لم يظهر زعيم التيار الصدري العراقي، مقتدى الصدر، في العراق ولا في إيران، بل في تركيا، أمام عدسات الكاميرات، في زيارة علنية هي الأولى له بهذا الشكل. زيارة غريبة بدأت يوم الجمعة الماضي وانتهت أمس من دون أن يظهر ما دار خلف الصورة، إلا ما سُرّب تسريباً. الداعي العلني للزيارة هو «بحث أوضاع البلاد (العراق) ومستقبلها» مع المسؤولين الأتراك. غير أن المهم كشفت عنه مصادر دبلوماسية تركية قالت لصحيفة «حرييت» إنّ الزيارة تندرج «في إطار سياسة المصالحة الوطنية التي يسعى المسؤولون العراقيون إلى إرسائها».ووصل الصدر إلى أنقرة برفقة ضباط الاستخبارات التركية. من أين أتى؟ «إما من طهران وإما من العراق»، على حد تعبير المتحدث باسمه صلاح العبيدي. وآخر مرة ظهر فيها الصدر كان في مقابلة أجرتها معه فضائية «الجزيرة» في 29 آذار 2008. أما آخر مرة ظهر فيها في مكان عام، فكان في 25 أيار 2005 حين ألقى خطبة الجمعة في أحد مساجد مدينة الكوفة العراقية.
واجتمع الصدر في أنقرة، مع رئيسي الجمهورية والوزراء عبد الله غول ورجب طيب أردوغان، ثمّ غادر إلى إسطنبول ليمضي يومي السبت والأحد فيها. وأكد العبيدي أن محادثات الصدر «تطرقت إلى جهود تركيا في سبيل ضمان الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط». ولم تصدر تصريحات إثر المباحثات التي حضرها ممثل وزارة الخارجية التركية الخاص إلى العراق مراد أوزيليش. وقال دبلوماسي تركي، طلب عدم الكشف عن هويته: «يمكن وضع الزيارة في خانة التحضير للانتخابات التشريعية العراقية المقبلة» في كانون الأول.
غير أنّ صمت الصدر في أنقرة قابله إسهاب في المواقف التي نقلها عنه العبيدي في أحد فنادق إسطنبول. ففي لقاء مع 70 شيعياً تركياً، بينهم نواب في البرلمان، شدد الصدر، بحسب العبيدي، على «أنّنا تخلينا عن سلاحنا ولن نرفعه، وخصوصاً ضدّ الجنود العراقيين، لكن المقاومة ستستمر. مقاومة سياسية واقتصادية وثقافية ضدّ الذين قدموا من الخارج ويحتلون بلادنا».
وسارعت المتحدثة باسم السفارة الأميركية لدى تركيا، كاثي شالو، في حديث مع «حرييت»، إلى ما يشبه الترحيب بزيارة الصدر على اعتبار أن الإدارة الأميركية «تدعم كل الجهود التي تهدف إلى إقناع الأطراف العراقية بالتخلي عن العنف والانضمام إلى العملية السياسية الديموقراطية». وتابعت: «هذه الزيارة من شأنها إقناع مقتدى الصدر بضرورة دعم جهود الحكومة العراقية»، خاتمة كلامها بالقول: «نرغب بالترحيب بالزيارة».
ويتقاطع كلام الدبلوماسية الأميركية مع ما كشفت عنه مصادر حكومية تركية لفتت إلى أنّ المسؤولين الأتراك قالوا للصدر إنه «إذا كان جزءاً من العملية الديموقراطية العراقية فسيؤدّي دوراً بنّاءً للغاية تماماً كما يقول الأميركيون لإيران وحركة حماس والقيادة السورية».
(الأخبار)