h1>دعا إلى «دراسة كل طريق» يؤدي إلى «تسوية عادلة» من دون الإشارة إلى الدولة الفلسطينيةيبدو أن عقدة الذنب الأوروبيّة تجاه اليهود، لن تفارق قاموس «معاداة السامية»، رغم أن «مظلومية» الشعب اليهودي أصبحت في خبر كان، بعدما أصبح «المظلوم» متفنّناً في ظلم الآخرين من فلسطينيين وعرب. واقع مزرٍ لا يزال الفاتيكان يغضّ النظر عنه، باسم «الإنسانية»
استغل البابا بنديكتوس السادس عشر وصوله إلى الدولة العبرية، أمس، ليعيد وصل ما انقطع أخيراً بين بعض دوائر الفاتيكان واليهود، على خلفية تشكيك أحد الأساقفة بالمحرقة النازية. وقال البابا الألماني، الذي خدم في الجيش في عهد النازية، «من المأسوي أن اليهود مرّوا بظروف أيديولوجية مروّعة تحرم كل إنسان من كرامته الأساسية».
وأضاف البابا، لدى وصوله إلى مطار بن غوريون القريب من تل أبيب، آتياً من الأردن حيث اختتم زيارة بدأت الجمعة الماضي، «أنتهز فرصة تبجيل ذكرى ستة ملايين يهودي ضحايا المحرقة (قالها باللغة العبرية). وأنا أصلي كي لا تشهد الإنسانية مجدداً أبداً جريمة بهذا الحجم».
وانتقد البابا معاداة السامية، قائلاً إنها «تطلّ برأسها البغيض في أماكن كثيرة من العالم»، مضيفاً «هذا غير مقبول تماماً. يجب أن تبذل كل الجهود لمكافحة معاداة السامية أينما وجدت وتشجيع الاحترام لأفراد كل شعب وقبيلة ولغة وأمة في أنحاء العالم».
ومرت العلاقات بين الفاتيكان وإسرائيل بواحدة من أسوأ فتراتها، بعدما ألغى البابا في كانون الثاني قرار عزل أربعة أساقفة، بينهم أسقف نفى مقتل ستة ملايين يهوديبعد ذلك، تطرّق البابا إلى المصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين، قائلاً «أدعو كل المسؤولين إلى دراسة كل طريق ممكن باتجاه تسوية عادلة للصعوبات الكبيرة ليتمكن الشعبان من العيش بسلام، كل في بلده، داخل حدود آمنة ومعترف بها دولياً»، من دون أن يستخدم كلمة دولة.
وتطرّق البابا إلى القدس المحتلة، التي انتقل إليها مباشرة من المطار، حيث قال «الشيء المشترك بين الديانات الثلاث الموحّدة العظيمة (المسيحية، الإسلام واليهودية)، هي تبجيلها الخاص لهذه المدينة المقدسة»، مضيفاً «آمل من كل قلبي أن يتمكن كل زوار الأماكن المقدسة من الدخول إليها بحرية ومن دون قيود».
من ناحيته، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، الذي استقبل البابا إلى جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعبارات ترحيب لاتينية «نرى في زيارتك هنا للأرض المقدسة مهمة روحانية هامة على أعلى مستوى. مهمة للسلام ومهمة لزرع بذور التسامح واقتلاع أعشاب التعصب الضارة من جذورها».
وادّعى بيريز بأن «إسرائيل تحافظ على حرية العبادة والوصول إلى الأماكن المقدسة»، علماً بأن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى منذ عام 2000.
واستقل بابا الفاتيكان بعد ذلك طائرة هليكوبتر إسرائيلية إلى القدس المحتلة، حيث أقيم احتفال قصير رحب خلاله رئيس البلدية الإسرائيلي، نير بركات، بالبابا في «عاصمة إسرائيل». وحرص على استخدام هذا التعبير في الجزء الذي ألقاه من كلمته بالعبرية فقط.
كذلك استقبل الرئيس الإسرائيلي البابا في دارته في القدس الحتلة، حيث تبادل الجانبان الهدايا قبل أن يعقدا خلوة. ثم استقبل البابا عائلة الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط. وبعد ذلك توجّه إلى نصب ياد فاشيم لضحايا المحرقة.
ويقيم البابا اليوم قداساً في القدس المحتلة، على أن يقيم قدّاسين آخرين غداً في بيت لحم حيث سيلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعد غد في الناصرة.
في المقابل، لم يشارك رئيس الكنيست، ريوفين ريفلين، وهو ثالث شخصية في الدولة العبرية، في الاستقبال الرسمي للبابا، لكنه التقاه في ياد فاشيم.
وأعلن النائب من حزب الاتحاد الوطني (يمين متطرف)، آريي الداد، أنه «لا مجال للحماسة ولا للانحناء أمام هذا البابا الذي بدأ عملية تطويب بيوس الثاني عشر»، داعياً إلى «مقاطعته».
كذلك قاطع وزراء حزب «شاس»، وفي مقدمهم وزير الداخلية، نائب رئيس الوزراء، إيلي يشاي، استقبال بنديكتوس، احتجاجاً على «ماضيه» وانتمائه في صباه إلى «الشبيبة النازية».
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن ناشطي اليمين المتطرّف وزعيمي المستوطنين في الخليل، باروخ مارزل وإيتمار بن غفير، قدّما دعوى قضائية ضد البابا بادعاء أن بحوزة الكنيسة الكاثوليكية كتباً يهودية مقدسة «تمت سرقتها من الهيكل» قبل ألفي عام.
إلى ذلك، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، دودي كوهين، قوله إن لدى الشرطة معلومات استخبارية عن نية جهات تنفيذ أعمال شغب وخرق النظام العام خلال زيارة البابا لإسرائيل. وأضافت الإذاعة أن الشرطة اعتقلت في منطقة البلدة القديمة في القدس أمس، ناشطين من اليهود المتدينين المتشددين (الحريديم) بعد ضبطهما يعلّقان على الجدران ملصقات تندد بزيارة البابا.
(رويترز، أ ف ب، أ ب، يو بي آي)