثت «يديعوت» عن «أسف» لدى عدد من مسؤولي وزارة الخارجية الإسرائيلية حيال «ردود الأفعال المهادنة في العالم» إزاء الانتخابات الرئاسية ونتائجها الإشكالية، بداعي أنّ ردود الأفعال هذه «تعزز القيادة المتطرفة في طهران».
وبحسب الموقع نفسه، فإن التقدير السائد في الدولة العبرية يفيد بأن النظام الإيراني سيُشدد «وسائل قمعه، لأنه يواجه تحدياً جوهرياً لم يتوقعه». ورأى أنه «في مقابل أمواج الاحتجاج، يستخدم النظام، من جهة، عصا كبيرة تتمثل في الاعتقالات وإغلاق وسائل الاتصال والإعلام، ومن جهة ثانية، جزرة صغيرة تتمثل في الاستعداد لإعادة احتساب أصوات الانتخابات في عدد قليل من الصناديق، في محاولة لإرضاء الجمهور بعض الشيء». وينتهي تقرير «يديعوت» إلى الجزم بأنه «حتى الآن، لا يبدو هناك أي استعداد لحرمان (الرئيس محمود أحمدي) نجاد من كرسي الرئاسة».
وفي السياق، أمل رئيس كتلة الحزب الديني المتطرف «يهدوة هتوراة»، عضو الكنيست الحاخام اليعيزر موزس، أن ينجح «طرفا النزاع المتصارعان في إيران، ولا سيما نجاد، لأنّ الكاره العلني أفضل من غيره». وقال، من مقر الكنيست في القدس المحتلة خلال جلسة النقاش الطارئة التي عقدها الكنيست بشأن التطورات في إيران، «ما لديّ لأقوله عمّا يحصل في إيران، وللطرفين المتخاصمين، هو أن أحداً منهما لا يحبّنا، وأنا أتمنى النجاح للطرفين». وكشف عن سروره إزاء إعادة انتخاب نجاد رئيساً لولاية ثانية، مبرراً ذلك بأنه «من الأفضل بالنسبة إلينا من يكره إسرائيل علناً ومن نعرفه ونعرف مواقفه وكيفية التصدي له، على من يكره إسرائيل وهو يتخفّى بصورة الإصلاحي، أي موسوي، الذي لا نعرفه حتى الآن، لكننا نعرف أنه ليس أفضل من نجاد في ما يتعلق بإسرائيل».
كلام دفع بالمحلل السياسي في صحيفة «هآرتس»، ألوف بن، إلى انتقاد «التصريحات الحمقاء» التي تصدر عن مسؤولين وخبراء وضباط في إسرائيل ممن اعتبروا أن نجاد هو «المرشح المفضل بالنسبة إلى إسرائيل، بل فرحوا لانتصاره». وأوضح أنه «من الصعب التفكير بتصريح أكثر دلالة على ضيق أفق التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي من هذه الكلمات».
وانتقد بن فرضيات تأييد نجاد التي تقوم على القول إنّه «دمية بيد المرشد الأعلى علي خامنئي»، وأنّ تطوّر الملف النووي مستمر «بغض النظر عن هوية الرئيس». وسخر بن من هذا الافتراض، لأنه «يكفي التمعن بما حدث خلال سنوات حكم نجاد الأربع»: المشروع النووي الإيراني اجتاز «العتبة التكنولوجية»، ووصل إلى قدرة إنتاج اليورانيوم المخصّب من دون عراقيل العقوبات الخارجية. أما إسرائيل، فقد تمتعت خلال هذه الفترة، «بحب إدارة (الرئيس السابق جورج) بوش وبموقف أوروبي معقول، ومع ذلك لم تنجح في حشد الأسرة الدولية من أجل إيقاف أجهزة الطرد المركزي في مفاعل ناتنز». في المقابل، فإنّ حزب الله و«حماس»، حليفي إيران «تسلّحا من دون عراقيل». وخلص إلى أن «الفشل لا يبدأ بالإعلام والدعاية، بل بفهم جوهر إيران والقوى الفاعلة فيها».