h1>السلطة تنتقد الإجراءات الإسرائيلية: تُظهر القدس مدينة أشباحما بين «توضيح» عدّه الفاتيكان كافياً لإزالة لبس قديم بشأن
موقف البابا من النبي محمد، و«ضرورة الاعتذار» التي يطالب بها جمع من المسلمين، بقيت زيارة بنديكتوس السادس عشر إلى الأردن مثار جدل، عزّزه دخوله المسجد بالحذاء

أعرب الفاتيكان، أمس، عن ارتياح البابا بنديكتوس السادس عشر، لنتائج زيارته إلى الأردن، وللحوار الإسلامي المسيحي في إطار رحلة «حجّه للأرض المقدسة» التي يستأنفها اليوم بزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينيّة.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان، الأب فريدرك لومباردي، إن «قداسته وأعضاء الوفد البابوي مرتاحون لبدء الحج من الأردن، وللحوار الإسلامي المسيحي الغني الذي أعطى دفعة جديدة إلى الأمام في هذه الزيارة».
وفي سياق رحلته التي بدأت يوم الجمعة من عمّان، حيث كان الملك عبد الله الثاني وعقيلته رانيا في استقباله، ترأس البابا قداساً دينياً في استاد عمّان الدولي أمس، شارك فيه أكثر من 60 ألف شخص من الأردن وسوريا والعراق ولبنان. وحيا في مستهل القداس الحضور بكلمة «السلام عليكم» باللغة العربية ما أثار حماستهم ودفعهم إلى التصفيق. وأكد البابا ضرورة المساهمة في بناء مجتمع أكثر عدلاً، وتقديم الدعم المادي والمعنوي إلى المجتمعات المسيحية للقيام بدورها في خدمة المجتمع. وأضاف إنه «يجب أن يُظهر المسيحيون المودّة والرغبة في خدمة الآخرين لمواجهة الأفكار، التي تبرّر إزهاق أرواح الأبرياء»، مضيفاً «الإخلاص لجذوركم المسيحية والإخلاص لرسالة الكنيسة في الأرض المقدسة يحتمان على كل منكم التحلي بنوع خاص من الشجاعة».
وبعد انتهاء القداس، زار البابا (82 عاماً) مطرانية اللاتين في العاصمة الأردنية، ثم توجّه برفقة الملك الأردني وعقيلته ومستشاره للشؤون الدينية، الأمير غازي بن محمد، إلى موقع المعمودية في وادي الخرار على الضفة الشرقية لنهر الأردن، الذي يُعتقد أنه شهد تعميد المسيح على يد يوحنا المعمدان.
وكان البابا قد زار أول من أمس، جبل نيبو، الذي يقول الإنجيل إن النبي موسى رأى فيه «أرض الميعاد» قبل أن يموت، حيث شاهد من على قمة الجبل، نهر الأردن وأريحا وتلال القدس. ودعا البابا من هناك إلى مصالحة بين المسيحيين واليهود. كما رعى وضع الحجر الأساس لجامعة مأدبا، وهي أول جامعة مسيحية في الأردن. وفي كنيسة الصياغة، التي تعود إلى القرن السادس، قال البابا إن «التقليد القديم بالحج إلى الأراضي المقدسة يذكّرنا بالرابط غير القابل للكسر الذي يوحّد الكنيسة والشعب اليهودي». وعبّر عن أمله في أن يكون اللقاء «إلهاماً للمحبة المتجدّدة لكتابات العهد القديم والرغبة في التغلّب على كل العقبات التي تواجه المصالحة بين المسيحيين واليهود بالاحترام المتبادل والتعاون في خدمة السلام الذي تأمرنا به كلمة الله».
وأثارت هذه التصريحات جدلاً، ودافع عنها الناطق باسم زيارة البابا للأردن، عضو الاتحاد الكاثوليكي العالمي، الأب رفعت بدر، قائلاً إنها «تتحدث عن اليهود بصفتهم أتباع ديانة توحيدية فقط». وطالب بعدم إخراج هذه التصريحات من «سياقها الديني المحض»، مشيراً إلى أن البابا لم يورد أي حديث سياسي يخص إسرائيل.
وفي اليوم الثاني من زيارته إلى أول دولة عربية، قال البابا، من داخل أكبر مساجد الأردن «مسجد الحسين بن طلال» في عمان، لرجال دين مسلمين، إن «الدين يجب أن يكون قوة توحّد لا تفرق».
وبعدما أقرّ «للأسف بوجود توتر وانقسام بين أتباع مختلف الديانات»، تساءل البابا «أفلا يمثّل في الغالب التوظيف الأيديولوجي للدين، أحياناً لغايات سياسية، المحفّز الحقيقي للتوترات والانقسامات وأحياناً حتى العنف في المجتمع؟». وقال المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان، فريديريك لومباردي، إن البابا لم يخلع حذاءه عند زيارته لجامع الحسين، كما أنه لم يصلِّ صلاة مسيحية داخل المسجد، بل وقف وقفة تأمل في مكان مخصص للصلاة.
وأضاف لومباردي «تهيأنا جميعاً لخلع أحذيتنا عندما أصبحنا أمام مدخل المسجد، وتهيأ البابا لذلك، لأننا نعلم أن خلع الحذاء من علامات احترام المسجد، ولكنّ مضيفينا لم يقوموا بأي شيء يدل على أنه يجب أن نخلع أحذيتنا، بل على العكس قادونا إلى داخل المسجد».
وينتقل البابا اليوم إلى فلسطين المحتلة، ليزور الدولة العبرية والأراضي الفلسطينية، حيث دانت السلطة الفلسطينية الإجراءات والتحضيرات الإسرائيلية لزيارته في القدس الشرقية وبيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.
وقال رئيس ديوان الرئاسة، رفيق الحسيني، للصحافيين في مقر الرئاسة في رام الله، إن «إسرائيل تحاول أن تُبرز في هذه الزيارة أن القدس مدينة موحّدة وعاصمة إسرائيل وهذا ما نرفضه وندينه». وأضاف «لا يوجد أي حوار أو تنسيق مع إسرائيل بخصوص زيارة البابا للقدس، بل إن معركة بدأت بشأن القضية اعتباراً من اليوم»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تحاول أن تستغل الزيارة للاعتراف الضمني بسيادتها على القدس الشرقية التي هي أرض فلسطينية محتلة منذ عام 1967 مع باقي الأراضي الفلسطينية، التي نشدّد على أنها عاصمة لدولة فلسطين».
وأبدى الحسيني خوفه من أن تحوّل إسرائيل القدس الشرقية «إلى مدينة أشباح خلال زيارة البابا للأماكن المقدسة، من خلال إغلاق كل المدينة والمدارس والمحالّ التجارية ومنع المصلّين من دخول منطقة المسجد الأقصى والكنائس التي سيزورها البابا».
(بترا، أ ف ب، يو بي آي)