الرؤساء الثلاثة يطلبون من أنفسهم تلبية المطالب المحقّةرشا أبو زكي
على وقع الخطابات الانتخابية، والتهديد والوعيد السياسي، تسلق السياسيون المنابر المرتفعة والمترفعة عن مستوى هموم العمال وقضاياهم، فمزج العرق والتعب وهضم الحقوق والمطالب العمالية بعبارات كتبت خصيصاً للقيادات السياسية «المحدلية» في عدد من المناطق اللبنانية، فجاء طعم المزيج غريباً ومشوّهاً واستفزازياً... وأكثرها تشويقاً كان كوكتيل الرؤساء الثلاثة، الذين بدّلوا الأدوار في هذا العام الانتخابي، وإذا بهم يستبدلون ربطات عنقهم المزركشة بثياب العمال الرثة، ويرفعون مطالب الطبقة العاملة ويستجدون حقوقها من... أنفسهم! وهذا ما جعل عيد العمال «مخملياً» في هذا العام، فجاءت الاحتفالات كاريكاتورية جداً، خُرقت بأصوات حملت هموم العمال منذ أكثر من قرن مضى، حيث أقام الحزب الشيوعي اللبناني في مناسبة الأول من أيار تظاهرتان في النبطية وكفر رمان، ومهرجانات في عدد من المناطق.
كذلك نفذ اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني تحركات في عدد من المناطق في هذه المناسبة... أما الاتحاد العمالي العام، فأقام كعادته حفل استقبال، وذكّر بمطالب عديدة للعمال، وغفل عن عدد آخر منها، من دون أن يبرر سبب سُباته!

مطالب الرؤساء الثلاثة!

فقد احتفل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، أو «أبو الضرائب»، بحسب النائب أسامة سعد، بعيد العمال في حفل أُقيم في صيدا، وقالت وزيرة التربية بهية الحريري في كلمتها إنه صاحب العيد، لكونه «عاملاً يتحمل مسؤولياته تجاه مجتمعه ووطنه»! وهنأ السنيورة العمال، مشيراً إلى أن «هذا العيد هو عيد الإنتاج». وكان الرد من النائب أسامة سعد الذي استغرب احتفال السنيورة بعيد العمال، واتهمه «بأخذ لقمة الخبز من فم الفقير، وإعطائها للبنوك كفوائد عن الدين الذي أغرق الشعب فيه نتيجة سياساته المالية والاقتصادية والاجتماعية». وأعطت كلمة الرئيس ميشال سليمان خلاصة لافتة في حيادها، إذ دعا إلى «أنسنة» العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، «على أن يحترم كل طرف حقوق الآخر»! وكرّت السبحة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فسأل عن «جدوى النظام الضريبي الذي يطال فقط الفقراء ويتحرر من قيوده الأغنياء»، داعياً إلى خفض الضرائب عن البنزين وإعطاء العمال حقوقهم!

يا شغيلة لبنان

وفي مناسبة الأول من أيار، أصدر الحزب الشيوعي اللبناني بياناً جاء فيه: «لقد تواطأ أركان الطبقة السياسية الحاكمة، من أمراء الطوائف وحيتان المال على اعتماد السياسات الاقتصادية ـــــ الاجتماعية نفسها منذ عشرات السنين، فكانت خراباً لاقتصادنا، وضرباً لقطاعاتنا المنتجة، وتدهوراً لأوضاعنا الاجتماعية والمعيشية. لقد أغرقوا لبنان في دين تجاوز 60 ملياراً، توزعوه محاصصة وفساداً، فعرضوا البلاد للارتهان، ومستقبل أولادنا للمجهول. ونهبوا جيوبنا بالضرائب والرسوم خدمة لذاك الدين، وخدمة لموازناتهم التي تذهب هدراً وفساداً وتوزيعاً على صناديق المحاسيب».
وانتقد الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني فاروق دحروج، في المهرجان الذي أقامه أصدقاء جبهة المقاومة في ساحة عين الدير في القرعون، لمناسبة ذكرى تحرير البقاع الغربي وراشيا وذكرى شهداء المقاومة الوطنية اللبنانية والأول من أيار، النواب الحاليين والسابقين للبقاع الغربي وراشيا «الذين فرضوا البؤس على المنطقة، ولم يبرعوا إلا بالمشاركة في التعازي والتهانئ ورفع الأيدي، وفق إيحاءات من أنابهم عن أهلنا وشعبنا، ولم نر واحداً منهم اقترح مشروعاً يهمّ المنطقة أو خاض معركة لرفع الحرمان وإنماء المنطقة اللهم إلا إذا كان المشروع يهم مصالحهم».
كذلك نظم الحزب الشيوعي اللبناني في مدينة النبطية مسيرة شعبية لمناسبة عيد العمال العالمي، انطلقت من أمام تمثال حسن كامل الصباح وتقدمها الأمين العام للحزب الدكتور خالد حدادة ونائبه سعد الله مزرعاني، وشارك في المسيرة حملة الإعلام اللبنانية والشيوعية واللافتات والرايات الحمراء وصور الشهداء، ومجسمات تجسد دور العمال في الجنوب. وبعدما جابت المسيرة الشارع الرئيسي للنبطية انتهت في ساحة الشهداء حيث أُقيم احتفال استُهل بالنشيدين الوطني والشيوعي، ألقى بعد ذلك باسم نخلة كلمة اتحاد الشباب الديموقراطي.
وقال مزرعاني: «إن عيد العمال والحزب الشيوعي ذكرى لا تنفصل، نناضل اليوم من أجل ديموقراطية الانتخابات النيابية، مرشحين ممثلين عن خط وطني، مستقل، جامع، من خط يطرح كل عناوين الأزمات في لبنان». وانطلقت مسيرة في كفررمان لمناسبة الأول من أيار، جابت الشارع العام بمجسمات تعبّر عن العمال و مطالبهم وتنتقد سياسات الدولة التجويعية.

مطالب عمالية

وأقام الاتحاد العمالي العام حفل استقبال لمناسبة الأول من أيار، وقال فيه غصن: «لقد أرخت السياسات الحكومية الجائرة على امتداد السنوات الماضية بآثارها السلبية على حياة غالبية اللبنانيين ومعيشتهم، وخصوصاً منهم العمال وذوي الدخل المحدود. وتجلّت تلك السياسات في عددٍ من الإجراءات الاقتصادية والمالية للحكومة، ومن أبرزها: * نظام ضريبي يفتقر إلى أبسط أوجه العدالة، حيث يقوم على قاعدة التوسّع في الرسوم والضرائب غير المباشرة التي تمثّل 80% من واردات الخزينة. * تثبيت الرسوم على صفيحة البنزين بما يتجاوز 50%. * اجتزاء الحقّ بتصحيح الأجور الناتج من ارتفاعات غلاء المعيشة «واستنباط» طريقة مخالفة للقانون ولكل المراسيم المتعلقة برفع الحد الأدنى وزيادة غلاء المعيشة بإقرار زيادة هزيلة، مقطوعة بـ200 ألف ليرة. * إهمال متمادٍ للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. * سعي الحكومة إلى الانضمام إلى «منظمة التجارة العالمية» من دون العودة إلى الاتحاد والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لبحث المخاطر التي قد تنتج من مثل هذا الانضمام. * انكفاء الحكومات عن وضع الخطط وتنفيذها، مثل سياسة نفط وطنية ووضع خطة نقل وطنية وتشجيع الصناعة والزراعة...».


8 مليارات دولار

هو ما أنفقه مجلس الإنماء والإعمار على إنشاء المدارس والمستشفيات والنقل والاتصالات والكهرباء والبيئة، بحسب سكرتير منطقية المتن الشمالي في الحزب الشيوعي ريمون كلاس، الذي أشار، في لقاء لمناسبة عيد العمّال إلى أن هذه القطاعات لا تزال مزرية.


أحزاب ومطالب