خاص بالموقع | 11:10 PMهآرتس ــ يوئيل ماركوس
يذكّرنا وضْع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في هذا الوقت، بالدعابة المعروفة عن طلائع الكشافة الذين ساعدوا عجوزاً على اجتياز الشارع وهي تصرخ طوال الطريق. وعندما سُئلت لماذا تصرخ، أجابت بأنها لم تكن ترغب أصلاً في اجتياز هذا الشارع. «بيبي» ليس في مثل هذا السن المتقدم، إلا أن الرئيس باراك أوباما أصغر منه سناً بـ12 عاماً، وهو محسوب على فصيل طلائع الكشافة الذين يعرفون أفضل من «بيبي» ما هو جيد بالنسبة إليه وفي أي جانب من الشارع يجب أن يكون.
من المبكر أن نحسم مسألة احتمال تغيّر «بيبي»، لكن لا تزال ثمة إشارات تدل على أنه متذبذب أكثر من اللازم. فهو يصرح بأنه مستعد لعقد اتفاق سلام مع سوريا، ولا يمر وقت طويل حتى يقول إنّنا لن ننسحب من الجولان أبداً. كل أحمق يعرف أنه من دون الرحيل من الجولان، لن يكون هناك سلام مع سوريا. والأمر الأكثر سوءاً هو أنه لم يتحقق بعد من موقف إدارة أوباما من سوريا. كان بإمكانه أن يقرأ في «نيويورك تايمز» أن الإدارة الأميركية قد أعادت فرض العقوبات على سوريا مجدداً.
هذا هو الـ«بيبي» الذي يشارك ويدعم القرارات الاقتصادية الصعبة بالنسبة إلى الضعفاء من المواطنين، وبعد ذلك يقول: «لم أعرف» بالأمر ويسارع إلى امتطاء صهوة السياسة المعاكسة. خدعة «بيبي» نمطية. هذا التأرجح يشير إلى أنه لم يتغير. من تغير فعلاً هو الولايات المتحدة الأميركية. وإذا كان الحظ قد حالف «بيبي» ووصل إلى الحكم، رغم أنه لم يكن رئيس الحزب الأكبر في الدولة، فإن هذا الحظ قد خانه في الوقت نفسه. دخل لهذا المنصب في اللحظة الأقل ملاءمة لخوض مواجهة مع إدارة أوباما.
على «بيبي» أن يتغير لأن وضعنا قد تغير. مقولة إسحاق شامير الشهيرة أن العرب هم العرب أنفسهم وأن البحر هو البحر نفسه، يجب أن تتوقف هنا: أميركا ليست أميركا السابقة نفسها.
الأحجية هنا هي كيف يمكن السياسي الإسرائيلي الأكثر معرفة بأميركا أن يتوجه إلى واشنطن في ظل شروط ابتدائية سيئة إلى هذا الحد: حكومة تعتمد على أفيغدور ليبرمان وعلى مواقفه المتطرفة، فضلاً عن بني بيغن وروبي ريفلين اللذين تعهد لهما «بيبي»، وفقاً لبعض الأخبار، بأن حكومته لن تتقدم في المجال السياسي.
السؤال هو أيضاً: إلى أي مدى سيكترث أوباما بوضع «بيبي». من الممكن أن نخمّن أنه قد يعطيه مهلة من الوقت، لكنه لن يوافق على التسويف والممطالة بأي شكل من الأشكال.
سياسة أوباما واضحة؛ نجح في توزيع طاقاته وجهوده بين الجبهة الداخلية، والأزمة الاقتصادية، وبين النشاط السياسي الحثيث في الشؤون الخارجية، حيث يسير نحو اتجاه التهدئة والتفاوض وتجنب المبادرات الهجومية القائمة على القوة.
وفي البند الأول في هذه الصفحة، يمكن أن نجد تهدئة الصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني من خلال التفاوض بين الدول المعتدلة في منطقتنا.
حتى إن لم يتغير «بيبي»، فهو أبعد من أن يكون أحمق. وهو بالتأكيد يتمتع بما يكفي من الذكاء لإدراك أن أوباما ينوي أن يفعل ما يقوله. الدليل: لم يكن هناك رئيس يتمتع بشعبية تبلغ 68 في المئة من أيامه الأولى.
في منظومة علاقاتنا مع الولايات المتحدة، كانت هناك أوضاع كنا نعتمد فيها على استجابة الطرف الآخر أو رفضه. في هذه النقطة، تفهمت أميركا موقفنا دائماً، حيث كان الطرف الآخر هو الطرف الرافض. لكن في مسائل مثل تجميد الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية غير القانونية، ليس من الممكن تعليق اللائمة على الطرف الآخر.
إن قال نعم ولم ينفّذ مثلما حدث في عهد الرئيس جورج بوش، فسيتورط مع إدارة أوباما. وفي مثل هذه العلاقات، تسبق الأفعال الأقوال. من الممكن إخضاع الأقوال للأخذ والرد، لكن من لا ينفذ وعوده فسيكون في مصيبة كبيرة.
لكن للأقوال أيضاً حدودها. عندما نطالب فجأة بأن يعترف الفلسطينيون بالدولة اليهودية، يبدو ذلك ذريعة. فخطة التقسيم كما يعلم الجميع، تتحدث عن دولة يهودية وأخرى عربية، وكان من المنطقي أكثر أن يطالبنا الطرف الآخر تحديداً بالاعتراف بالدولة العربية المستقبلية دولةً فلسطينية.
وما هي أيضاً حكاية عدم الاعتراف بمبدأ الدولتين لشعبين؟ عمّ يجري الحديث إن لم يكن تقسيم البلاد؟
الدكتور في الشؤون الأميركية، الذي درس وترعرع هناك، سيضطر لإعادة التمعن في الخريطة السلطوية الأميركية. أيام بوش لن تكرّر نفسها. أنصار إسرائيل من المسيحيين الأنغليكان والمنظمات اليهودية ذات الميول اليمينية سيضطرون لتغيير نمط سلوكهم. التأييد الواسع من الكونغرس والجمهور يضمن لأوباما ولاية ثانية.
لا يمكن أن تكون هناك شروط أكثر سوءاً من هذه الشروط للأطراف اليمينية.
على «بيبي» أن يتغير، لأن الوضع قد تغير. عشت يا «بيبي» فلتقطع الشارع إلى الطرف الآخر بالهرولة.