«محمية طبيعيّة» متاحة للسوريّين والإسرائيليّين... وفك ارتباط دمشق مع فصائل المقاومةعلي حيدر
ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن إدارة الرئيس باراك أوباما تعكف على بلورة مبادرة سلام بين سوريا وإسرائيل تقوم على تجريد الجولان من السلاح، وتحويل قسم منه إلى محمية طبيعية تكون متاحة للسوريين والإسرائيليين. وتشمل المبادرة انسحاباً إسرائيلياً، وتفكيك المستوطنات، على أن يمتد ذلك على سنوات، ويكون منوطاً بخطوات سورية أهمها وقف مساندة فصائل المقاومة الفلسطينية، والابتعاد تدريجياً عن إيران.
وأضافت الصحيفة إن قرار الولايات المتحدة إعادة سفيرها إلى دمشق، وزيارة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل إلى سوريا يهدفان إلى تهيئة الأرضية لاستئناف المسار التفاوضي السوري الإسرائيلي، برعاية الولايات المتحدة وبمشاركة تركيا. وفي هذا السياق، أوضح مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة «مستعدة للتقدّم مع سوريا من خلال حوار مباشر ومستمر، وأحد السبُل إلى ذلك هو تعيين السفير». ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي قوله «توصّلوا في واشنطن إلى استنتاج بأن إدراج سوريا في المسيرة السياسية هو المفتاح للمصالحة الفلسطينية الداخلية، التي بدونها ستكون احتمالات التقدم على المسار الفلسطيني الإسرائيلي هزيلة».
وبحسب المصدر نفسه، يعتقد الأميركيون أن انشغال النظام الإيراني بالأزمة الداخلية خلق فرصة نادرة لخطوات تقارب بين سوريا والولايات المتحدة، وتجديد المفاوضات مع إسرائيل. وتابع المصدر إن الرئيس المصري حسني مبارك حثّ الرئيس أوباما على إدراج الرئيس بشار الأسد في الجهود الأميركية للتوصل إلى تسوية بين «فتح» و«حماس» حتى السابع من تموز المقبل.
وأوردت «هآرتس» أن رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، اللواء احتياط أوري ساغي، الذي كان يترأس طاقم المفاوضات الإسرائيلي مع سوريا إبان حكومة إيهود باراك، قال قبل أيام في محاضرة في القدس المحتلة إن الرئيس الأسد لا يبالغ بقوله إنه «يمكن اعتبار 80 في المئة من القضايا بين سوريا وإسرائيل محلولة». وأشار أيضاً إلى أن العقبة ليست الخلاف بشأن الترتيبات الأمنية أو المياه، بل بشأن خط الحدود.
وذكرت الصحيفة أن «موقف السوريين في المفاوضات تغيّر بعدما اكتشفوا أنه في أماكن حيوية من خط الرابع من حزيران الحدودي أسوأ بالنسبة إليهم من خط الحدود الدولي. وعندها أبدوا استعداداً للتباحث في اقتراحات جَسر المواقف على هذا الالتباس في خط الحدود، وأهمها إقامة «بارْك السلام» على جانبي الحدود.
وكان فريديريك هوف، نائب المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشيل، والمكلف ملف سوريا ولبنان، قد عرض أخيراً مسودة اقتراح، تشمل تحويل جزء كبير من هضبة الجولان إلى «محمية طبيعية» تكون مفتوحة في ساعات النهار للمتنزّهين من الإسرائيليين والسوريين.
وقال الدكتور يغئال كيفنيكس، الذي اكتسب خبرة في موضوع الحدود بين إسرائيل وسوريا، إنه سأل هوف لماذا كشف عن خطته رغم أنه عرف أنه مرشح لتولّي ملف سوريا، فرد قائلاً «إنه يريد أن يثبت أنه حتى قبل بدء المفاوضات تملك الولايات المتحدة حلولاً ممكنة للخلافات الأساسية بين إسرائيل وسوريا».
وتشمل «المحميات الطبيعية»، التي عرضها هوف، جزءاً كبيراً من هضبة الجولان ومقطعاً من غور الأردن، بما في ذلك الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا. وبحسب الخطة المطروحة، سيكون بوسع السوريين «إنزال أقدامهم في البحيرة»، وستكون المنطقة منزوعة السلاح خاضعة لرقابة دولية بقيادة الولايات المتحدة، وسيكون الانسحاب الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات ممتداً على سنوات عدة «بالتوازي مع خطوات تطبيع، تشمل وقف مساندة سوريا لحزب الله وحماس، والابتعاد التدريجي عن إيران».
وفي السياق، رفض وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان أيّ وساطة يقوم بها بلد ثالث في أي مفاوضات سلام محتملة مع سوريا، وأن إسرائيل تريد مفاوضات مباشرة في أسرع وقت ممكن، بلا شروط مسبّقة ولا وساطة.
في المقابل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك خلال جلسة مجلس الوزراء أن «المفاوضات مع سوريا يجب أن تكون دوماً على جدول أعمال الحكومة».
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة رسمياً أنها قررت إعادة سفيرها إلى سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ايان كيلي، خلال مؤتمر صحافي، إن واشنطن أبلغت كلاً من السفارة السورية في واشنطن والخارجية السورية في دمشق أن «الإدارة قررت إعادة سفيرها إلى سوريا». وقال «نأمل المضي قُدماً مع سوريا من أجل دفع مصالحنا إلى الأمام عبر حوار مباشر ومتواصل»، مضيفاً «بالتأكيد أنتم تعلمون أن دور سوريا في المنطقة لا يزال يثير مخاوفنا، ونعتقد أن إحدى الوسائل لمواجهة هذه المخاوف هي أن يكون لنا سفير في دمشق». وتابع «هذا القرار يعكس اعتراف الإدارة بالدور المهمّ لسوريا في المنطقة (...) نأمل أن تواصل سوريا أداء دور بنّاء لنشر السلام والاستقرار في المنطقة».