يؤثّر مستوى أسعار الطاقة تأثيراً كبيراً في أسعار السلع والخدمات، وهذا ما بدأ يظهر في لبنان، إذ يهدد ارتفاع أكلاف النقل والإنتاج بموجة جديدة من ارتفاع أسعار الاستهلاك والأعباء المعيشية، ولا سيما مع وصول سعر البنزين إلى أكثر من 31 ألف ليرة.
رشا أبو زكي
يبلغ سعر طن البنزين عالمياً نحو 62 دولاراً، أي إنه من المفترض أن لا يتجاوز سعر الصفيحة في لبنان 19429 ليرة فقط لا غير، إلا أن الرسوم التي تفرضها الحكومة تؤدّي إلى ارتفاع السعر نحو مستويات غير مبررة اقتصادياً واجتماعياً. فقد ارتفع سعر صفيحة البنزين أمس 600 ليرة، ووصل سعر الصفيحة من عيار 98 أوكتان إلى 31 ألف و800 ليرة لبنانية، بسبب إضافة الرسوم التي تفرضها الحكومة على كل صفيحة بقيمة 9480 ليرة وارتفاع الضريبة على القيمة المضافة من 2764 ليرة الأسبوع الماضي إلى 2891 هذا الأسبوع، ليصبح مجموع الرسوم والضرائب المفروضة على هذا النوع 12371 ليرة... أما سعر صفيحة البنزين من عيار 95 أوكتان، فقد ارتفع إلى 31 ألفاً و100 ليرة، ووصلت قيمة الرسوم المفروضة على كل صفيحة إلى 12357 ليرة (9530 رسم بنزين و2827 TVA).
وارتفع سعر صفيحة الكاز 800 ليرة ليصبح 17800 ليرة، وسعر صفيحة المازوت 500 ليرة لبنانية ليصبح 17500 ليرة، وسعر الديزل أويل 800 ليرة ليصبح 17900 ليرة، وسعر طن الفيول أويل للعموم 14 دولاراً أميركية ليصبح 421 دولاراً، وطن الفيول أويل (1% كبريت) 13 دولاراً أميركية ليصبح 438 دولاراً، وسعر قارورة الغاز زنة 10 كيلوغرامات 500 ليرة ليصبح مبيعها في المحل التجاري 12900 ليرة، وزنة 12,5 كيلوغراماً 700 ليرة ليصبح سعرها 15600 ليرة.
وأشارت مصادر نفطية لـ«الأخبار» إلى أنه ابتداءً من الأسبوع المقبل ستشهد أسعار البنزين ثباتاً، بحيث لن تستمر في الارتفاع، مع توقعات بانخفاض أسعار البنزين بدءاً من مطلع تموز المقبل. ولفتت المصادر إلى أن معظم المصانع والمعامل العالمية الكبرى والدول، وصلت إلى مرحلة الفائض في التخزين، بحيث تتوقف عادة عن التخزين السنوي لهذه المادة في منتصف كل صيف، وبالتالي سيؤثر انخفاض الطلب في تراجع الأسعار العالمية. وتوضح المصادر أن المشكلة لا تتعلق بالأسعار العالمية التي تعدّ مقبولة نسبة إلى الفترة السابقة، بل بالرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة على اللبنانيين، والتي تعدّ مرتفعة جداً. ولفتت المصادر إلى أن أسعار المازوت والكاز ستشهد الأسبوع المقبل ارتفاعاً لا يتجاوز الـ 400 ليرة.
وقد بدأت القطاعات الاقتصادية والنقابات تعلن استعداداتها لتحركات مقبلة، وتحذّر من ارتفاع أسعار السلع الأساسية على المواطنين نتيجة ارتفاع كلفة النقل والإنتاج،
وتعليقاً على الارتفاع الصاروخي الذي تشهده أسعار البنزين، لفت رئيس اتحاد نقابات السائقين العموميين عبد الأمير نجدة إلى أن قطاع النقل يستعد حالياً لعقد جمعية عمومية للسائقين لتحديد شكل التحركات المقبلة، ولفت إلى أن «أسعار البنزين لم تعد مقبولة، واستمرار الحكومة في جباية الرسوم والضرائب على الصفيحة تجاوز حدود الاحتمال»، لافتاً إلى أن «لا أحد يستجيب لمطالبنا، فمجلسا النواب والوزراء متّفقان على جباية رسم البنزين، وذلك من دون الالتفات للمصالح الشعبية، ولهموم غالبية اللبنانيين الاجتماعية والاقتصادية». مشيراً إلى أن تعرفة النقل لن تبقى على حالها إذا استمر سعر البنزين في الارتفاع، «وننتظر تأليف حكومة جديدة لطرح المطالب».
... والخبز كذلك بدأ يتأثر! إذ لفت الأمين العام لاتحاد نقابات أصحاب الأفران في لبنان أنيس بشارة إلى أن سعر الرغيف يتأثر بالمحروقات وفق أسعار المازوت والبنزين، ففي ما يتعلق بالمازوت، حددت الحكومة اللبنانية سعر طن الطحين بـ 480 ألف ليرة إذا لم يرتفع سعر المازوت عن الـ 20 ألف ليرة، وبالتالي، فإن ارتفاع سعر هذه المادة عن الـ 20 ألف سيؤدّي إلى خفض سعر الطحين، أما البنزين، فهو لم يرتفع حتى الآن إلى النسب نفسها التي شهدها في الفترة السابقة، وبالتالي فهو يؤثر حالياً في عملية توزيع ربطات الخبز على المحال، من حيث ارتفاع كلفة النقل، وبالتالي فإن الموزعين يرفعون سعر الربطة على المحال بهوامش ضئيلة، «إلا أن الأزمة ستقع إذا تطور سعر البنزين إلى 33 ألف ليرة، وهنا لن يقتصر التحرك على الأفران بل سيشمل جميع القطاعات والنقابات».
من جهتها، لفتت مصادر في نقابة مستوردي المواد الغذائية، إلى أن أسعار المواد الغذائية تأثرت بارتفاع أسعار البنزين بحوالى 2% حتى الآن، وأن الموزعين يحاولون عدم زيادة الأسعار لكون ذلك سيؤثر في الطلب انخفاضاً، «إلا أن الأوضاع أصبحت سيئة، وبالتالي فإنه من المتوقع أن ترتفع أسعار عدد من السلع الغذائية المستوردة المتدفقة على السوق اللبنانية خلال الأسابيع المقبلة إذا لم تنخفض أسعار المحروقات».
وكذلك، لفت مصدر في نقابة المقاولين، إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات يؤثر في ارتفاع كلفة التشييد والبناء، إضافة إلى أن المشاريع المنفذة هي بحدود الـ 5% خلال الشهر الحالي، لافتاً إلى أن عدم انسجام الأسعار المحلية مع العالمية «سبّب مشاكل كبيرة للمقاولين، وخصوصاً أن احتساب الأسعار يجري وفق الأسعار العالمية، فيما ندفع وفق الأسعار المعتمدة في لبنان، التي تصل إلى ضعف السعر العالمي»!