حملت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى مقر الكاتدرائية المرقسية في القاهرة، أول من أمس، أكثر من دلالة، لتزامنها مع أزمة الأقباط المصريين المختطفين في ليبيا، فضلاً عن الإشاعات المثارة عبر مواقع إعلامية مقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وربطها الزيارة بمحاولة السيسي احتواء «انقلاب ناعم» يخطط له رجال أعمال سابقون عبر بوابة الانتخابات البرلمانية، التي سيعلن موعدها اليوم.
كذلك زادت أهمية الزيارة لما سجلته من أول حضور علني للواء خالد فوزي منذ تكليفه برئاسة جهاز المخابرات العامة قائماً بالأعمال خلفاً للواء محمد التهامي، فيما تقول معلومات إن فوزي هو الذي أشار للسيسي إلى أهمية هذه الزيارة وضرورة إجرائها مباشرة بعد عودة الأخير من الكويت في زيارة استمرت يومين.
السيسي هنّأ المسيحيين الأرثوذكس بالعيد، مؤكداً لهم «مبادئ الوحدة الوطنية»، وقال في الوقت نفسه: «كان ضروري أنا أجيلكم عشان أقولكم كل سنة وإنتو طيبين». وهذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها رئيس للجمهورية قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية، كما جاءت المشاركة بعد وقت من بدء القداس بصورة مفاجئة وغير معلنة، لكن الحضور استقبلوا السيسي بهتافات حارة من قبيل «إيد واحدة»، وسط ابتسامات علت وجه بابا الكنيسة المصرية البابا تواضروس الذي كان يقف بجواره.
الجدير بالإشارة إليه أن السيسي نفذ زيارتين مشابهتين، الأولى حينما كان مرشحاً لانتخابات الرئاسة، والثانية عندما كان وزيراً للدفاع. أما الكنيسة فقالت إن الزيارة «سابقة تحدث لأول مرة... هي المرة الأولى في التاريخ التي يأتي فيها رئيس مصري إلى الكاتدرائية لتقديم التهنئة في قداس العيد والحضور وسط جموع الأقباط، ويلقي فيها كلمة».
وكان من الحاضرين مسؤولون أمنيون وعسكريون منهم وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، ونائب وزير الدفاع، اللواء محمد العصار، فيما تبدو العلاقات بين الكنيسة والمسؤولين في مصر قوية، ولا سيما منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، في 3 تموز2013، إذ كان تواضروس حاضراً لحظة إلقاء السيسي بيان عزل مرسي.
وكان الدستور المعدّل قد أقرّ في 18 كانون الثاني الماضي مجموعة قوانين، وفي مقدمتها إلزام مجلس النواب بإصدار قرارات في دورة انعقاده الأولى لتنظيم بناء وترميم الكنائس «بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية»، وهو ما يعني أن عام 2015 ربما سيشهد حلاً لقضية بناء الكنائس التي ظلت لعقود بلا حل، وبعدما تسببت قضية بناء الكنائس، أو ترميم القديم منها، في حوادث فتنة طائفية كثيرة بين مسلمين ومسيحيين. كذلك لم يصدر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك أي قانون ينظّم بناء الكنائس ولا أي قانون موحّد لدور العبادة.
في شأن داخلي آخر، أعلن مسؤول مصري أن النيابة العامة المصرية استردّت 250 ألف متر من الأراضي التي سبق تخصيصها لرجل الأعمال الهارب، حسين سالم.
حمّلت الزيارة أكثر من دلالة وخاصة أنها الأولى لرئيس مصري للكنيسة
وجرى استرداد أربع قطع من الأراضي في منتجع شرم الشيخ (شرق) سبق تخصيصها لمصلحة عدد من الشركات المملوكة لسالم. وهذا هو التطور الأخير في قضية رجل الأعمال العالقة الذي قال إنه تنازل عن نصف ثروته (نحو 560 مليون دولار)، من دون التقيد بتسوية قضائية للقضايا التي يحاكم فيها بتهم الفساد المالي والإضرار العمدي بالمال العام، حتى لو حصل على حكم بالبراءة.
على الصعيد الخارجي، وبعد إنهاء السيسي زيارته للكويت، أوقفت السلطات هناك نائباً ليبرالياً سابقاً بتهمة إهانة أمير البلاد وتوجيه انتقادات إلى زيارة الرئيس المصري. وأمرت النيابة العامة بحبس صالح الملا، بعد توقيفه أول من أمس، بسبب تغريدات عبر «تويتر»، وهو الآن متهم بتهديد العلاقات الكويتية ـ المصرية بسبب انتقاد السيسي.
وكان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، محمد عبد الله الصباح، قد قال إن «تنظيم الإخوان يشكل قلقاً لمصر ودول الخليج». وأضاف الصباح في حوار متلفز، بشأن أي تطرق إلى ملف الإخوان في لقاء قيادتي مصر والكويت، بالقول إن «الملف الأمني كان هاجساً مشتركاً كبيراً، ولا شك في أن تنظيم الإخوان هو أحد التنظيمات التي تقلق وتؤرق أشقاءنا في مصر وكذلك دول مجلس التعاون»، من دون مزيد من التفاصيل.
وفيما تستمر أزمة المخطوفين في ليبيا، أفاد مصدر في الخارجية المغربية بأن وزير الخارجية المصري سامح شكري سيزور العاصمة المغربية الرباط في الثامن عشر من الشهر الجاري لتجاوز الأزمة بين البلدين، التي اندلعت مؤخراً بصورة إعلامية، لكنّ وراءها أسباباً سياسية لم تتضح تفاصيلها بصورة كاملة بعد.
(الأخبار، رويترز، الأناضول، أ ف ب)