كان الحدث الإيراني عراقياً بامتياز: وضع العراقيون معيارهم الخاص لدعم الطرفين المتصارعين؛ من كان الأفضل في إنهاء الحرب؟ ومن يجرؤ على التمرّد على سلطة «مرشد» الشيعة؟
بغداد ــ الأخبار
يراقب الشارع العراقي باهتمام التنافس والصراع الدائر حالياً على السلطة ومراكز النفوذ في إيران. شارع يبدو منقسماً انقساماً غير علني، في تشخيص الجهة «الأفضل» أو «الأسوأ»، انطلاقاً من المصلحة العراقية العليا، أو انطلاقاً من تاريخ إصلاحيي الجمهورية الإسلامية ومحافظيها، وتحديداً في ما يتعلق بسلوك هؤلاء خلال الحرب الإيرانية ـــــ العراقية.
وباستثناءات قليلة، يرى العراقيون أن الانقلاب على «المرجعية الدينية» هو أهم ما يميز الأحداث في إيران، لأن تحدي المرشد الأعلى علي خامنئي، من أطراف داخل المؤسسة الدينية، يشير إلى تراجع هذه المرجعية على المستوى الشعبي.
إلا أن هناك من يفسر هذا التحدي بأنه «ركوب للموجة» التي تنتاب الشارع الإيراني، ضد ما يطلق عليه خصوم المرشد علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، بـ«الدكتاتورية القمعية»، وانتشار هذه الموجة بين الشباب خصوصاً، وتطلعهم إلى التخلص من كل أشكال الحكم الديني.
ويرى بعض معايشي الحرب الإيرانية ـــــ العراقية، وجود فروق بين الأطراف الدينية المتخاصمة الآن، من خلال مواقف تلك الأطراف خلال الحرب، وعند توقفها. فالمرشح الخاسر مير حسين موسوي، كان يشغل منصب رئيس الوزراء في فترة الحرب، التي كان طرفاً أساسياً وفاعلاً في وقفها. وينطبق الأمر نفسه على الداعم الأكبر لموسوي، وهو الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي كان رئيساً للبرلمان في تلك الحقبة، ثم قائداً عاماً للقوات المسلحة بالوكالة. إلا أنه في الوقت نفسه، كان الطرف الأساسي في التفاوض والاتفاق على وقف الحرب. وبالنسبة إلى العديد من العراقيين والإيرانيين، يتحمل رفسنجاني وموسوي مسؤولية الدماء التي أريقت في «الوقت الضائع» من الحرب، إلا أن هناك من يبرّئهما من ذلك، لأن الإجراءات التنفيذية الدولية اقتضت ذلك؛ فالمعروف أن الحرب انتهت رسمياً في 8/8/1988، بإعلان موافقة إيران على وقف إطلاق النار، إلا أن الواقع هو مختلف، لأن الاتفاق على إنهائها كان بإشراف عربي ودولي، في الأشهر الأولى من عام 1988، متضمناً عودة القوات الإيرانية إلى الحدود الدولية. انسحاب إيراني تم من خلال عمليات حربية، راح ضحيتها الآلاف من الطرفين، ومن العناصر والجماعات الموالية لهما، وخصوصاً من الأكراد في شمال العراق.
ويرى بعض المراقبين أنّ مسارعة الرئيس جلال الطالباني إلى تهنئة نجاد بـ«الفوز»، يجسد تعبيراً عن تلك المواقف السابقة التي رافقت انتهاء الحرب، وينطبق ذلك على الأطراف العراقية الأخرى التي كانت مستفيدة منها، والدعم الإيراني لها، على أساس أنها معارضة لنظام الحكم في العراق.
في جميع الحالات، يخشى شيعة العراق أن يجد تحدّي المرجعية الدينية في إيران، صدى مؤثراً في العراق، نظراً للروابط بين البلدين.