تسليفات الطلاب الأكثر رواجاً وشكوك في استفادة المؤسساتمحمد وهبة
حتى اليوم لم تظهر فعلياً نتائج التعاميم الثلاثة التي أقرها المجلس المركزي لمصرف لبنان الرامية إلى تحرير الاحتياط الإلزامي في مقابل قروض القطاعات المنتجة والتعليمية، وبالتالي دعم الفوائد المدينة بهدف تحفيز التسليف وتحرير نحو 2990 مليار ليرة من السيولة العالقة لدى المصارف العاملة في لبنان، إلا أن بعض الإشارات في القطاع المصرفي بدأت تدل على أن القروض المشمولة بهذه التعاميم ستتركز في مجالات توفير القروض للتعليم العالي والإسكان، وبدرجة أقل في قطاعات الصحة والسياحة، لكن ليس هناك ما يشير إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة ستستفيد من هذه القروض.
فقد أصدَرَ مصرف لبنان في منتصف أيار الماضي 3 تعاميم تهدف إلى دعم الفوائد المدينة وتعفي المصارف من الاحتياط الإلزامي مقابل قروض بالليرة للقطاعات الصناعية أو السياحية أو الزراعية أو الحرفية والتكنولوجيا... وقروض جهاز إسكان العسكريين المتطوعين، وقروض بالليرة لمتابعة الدراسة في مؤسسات التعليم العالي (أكاديمي ومهني وتقني)، والأخير مشروط بأن لا يبدأ تسديد أصل القرض إلا بعد مضيّ سنة على التخرج، ولا تتعدى مدة تسديد القرض 10 سنوات، وتحتسب الفوائد والنفقات والعمولات والمصاريف والأعباء من أي نوع كانت بنسبة 3 في المئة سنوياً.
وكانت وحدة التمويل في مصرف لبنان تقدّر أن تبلغ الأموال التي ستتحرّر لدى المصارف بفعل هذه التعاميم، نحو 2990 مليار ليرة (أو ما يعادل ملياري دولار) كانت «عالقة» لدى المصارف وتسدَّد أكلاف عالية عليها ولم يكن لديها سبيل سوى توظيفها في سندات الخزينة أو في شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي، إلا أن مصادر مصرفية تتوقع أن لا تتجاوز قيمة القروض المستفيدة من هذه التعاميم 1500 مليار ليرة، أي إن نصف المشكلة ستحلّ، فيما سيبقى النصف الآخر قائماً.
وبحسب المصادر، فإن قروض التعليم العالي ستكون الأكثر طلباً، نظراً للشروط الميسرة التي تنطوي عليها بالمقارنة مع أنواع القروض الأخرى، وهذا ما دفع المصارف للترويج لعروضها في هذا المجال، وهو ما أثار فضول الجامعات والمعاهد التي توفر شروط المستوى التعليمي، فأجرى بعضها اتصالات بمصرف لبنان مستفسراً... إلا أن المصارف، كعادتها، أطلقت حملات إعلانية استعراضية، إذ إنها تقول في حملاتها إنها ستقدم القروض بفائدة صفر في المئة على قروض التعليم والإسكان، ليتبين أن الإعلانات خادعة، إذ إن هناك نسبة فائدة معينة سيدفعها العميل في كل الأحوال، على سبيل يروّج أن أحد المصارف في إعلان له أنه سيمنح قروض التعليم بفائدة صفر في المئة، لكن عند الاستفسار من المصرف نفسه يتبيّن أنه سيعفي العميل من الفائدة خلال فترة الدراسة فقط، ثم يجدول له الدفعات بفائدة 3 في المئة سنوياً، شرط أن لا يرسب المستفيد إلا مرّة واحدة في حدّ أقصى، ويطلب المصرف «ضمانات» تذكر في ملف العميل، على أن يسدّد المصرف القسط السنوي للجامعة مباشرة.
وهذا ينسحب أيضاً على قروض الإسكان أيضاً، إذ عمد أحد المصارف إلى إعلان منح قروض سكنية بفائدة صفر في المئة، ليتبيّن أنه يقتطع نسبة توازي 10 في المئة من قيمة القرض ويجمده حتى يسترد قيمة الفوائد التي توازي 6 في المئة تقريباً. لكن استفادة المصارف لا تتوقف عند هذا الحد، إذ أصبح يحق للمصرف تحرير الاحتياط الإلزامي لقروض الإسكان، وبالتالي بإمكانه تمويل شراء منزل من دون أن يخضع العميل لشروط المؤسسة العامة للإسكان، وبحسب مصادر مطلعة يجري العمل حالياً على توسيع مروحة الإعفاءات للقروض السكنية.
وتقول المصادر إن مجموعة من طلبات القروض لإنشاء مشاريع سياحية وفندقية وردت إلى المصارف، إذ حصل أحد المصارف على إعفاء من الاحتياط الإلزامي لتمويل كلفة إنشاء فندق في بيروت بكلفة 75 مليار ليرة، وتقول المصادر إن هناك مشاريع سياحيّة كثيرة تنتظر انتهاء ملفاتها حتى تتقدم بطلب قرض يخوّل المصرف الممول الحصول على إعفاء من الاحتياط الإلزامي، لكنها لا تزال قلقة بشأن استفادة مشاريع صغيرة ومتوسطة من هذه القروض. ولا يقتصر الأمر على قطاع الفنادق، بل إن بعض المشاريع الاستشفائية بدأت تظهر أيضاً للاستفادة من هذه القروض المدعومة، وهناك مباحثات، حالياً، بين مصارف ومؤسسات استشفائية لتمويل توسع بعض المشاريع القائمة وتجهيزها.
هذا النوع من القروض سيحرر سيولة إضافية توازي ما نسبته 15 في المئة من قيمة القروض الممنوحة، مودعة بصفة احتياط إلزامي مفروض على المصارف تجميده في مصرف لبنان، لكن التعاميم تشترط استخدام المبالغ المحررة بين أول عام 2009 وحزيران 2010، وأن لا يُستعمل أي قرض مستفيد لتسديد قرض سابق أو شراء مساهمات أو مشاركات أو إعادة تمويل مشاريع قائمة، وأن يُمنح العميل فترة سماح لتسديد أصل القرض لا تقلّ عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتين... وقد قدّرت الكلفة الإجمالية للقرض المدعوم بما بين 5 و5.8 في المئة، على أن لا تتجاوز الفوائد والنفقات والعمولات والمصاريف من أي نوع كانت المحتسبة نسبة 40 في المئة من مردود سندات الخزينة لمدة سنة زائدة 3 في المئة تُحتسَب كل سنة من تاريخ وضع القرض موضع التنفيذ.
وكانت هذه التعاميم الثلاثة، قد صدرت على أساس وجود سيولة فائضة بالليرة لدى المصارف تمثّل لها مشكلة بسبب كلفة الفوائد المدفوعة عليها، وبالتالي كان يجب تحريرها عبر التسليفات لغير الدولة، أي للقطاع الخاص، لأن مصرف لبنان لا يمكنه حمل كل هذه المبالغ في سندات الخزينة وشهادات الإيداع، إذ إنه سيزيد نسبة تمويله للدين العام فيما هو مرتبط ببرنامج «ايبكا» الذي يفرض عليه خفض حصته من الدين العام. وعلى الرغم من هذا الأمر، اتخذ المجلس المركزي قراراً الأسبوع الفائت يحدّد سقفاً لإصدار شهادات إيداع لمدة خمس سنوات بقيمة 150 مليار ليرة أسبوعياً، بفائدة لا تتجاوز 9.25 في المئة، أي بما لا يتجاوز 7200 مليار ليرة سنوياً، أو ما يعادل 5 مليارات دولار، علماً بأن هذا السقف كان محدداً في المجلس المركزي السابق بنحو ملياري دولار فقط.


25.45 مليار دولار

هي قيمة التسليفات للقطاع الخاص في نهاية آذار 2009 في مقابل 24.94 ملياراً في نهاية الشهر الذي سبق، بزيادة نسبتها 2 في المئة، لكنها كانت قد تراجعت في شباط مقارنة مع كانون الثاني 2009 حين سجلت 24.96 مليار دولار


أرباح غير مبررة