هل يقترب الوضع الفلسطيني الداخلي من رزمة حل يشمل تسوية الأوضاع المتأزمة بين السلطة وحركة «حماس» في جميع المواضيع العالقة؟ تقارير إسرائيلية تفيد أن الأمور تنحو في هذا الاتجاه محمد بدير
كشف موقع «يديعوت أحرونوت»، أمس، عما قال إنها خطة تعمل القاهرة على بلورتها لحل الأزمة المستعصية بين السلطة وحركة «حماس» داخل الساحة الفلسطينية، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص. ونقل محلل الشؤون الأمنية في الموقع، رون بن يشاي، عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها إنها «تشخّص جهوداً دبلوماسية طموحة ومتعددة القنوات تقودها مصر يُتوقع أن تحل العقدة الغزاوية بطريقة تريح جميع الأطراف، بما في ذلك عائلة الجندي الأسير جلعاد شاليط». وبحسب المصادر، فإن الخطة التي سمّوها «التسوية الكبرى»، ستضع حداً لمعاناة سكان القطاع المحاصر من خلال سماحها بإعادة بنائه، وستفرض تهدئة طويلة الأجل مع إسرائيل، وستؤدي إلى مصالحة فلسطينية داخلية. وقد حصلت الخطة، التي تمتد إلى ستة أشهر، ويبدأ تطبيقها الشهر المقبل، على مباركة واشنطن وموافقة إسرائيلية متحفّظة وكذلك، وفقاً لتقارير غير مؤكدة، على تأييد سوري.
وتتألف الخطة التي يشرف على إعدادها مدير الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، من جملة بنود أهمّها:
1ـ تأليف هيئة إدارية مؤقتة مشتركة بين جميع الفصائل الفلسطينية لتصريف الأمور في قطاع غزة حتى موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية المقرر في كانون الثاني 2010. وتكون الغالبية بين أعضاء هذه الهيئة، التي هي أشبه بحكومة معينة، لحركتي «حماس» و«فتح»، إلى جانب ممثلين عن كل من الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفصائل أخرى.
2 ـ تخضع الهيئة المذكورة لسلطة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مباشرة، لا لحكومة سلام فياض التي تعدّها «حماس» غير شرعية.
3ـ تتعهد حركتا «حماس» و«فتح» وبقية الفصائل الفلسطينية احترام نتائج الانتخابات التي ستجري العام المقبل، وإخضاع نفسها لسيادة الرئيس والمجلس التشريعي المنتخبين، وكذلك الحكومة التي ستتألّف في أعقاب الانتخابات. ويسري هذا التعهد في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء.
4ـ تتوقف حركتا «حماس» و«فتح» عن ملاحقة أفراد بعضهما بعضاً واعتقالهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
5ـ يعمل خبراء ومراقبون، وربما حتى قواتٌ لحفظ السلام من دول عربية وأوروبية تحت راية الأمم المتحدة، على تقديم المساعدة إلى القوة الأمنية المشتركة المكلّفة حفظ الأمن وفرض النظام، والتي يجري تأليفها من أعضاء حركتي «حماس» و«فتح». وتتكفّل هذه القوة منع حصول تصادمات عنفية بين الأطراف داخل القطاع، أو شنّ عمليات باتجاه إسرائيل.
6ـ يجري إبرام صفقة تبادل للأسرى لقاء الجندي جلعاد شاليط، على أن تستند إلى فهم ضمني أوضحته إسرائيل عبر رسالة نقلتها إلى القاهرة بأن حكومة بنيامين نتنياهو لن تكون مستعدة لتحرير أسرى «من العيار الثقيل». مع ذلك، يبدي الجانبان استعدادهما لإظهار مرونة في تفاصيل أخرى من الصفقة.
7 ـ فتح المعابر بين إسرائيل وقطاع غزة لكل أنواع البضائع، على أن يشرف مراقبون أجانب على التأكد من أن مواد البناء والمواد الكيميائية التي يجري إدخالها عبر المعابر تُستخدم حصراً في إعادة البناء وفي نشاطات اقتصادية مدنية، وضمان عدم انزلاق الاستفادة منها إلى نشاطات ذات طابع عسكري.
8 ـ تقوم مصر كذلك بفتح معبر رفح على أن يشرف أفراد من السلطة الفلسطينية ومراقبون أوروبيون على حركة انتقال الأفراد والبضائع فيه، ويكون لإسرائيل حق الرقابة عن بعد عبر الكاميرا، وفقاً للاتفاق الذي جرى التوصل إليه عام 2005 لإدارة المعبر.
9 ـ تطلق مصر سراح أعضاء تعتقلهم من حركة «حماس» وترفع القيود التي كانت قد فرضتها على حركة أفراد «حماس» ومسؤوليها داخل أراضيها.
وإضافة إلى النقاط السالفة، أشار بن يشاي إلى أن وجود معلومات غير مؤكدة تشير إلى أن القاهرة تحاول أن يتضمّن الاتفاق تعهداً سرياً من جانب قيادة «حماس» تمتنع بموجبه عن تهريب السلاح والمواد المتفجرة والخبراء العسكريين إلى القطاع. وفي جردة استعرضت الرابحين الأساسيين من هذه الاتفاق، رأى الكاتب أن حركة «حماس» تأتي على رأس هؤلاء، إذ إنها ستتمكن من إطلاق عملية ترميم القطاع، وهي بذلك ستعزز شرعيتها الداخلية، فضلاً عن فتح الأبواب أمام الحصول على شرعية دولية، إضافة إلى الحصول على فرصة للتنافس على بقية مؤسسات السلطة. أما القاهرة، فسوف يتمثل ربحها في استعادة موقعها الإقليمي، فيما يتلخص ربح تل أبيب بالهدوء، إضافة إلى تعزيز فرص إطلاق سراح شاليط. وبحسب بن يشاي، وجّه المصريون إنذاراً إلى «حماس» بالرد إيجاباً على الاتفاق المتبلور كرزمة واحدة حتى السابع من تموز المقبل تحت طائلة نفض يدهم من ملف غزة كلياً، وإبقائه تحت رحمة الحصار الإسرائيلي.