نقاش حول تنفيذ المطالب وكلفتها والمستفيدينتبلّغ مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في جلسته المنعقدة الاثنين الماضي رسالة من نقابة موظفي ومستخدمي الصندوق تفيد بأنها عازمة على إعلان الإضراب المفتوح في 12 من الشهر الجاري، أي الثلاثاء المقبل، احتجاجاً على عدم تلبية مطالبها، ولا سيما اعتبار المبالغ المسحوبة من حساب نهاية الخدمة بمثابة سلفة على تعويض نهاية الخدمة. وبحسب موظفين في الصندوق، يتوقع أن تُصدر النقابة خلال يوم أو اثنين بياناً تعلن فيه تنفيذ إضراب مفتوح ابتداءً من صباح 12 أيار، ما يعني شلل عمل كل مراكز ومكاتب الصندوق في المناطق «حتى إشعار آخر».

قاعدة احتساب التعويض

تأتي هذه الخطوة بعدما نفّذت النقابة إضراباً تحذيرياً في منتصف آذار الماضي للضغط باتجاه تحقيق مطالبها المرتكزة أساساً على بند واحد يتصل بتحويل الأموال المسحوبة من تعويض نهاية الخدمة إلى سلفة على التعويض، وبالتالي تدخل كل سنوات الخدمة في احتساب «التعويض الإجمالي».
فالواقع أن عدداً من المستخدمين كانوا قد استفادوا من تصفية تعويض نهاية خدمته حين بلغ عدد السنوات في الخدمة 20 عاماً، واستمر في العمل في انتظار بلوغ السن القانونية. وحين يبلغها سيتقاضى تعويضاً جديداً يُحتسب ابتداءً من تاريخ التصفية، أي إن عدد السنوات الذي سيُضرب بالراتب الأخير لا تدخل ضمنه المدة التي سبقت سحب التعويض على أساس 20 عاماً. وفي حالة العكس، سيُعَدّ المبلغ المسحوب سلفة، وبالتالي يحتسب التعويض النهائي على أساس إجمالي عدد السنوات التي قضاها في الخدمة مضروباً بالراتب الأخير وفق القاعدة المتبعة في الصندوق، وينزّل منها مبلغ السلفة، ما يزيد قيمة التعويضات النهائية.
ويستدل رئيس النقابة محمد عبد الله بحصول موظفي المرفأ ومصالح المياه والكهرباء والمشروع الأخضر والنقل وأوجيرو وغيرهم من موظفي القطاع العام على هذا الحق، إلا موظفي الضمان، ليشير إلى أحقية المطلب. وقال عبد الله لـ«الأخبار» إن النقابة اتخذت قرارها بتنفيذ إضراب مفتوح بدءاً من صباح الثلاثاء المقبل، في انتظار تحقيق المطالب التي يتوافر عليها 650 دليلاً هي عبارة عن أحكام صدرت لمصلحة موظفين في مؤسسات عامة أفادوا من اعتبار المبالغ المسحوبة من حساب نهاية الخدمة سلفة على التعويض.
ويرفض عبد الله الدخول في وساطة مع إدارة الصندوق عبر وزارة العمل، ويلفت إلى أن هذه الأحكام القضائية تؤكّد حق مستخدمي الضمان بهذا المطلب، وبالتالي «لا حاجة للدخول في وساطة».

كلفة إضافية

هذا الموضوع بكامله عُرض في مجلس إدارة صندوق الضمان الذي طلب من المدير العام محمد كركي إعداد دراسة بكلفته ورفعها إلى المجلس، ولم يكتمل إنجاز الدراسة بعد، غير أن أعضاءً في مجلس الإدارة من ممثلي العمال وأصحاب العمل والدولة قالوا لـ«الأخبار» إن كلفة تنفيذ مطلب النقابة تصل إلى 150 مليار ليرة، أي أكثر من كلفة الموازنة الإدارة الحالية البالغة 110 مليارات ليرة.
وبحسب الأعضاء، سيفتح هذا الموضوع نقاشاً جدلياً في إمكان استفادة كل المضمونين من هذا القرار، وبالتالي هل يصبح بإمكان كل من سحب تعويضه في فترة انهيار العملة في لبنان أن يستفيد من هذا الحق، وكم عددهم، وهل بإمكان الصندوق تغطيتهم؟
هذه الأسئلة يفترض أن تجيب عنها إدارة الصندوق قبل اتخاذ القرار، علماً بأن إعداد ملف كهذا يستلزم وقتاً بسبب حجمه وامتداده على مدى سنوات. لكن بعض أعضاء المجلس يرون أن أي قرار له انعكاسات مالية يجب أن يكون خاضعاً للتوازن المالي للصندوق، وأن على النقابة أن تبدأ بوساطة عبر وزارة العمل لتنفيذ قانون الوساطة والتحكيم الذي تخضع له عقود العمل الجماعية، علماً بأن هذا المطلب هو عطاء جديد وليس حقوقاً مكتسبة سابقة.
واللافت بحسب الأعضاء أن المطالبة بتنفيذ هذا البند تأتي على خلفية تقاعد عدد من مجلس إدارة النقابة، وبالتالي يستفيدون من هذا القرار ويزاد على تعويضات نهاية الخدمة لديهم مبالغ لا تقل عن 130 مليون ليرة للواحد. ويشير بعض الأعضاء إلى أن الكلام الذي أثير سابقاً عن تقاضي مستخدمي الضمان أكبر العطاءات سيتكرر من جديد، لأن الصندوق لم يضع بعد سلسلة رتب ورواتب جديدة بدلاً من زيادة الـ 5 في المئة السنوية وتقاضي راتب 14 شهراً في السنة. علماً بأن خطوة النقابة لم يشهد لها الاتحاد العمالي العام مثيلاً منذ عام 1992، فهو لم يهدد بتنفيذ إضراب مفتوح منذ ذلك الحين!
(الأخبار)