يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل اليوم، مظللاً بحيّ استيطاني جديد، واقتراحات إسرائيلية لضمان هدف واحد: الالتفاف على مطالب وقف الاستيطان
مهدي السيد
بدأ وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أمس، زيارة إلى العاصمة الأميركية واشنطن، حيث يلتقي اليوم المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، ومسؤولي إدارة الرئيس باراك أوباما. وستركز زيارة باراك على محاولة التوصل إلى تسوية أميركية ـــــ إسرائيليّة في شأن البناء الاستيطاني، حيث يتوقع، بحسب مصادر إسرائيلية، أن يعرض تجميداً مؤقتاً للاستيطان يدوم 3 أشهر، ولا يشمل المشاريع قيد البناء. إلا أنّ كل شيء يؤكّد أنّه ليس في نية الإسرائيليين سوى محاولة الالتفاف على المطالب الأميركية بوقف الاستيطان، إذ إنّ باراك، عشية مغادرته تل أبيب، صدّق على قرار بناء حي استيطاني جديد.
فقد كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن تصريح خطي قدمته وزارة الدفاع الإسرائيلية للمحكمة العليا، التي تنظر في طلب إخلاء البؤرة الاستيطانية العشوائية «ميغرون»، صدّق بموجبه الوزير على إقامة حي يضم 1450 وحدة سكنية في مستوطنة «آدم»، شمالي القدس المحتلة.
وبحسب مخطّط وزارة الدفاع وقادة المستوطنين، ستُخلى «ميغرون» التي تسكنها 40 عائلة، وسيُنقلون إلى مستوطنة «آدم» بعد بناء الحي الاستيطاني الجديد. وجاء في الوثيقة أنه «رغم التصديق المبدئي على بناء الحيّ، إلا أن إجراءات التخطيط ستتركز بدايةً على منطقة صغيرة يمكن إقامة 190 وحدة سكنية فيها». وتابعت: «بالرغم من ذلك، منحت التراخيص النهائية لإقامة 50 وحدة سكنية، وهي مخصصة لسكان ميغرون».
وعقّبت وزارة الدفاع على نشر النبأ بالقول: «خلافاً لما نُشر، فإنّ وزارة الدفاع صدّقت على بناء 50 وحدة سكنية فقط في مستوطنة آدم، وهي ستكون مخصصة لسكان مستوطنة ميغرون الذين سيجري إخلاؤهم، وأي نشر آخر يتحدث عن بناء 1450 وحدة سكنية هو خاطئ».
في المقابل، جزمت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة لسياسة الاستيطان، أنّ إقامة 50 وحدة سكنية «هي مجرد مرحلة أولى، والهدف النهائي يبقى توسيع مستوطنة آدم».
ويثير توقيت الكشف عن القرار علامات استفهام عديدة، لكونه جاء عشية اللقاء المرتقب بين باراك وميتشل، حيث يتوقع أن يدّعي الوزير الإسرائيلي أن حكومته «قد تعجز أمام المحاكم عن قرار وقف المشاريع التي ينفذها مقاولون ممن يملكون تصاريح بناء».
وبحسب «هآرتس»، فإنّ باراك سيطرح على ميتشل اقتراحين لـ«حل وسط» في موضوع تجميد الاستيطان: تجميد مؤقت للبناء في إطار خطة شاملة، أو تقييد البناء في المستوطنات بحيث يقتصر على البناء العمودي فقط.
وفي السياق، أوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن تل أبيب مستعدة لقبول تجميد تام لبناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، في إطار مبادرة سلام شاملة في الشرق الأوسط.
في هذه الأثناء، أشار وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلية، دان مريدور، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة وقعتا على اتفاق يقضي بتجميد أعمال البناء في المستوطنات، لافتاً إلى وجود «تفاهمات شفهية» مع واشنطن «سمحت بتنفيذ أعمال بناء في المستوطنات».
وجاءت أقوال مريدور، عشية اجتماع عقده مع رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، وشارك فيه باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وعدد آخر من الوزراء، بهدف بحث الرسائل التي سيمررها باراك إلى المسؤولين الأميركيين. ووفق «هآرتس»، فإن حكام الدولة العبرية يحاولون «تليين» الموقف الأميركي في موضوع المستوطنات، «لكن من دون القبول بالإملاء الأميركي».
على صعيد آخر، برز تغيير مفاجئ في سياسة رئيس بلدية القدس نير بركات بالنسبة إلى البناء «غير القانوني» للسكان الفلسطينيين في المدينة. تغيير قالت «هآرتس» إنه يتمثل في نية الرجل نشر مخطّط لـ«تبييض» ما بين 70 إلى 80 في المئة من البناء غير القانوني في شرقي القدس، وفي سعي بلديته إلى عدم هدم المنازل غير القانونية الأخرى، ومحاولة التوصل مع أصحابها إلى اتفاقات على إخلاء طوعي مع إعطاء حوافز.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذا التغيير يعود إلى إدراك مسؤولي البلدية أن النهج المتبع، أي هدم البيوت، يؤدي بهم إلى الصدام، سواء مع السكان الفلسطينيين، أو مع المجتمع الدولي الذي بات يبدي اهتماماً شديداً في موضوع هدم المنازل.
وتشير بعض التقديرات إلى وجود نحو 20 ألف مبنى «غير قانوني» في شرقي المدينة، يسكنها نحو 180 ألف فلسطيني. ويتطلب هدم كل منزل جهداً قانونياً وأمنياً هائلين، ويؤدي أحياناً إلى «إخلال بالنظام».
واعترف نائب رئيس البلدية لشؤون شرقي القدس، يكير سيغف، الذي يبلور الخطة مع بركات، بأن سياسة منح ترخيص البناء في شرقي المدينة، هي التي دفعت السكان إلى البناء غير القانوني.


تآكل دعم الجامعات الأميركيّة لإسرائيل!

قال أساتذة جامعات أميركيون إن الدعم الثابت للسياسة الإسرائيلية في الجامعات الأميركية تآكل بنسبة كبيرة. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست»، أمس، أن كلام الأساتذة جاء في ختام برنامج للتبادل الأكاديمي برعاية مركز رابين للسلام. وقال ريتشارد صامويل، أستاذ العلوم السياسية في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، ومدير مركز ماساتشوسيتس، إن «المزاج في الولايات المتحدة يتغير». وأضاف «أعتقد أنه يتغير بطريقة تستحق الكثير من الاهتمام، وخصوصاً من وجهة نظر إسرائيلية»، مشيراً إلى أن «إمكان الاعتماد على دعم غير مشروط ـــــ نحن لا نتحدث الآن عن دولة إسرائيل بل عن سياسات الحكومة ـــــ قد تآكل بطريقة دراماتيكية حسبما أعتقد».
ولفت صامويل الى أن النقاش في حرم الجامعات بالولايات المتحدة حول إسرائيل غالباً ما يختلط بالنقاش بحق الدولة العبرية في الوجود، مشدداً على رفضه المطلق لأن تكون هذه هي القضية. وقال «كان هناك وقت كادت فيه إسرائيل أن تحتكر موضوع حقوق الإنسان، وهذا انتهى منذ زمن بعيد». بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية شارلز كوبشان، «أعتقد أنه قبل عشر سنوات كان مركز الجذب إعطاء إسرائيل الاستفادة من الشك، ولا أعتقد أن هذا لا يزال صحيحاً». وأضاف «أعتقد أن الولايات المتحدة ستظل حليفاً قوياً لإسرائيل، لكن شروط العلاقة تتغير».
وقالت نينا تانينوالد، أستاذة العلاقات الدولية في معهد واتسون للدراسات الدولية في جامعة براون، إن «التصور الذاتي الإسرائيلي للمستضعف لم يعد سرداً مقبولاً خارج إسرائيل».
(يو بي آي)