تزامناً مع اقتراب رحيل حمد البرادعي عن منصبه مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خرجت مصر لتنفي ما تضمنه تقرير غير منشور للوكالة، جاء فيه أنه عثر على آثار يورانيوم عالي التخصيب في أراضيها، ما يطرح تساؤلات عن المغزى والتوقيت
القاهرة ــ الأخبار
وصفت وزارة الخارجية المصرية التقارير الإعلامية التي تناولت مسألة عثور وكالة الطاقة على آثار ليورانيوم عالي التخصيب في مصر بأنها «مغلوطة وقديمة». وأعربت، على لسان المتحدث باسمها حسام زكي، عن «دهشتها من أن تحصل وسائل الإعلام على معلومات في تقرير للوكالة ينتظر إعلانه في اجتماعها الشهر المقبل، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام عديدة حول دوافع البعض إلى تسريب مثل تلك الأمور».
وقال زكي إن بلاده «سبق أن أوضحت للوكالة ملابسات هذا الموضوع، ويتفق المسؤولون في الوكالة مع التفسير المصري»، لافتاً إلى أن المسألة «تعود إلى عام 2007، والوكالة تؤكد دائماً في تقاريرها أن الأنشطة النووية المصرية هي ذات طبيعة سلمية، ولم تعد هناك مسائل عالقة بشأن التعاون المصري مع الوكالة». وأضاف أنه «صدرت توجيهات لبعثة مصر لدى الوكالة لإثارة الأمر والحصول على التوضيحات اللازمة».
وكان مصدر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أكد العثور على جزيئات من اليورانيوم العالي التخصيب في عدد من المواقع النووية في مصر، مشيراً إلى أن «النتائج الأولية للتحاليل المخبرية على بعض العيّنات الطبيعية، التي جلبها خبراء ومفتشو الوكالة الذرية، أثبتت وجود تلك الجزيئات النووية التي تصلح للاستخدام في تصنيع أسلحة نووية».
وأوضح أن البرادعي «ضمّن النتائج النهائية للتحليلات الجارية على العينات الطبيعية المأخوذة من بعض المرافق النووية المصرية، في التقرير السنوي عن واقع تطبيق اتفاقات الضمانات الموقعة بين الوكالة وعدد من الدول الأعضاء بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية». وذكر دبلوماسيان مطلعان على عمليات التفتيش، التي تجريها الوكالة، أن «الآثار هي ليورانيوم مخصب بنسبة تتجاوز 20 في المئة، لكنه لا يصل إلى مستوى التخصيب اللازم للاستخدام في صنع أسلحة والبالغ نحو 90 في المئة».
وأجرى خبراء ومفتشون من الوكالة الذرية خلال عامي 2007 و2008 سلسلة عمليات مسح بيئية في مفاعل «أنشاص» المخصص للأبحاث النووية والطبية. وفسر مسؤولون مصريون العثور على جزيئات وآثار لليورانيوم العالي التخصيب بأنها «ربما دخلت إلى مصر عبر حاويات وأجهزة طبية ملوثة تستخدم في نقل المواد النووية».
وفي السياق، نفى رئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية، محمد القللي، «وجود أي عمليات لتخصيب اليورانيوم» في بلاده، مؤكداً «الالتزام المصري الكامل بجميع التعهدات الدولية». وقال إن هذه الآثار «لا تدل على أن لدى مصر أنشطة أو أي مواد بهذه الدرجة من التخصيب»، مضيفاً أن «مصر ليس لديها برامج لتخصيب اليورانيوم، وهذا معلوم للوكالة تماماً، لأن مصر تتعامل بشفافية مطلقة مع الوكالة».
ولاحظ القللي أن «هذه الآثار اكتشفت أثناء تفتيش روتيني لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مشيراً إلى أن الخبراء «طلبوا تفسيراً لهذه الآثار. فكان التفسير هو أن هذه الجزيئات نقلت إلى مصر كتلوث لمعدات كانت فيها مواد مشعة جاءت من الخارج».
وتجدر الإشارة إلى أن وكالة الطاقة الذرية كانت قد عبّرت عن قلقها «لقيام مصر بأنشطة نووية وأبحاث ذرية دقيقة من دون أن تبلغ الوكالة عنها في عام 2005». لكن تقريراً أصدره البرادعي في حينه أكد عدم وجود أنشطة نووية عسكرية محظورة في ضوء تحليل العيّنات الميدانية التي جلبها مفتشو الوكالة من مصر.