لم تعد الشكوك في مدى التزام قوات الاحتلال الأميركي بمهلة 30 حزيران لإتمام انسحابها من المدن العراقية، مقتصرة على العراقيين، إذ أفردت مجلة أميركية متخصصة تقريراً يخلص إلى أنّ الأمر مجرد مناورة أميركية وانسحاب بالاسم فقط
بغداد ــ الأخبار
يؤكد العديد من المراقبين أن عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين سيبقون داخل المدن العراقية بعد استحقاق 30 من الشهر الجاري، وهو ما يشير إلى أن الولايات المتحدة «تعتزم الانسحاب بالاسم فقط».
ونقلت وكالة «آكانيوز» الكردية عن مجلة «فورين بوليس آن فوكس» الأميركية المتخصصة بالشؤون الدولية، قولها إن الانسحاب الأميركي «سيكون بالاسم فقط»، إذ سيبقى خمسون ألف جندي داخل المدن بعد الموعد المحدّد، ما يعني أن خريطة الطريق للانسحاب التي وقّعها وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الأميركي ريان كروكر في 17 تشرين الثاني 2008، «مليئة بالثغرات»، وتشير إلى «الفشل في الالتزام بالاتفاق». وأوضحت أن الولايات المتحدة تقول إنها تلتزم ببنود الاتفاقية المعروفة بـ«اتفاقية وضع القوات»، مضيفة أن «معاني الألفاظ تغيّرت من دون تغيير السياسات». فعلى سبيل المثال، ليس هناك خطة لنقل ثلاثة آلاف جندي أميركي من قاعدة «فالكون» شمال بغداد، لأن القادة العسكريين قرّروا اعتبار القاعدة موجودة «خارج المدينة».
ورأت المجلة نفسها أن الهدف الأساسي من وراء انسحاب القوات الأميركية من المدن، كان تقليص تعداد قوات الاحتلال، وإرسال إشارة للعراقيين بأن الأميركيين سيغادرون البلاد قريباً، لكن القوات التي «لن تنام في المدن»، وستستمر بالمشاركة في عمليات داخل المدن، وستؤدي أدوار «دعم واستشارة» أكثر من المهمات القتالية المباشرة، وهو ما اعتبرت المجلة أنه يؤكد «التفاف» الأميركيين على بنود الاتفاق الأمني.
أمّا أكبر الثُّغَر في الاتفاق، فهي بحسب المجلة، مسألة المتعاقدين العسكريين مع جيش الاحتلال، إذ لم يؤتَ فعلياً على ذكر أكثر من 132 ألف متعاقد عسكري في العراق، بينهم 36 ألف متعاقد من حاملي الجنسية الأميركية، بحسب تقرير صدر أخيراً عن وزارة الدفاع «البنتاغون».
ولفتت إلى أن أكثر من 30 ألف جندي لم يغادروا العراق، كما كان مقرراً، منذ شهر أيلول 2008، ولا يقل بكثير التعداد الحالي للقوات المقدرة بـ 134 ألف جندي، عن تعدادها في عام 2003، مرجحة أن يبقى أكثر من 100 ألف جندي حتى عام 2010. وتابعت: «عوضاً عن إرسال الجنود المتمركزين في المدن إلى ديارهم، بنى الأميركيون قواعد عديدة في المناطق الريفية، لاحتواء الجنود الذين سيتأثرون بمهلة الثلاثين من حزيران، كذلك أقرّ الكونغرس قبل فترة تشريعاً لمصاريف الحرب، (تضمن مزيداً من التمويل) المخصص للبناء العسكري داخل العراق».
وبعدما خلصت إلى أن لغة الاتفاقية غير الواضحة تنبئ باحتمال بقاء الأميركيين في العراق بعد مهلة 31 كانون الأول 2011 المتفق عليها، حذرت المجلة من أن الاستفتاء المقرر في الثلاثين من تموز المقبل قد يُسقط، إذا ما نُفِّذ، الاتفاقية، في ظل المعارضة الشعبية الواسعة لها، «بحيث يعارض 73 في المئة من العراقيين وجود قوات التحالف، وهو ما أظهره استطلاع للرأي نشرته مؤسسة بروكينغز» الأميركية.
وختمت المجلة تقريرها بالجزم بأنّ الرئيس باراك أوباما استخدم وعوده بالانسحاب من العراق في حملته الانتخابية، غير أن التعامل مع مهلة الثلاثين من حزيران، وعدم دعم الاستفتاء الشعبي، بالإضافة إلى إقرار 70 مليار دولار إضافية لميزانية الحرب، كلها إشارات صارخة إلى ما قد تكون عليه السياسة الحقيقية تجاه العراق.