كثيراً ما أُثيرت مسألة العلاقة بين العائلة المالكة في السعودية وتنظيم «القاعدة»، بحكم أنها دعمته بالمال والسلاح والفكر والمجاهدين في أفغانستان ثم البوسنة
كشفت وثائق جمعها محامو عائلات ضحايا اعتداءات 11 أيلول أدلة على تقديم أفراد من العائلة المالكة السعودية دعماً مالياً لتنظيم «القاعدة» وغيره من التنظيمات «المتطرفة»، ولكن هذه المواد قد لا تجد طريقها إلى المحكمة بسبب العوائق القانونية والدبلوماسية، بحسب ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» أمس.
وقالت الصحيفة إن القضية وضعت إدارة باراك أوباما وسط أزمة قانونية وسياسية، مع اصطفاف وزارة العدل إلى جانب السعوديين في المحكمة الشهر الماضي من أجل تعطيل العمل القانوني. وقالت إن وثائق الاستخبارات الأميركية سُرّبت إلى محامي العائلات، وقامت وزارة العدل بإتلاف النسخ التي كانت بحوزة المحامين، وهي تسعى الآن إلى منع القضاة من الاطلاع على الوثائق.
وأضافت إن السعوديين والمدافعين عنهم في واشنطن نفوا على الدوام أي صلة لهم بـ«الإرهابيين»، وشنوا حملة شرسة وناجحة حتى الآن من أجل رفض مقاضاتهم أمام المحكمة الفدرالية بحجة الحصانة السيادية. وكثيراً ما أُثيرت علاقة السعوديين بـ«الإرهاب»، وحُقّق فيها وأثارت جدلاً داخل الحكومة، لكن الوثائق التي قدمها محامو العائلات تتضمن تفاصيل استثنائية وأدلة.
وأظهرت الوثائق الخاصة بوزارة الداخلية، التي حصل المحامون على نسخ منها بموجب قانون حرية المعلومات، أن جمعية «الإغاثة الإسلامية العالمية» التي تموّلها العائلة المالكة السعودية، قدّمت دعماً مستمراً إلى منظمات إرهابية خلال عام 2006، منها حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة».
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولاً في تنظيم «القاعدة» في البوسنة، قال في مقابلة مع المحامين إن جمعية خيرية ثانية يديرها أحد أفراد الأسرة الحاكمة في المملكة وهي «اللجنة السعوديّة العليا لمساعدة البوسنة» قدمت أموالاً وإمدادات إلى جماعة «إرهابية» وتعاقدت مع متشددين إسلاميين في التسعينات من القرن الماضي.
كما أفاد شاهد آخر من أفغانستان في شهادة أدلى بها تحت اليمين الدستورية أن مبعوثاً خاصاً للأمير السعودي تركي الفيصل دفع شيكاً بنحو مليار ريال (267 مليون دولار) لقائد في حركة «طالبان» عام 1998.
وخلص تقرير منفصل لأجهزة الاستخبارات السرية الألمانية إلى أن الأمير سلمان بن عبد العزيز وغيره من أفراد العائلة المالكة في السعودية، أجروا تحويلات مصرفية لعشرات ملايين الدولارات في مطلع التسعينات لجمعيات خيرية يشتبه في أنها تموّل أنشطة المسلحين في باكستان والبوسنة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه لم يُستخدم إلّا جزء يسير من الوثائق في سجلات المحكمة، وتتضمن الكثير من المواد الجديدة غير المعروفة حتى لوكلاء السعودية في هذه القضية. لكنها لا توفّر أي دليل دامغ يربط بين العائلة المالكة وأحداث أيلول، بل هي مجرد صلات ظرفية بين الأمراء السعوديين وجمعيات خيرية في منطقة الشرق الأوسط يشتبه بأنها «إرهابية».
وقال المحامي، مايكل كيلوغ، الذي يمثل الأمير محمد الفيصل آل سعود، «بالنظر إلى كل الأدلة التي جمعتها العائلات، لم أجد أي دليل ولو ضئيلاً على أن هناك علاقة للسعودية بما حصل في 11 أيلول». وأشار إلى أنه يتفهم موقف عائلات الضحايا، مضيفاً «يريدون أن يجدوا هؤلاء المسؤولين، لكنني أجد أنه جرى خداعهم من جانب محاميهم من خلال استحضار أدلة من دون أي جدوى ضدّ الأشخاص الخطأ».
ورفض قاضيان اتحاديان والدائرة الثانية في محكمة الاستئناف دعوى رفعها 7.630 شخصاً من الناجين من الهجمات الإرهابية وعائلات الضحايا ضدّ المملكة، بحجة أنه لا يمكن الأسر أن ترفع دعاوى قانونية في الولايات المتحدة ضد دولة ذات سيادة وضد قادتها.
ويتوقع أن تنظر المحكمة العليا خلال الأسبوع الجاري في الاستئناف، ولكن أمل العائلات يتضاءل، بعدما وقفت وزارة العدل الأميركية الى جانب السعودية في المطالبة بالحصانة للمدعي عليهم، وحضت المحكمة على عدم النظر في الطعون، محذّرة من «عواقب وخيمة» على العلاقات بين البلدين.
ونقلت الصحيفة عن المحامي السابق لوزارة الخارجية، جون بيلينغر، قوله إن «مثل هذه القضايا تضع الحكومة الأميركية في موقف صعب جداً كي تضع الحجج القانونية التي تتعارض مع حجج ضحايا الاعتداءات الإرهابية».
(الأخبار)