strong>بدا تعاطف البابا بنديكتوس السادس عشر مع قضية الشعب الفلسطيني لافتاً أمس، خلال زيارته إلى بيت لحم، رغم الحيادية السلبية، التي لعبها الفاتيكان منذ عام النكبة تجاه مهد المسيحأعرب البابا بنديكتوس السادس عشر، أمس، عن أسفه للبناء «المأساوي» لجدار الفصل العنصري، الذي تقيمه إسرائيل في فلسطين المحتلة متوقعاً سقوطه، فيما دعا في مستهل زيارته للضفة الغربية إلى وطن للفلسطينيين ذي سيادة، معلناً أنه يصلي لإنهاء الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.
وخلال وقوفه أمام جزء من جدار الفصل في بيت لحم، قال البابا في كلمة ألقاها أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس: «رأيت الجدار الذي يقتحم أراضيكم ليباعد بين الجيران وليشتت العائلات، ومع أن الجدران يمكن أن تبنى بسهولة، فإننا نعلم أنها ليست دائمة ويمكن أن تسقط»، مشدداً على «أن نزيل الجدران من حول قلوبنا، وأن نزيل الحواجز القائمة ضد جيراننا».
وقال البابا، في مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم: «يرتفع فوق رؤوسنا رمز يذكّرنا بالجمود الذي يبدو أن الإسرائيليين والفلسطينيين وصلوا إليه في علاقاتهم، ألا وهو الجدار»، مشيراً الى معاناة اللاجئين بقوله: «لقد كنت والحزن يعصر قلبي شاهداً على وضع اللاجئين الذين أجبروا مثلهم مثل العائلة المقدسة على الفرار من منازلهم».
وأعرب البابا، في يومه الثالث لزيارته إلى «الأراضي المقدّسة»، عن «التضامن مع كافة الفلسطينيين المشردين الذين يتطلعون إلى العودة إلى مسقط رأسهم، أو العيش دائماً في وطن لهم». وقال: «أعلم أن العديد من عائلاتكم مقسمة، سواء من خلال اعتقال بعض أفراد العائلة، أو القيود المفروضة على حرية الحركة. إنني أشعر مع كل من يعاني من ذلك». وتابع: «من المفهوم أنكم تشعرون بالإحباط في أغلب الأوقات لأن تطلعاتكم في الحصول على منازل دائمة ودولة فلسطينية مستقلة لم تتحقق بعد».
وأضاف البابا: «في هذه الأيام يتسم هذا التطلع بحرقة لأنكم تستذكرون الأحداث التي وقعت في أيار 1948 وسنوات النزاع التي تلت تلك الأحداث والتي لم تجد حلاً لها بعد».
وكان البابا قد أعرب خلال قداس في كنيسة المهد في بيت لحم، حيث ولد المسيح، عن تأييد الفاتيكان لقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وقوبل خطابه بالتصفيق حين قال: «يهفو قلبي بنوع خاص إلى الحجاج الآتين من غزة الممزقة نتيجة الحرب: أسألكم أن تبلغوا عائلاتكم ومجتمعكم معانقتي الحارة لها وتعبروا عن التعازي على الخسائر والصعاب والآلام التي تكبدتموها. كونوا على ثقة بتضامني معكم خلال مسيرة إعادة التعمير وبصلواتي كي يرفع الحصار بأسرع وقت».
وفي إقرار ضمني بالمخاوف الأمنية الاسرائيلية، قال البابا: «آمل من كل قلبي أن تهدأ سريعاً المخاوف الخطيرة المتعلقة بالأمن في إسرائيل والأراضي الفلسطينية وأن يحدث ذلك بالقدر الكافي بما يسمح بحرية حركة أكبر». وحث الناس على عدم «اللجوء إلى الإرهاب».
وخلال كلمة في مقر الرئاسة في بيت لحم، قال البابا موجهاً حديثه لعباس: «سيدي الرئيس، الفاتيكان يؤيد حق شعبكم في وطن فلسطيني ذي سيادة في أرض أجدادكم يعيش في أمان وسلام مع جيرانكم داخل حدود معترف بها دولياً».
أمّا الرئيس الفلسطيني، فقد قال في كلمته: «أعبّر عن فائق شكرنا وتقديرنا لمواقف الكرسي الرسولي المتفهم لمعاناة شعبنا منذ حلت به النكبة قبل واحد وستين عاماً، شعبنا الذي لا يزال حتى يومنا هذا يطالب بتحقيق العدالة ويسعى صادقاً لتحقيق السلام القائم على العدل».
وأضاف عباس: «في هذه الأرض المقدسة هنالك من يواصل بناء الجدران الفاصلة بدلاً من بناء الجسور الواصلة ويسعى بقوة الاحتلال إلى إجبار مسيحيي هذه البلاد ومسلميها على الهجرة، من أجل أن تتحوّل أماكننا المقدسة إلى مجرد آثار للسياحة، لا أماكن للعبادة، تنبض بالحركة الدؤوبة والمتواصلة للمؤمنين. إن قداستكم على اطلاع تام على الوضع القائم في القدس حيث يحيط الجدار العنصري بالمدينة ويمنع أهلنا من أبناء الضفة الغربية من الوصول إلى كنيسة القيامة أو المسجد الأقصى للصلاة. وتمارس ضد مواطنيها العرب، مسلمين ومسيحيين، كل أشكال القمع والاضطهاد ومصادرة الأرض ومنع البناء وهدم البيوت وفرض الضرائب الباهظة، في سبيل تكريس ضم إسرائيل للقدس العربية إليها، لكن القدس العربية هي درة التاج وهي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين».
وقال عباس إن «الوقت حان» لوقف معاناة الفلسطينيين. وخاطب الإسرائيليين قائلاً: «تحلّوا بالشجاعة الكافية لمقاومة كل الميول التي قد تساوركم بالانسياق إلى أعمال عنف وإرهاب». وأضاف: «على العكس، فليكن ما واجهتموه تجديداً لتصميمكم على صنع السلام». وأضاف: «أطلب منكم جميعاً وأطلب من قادتكم قطع التعهد مجدداً بالعمل لبلوغ هذه الأهداف. وأوجه دعوة خاصة إلى المجموعة الدولية لكي أطلب منها أن تستخدم ثقل نفوذها للوصول إلى حل».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)


رسالة تختصر معاناة المقدسيّينوقالت فادية، لوكالة «فرانس برس»: «جازفت وتجاوزت صفوف قوات الأمن ورميت الرسالة إلى سيارة البابا أشرح فيها المعاناة التي أعيش فيها». وتابعت: «لم يبق لي أمل إلاّ البابا، أنا ولدت في القدس وأعيش فيها، وأتجوّل الآن من دون هوية مثل المشردين بعدما سحب الإسرائيليون إقامتي بحجة أسباب أمنية». وتابعت فادية، وهي شابة جميلة شقراء فارعة الطول زرقاء العينين: «هذه الرسالة تمثل وضع الآلاف من الفلسطينيين مثلي»، مضيفة: «علينا أن نوصل إلى البابا ما نعاني منه من ظلم، وما يحدث معنا كمسيحيين في القدس من قهر ومعاناة، لا نريد سوى العدل ومساعدة البابا لنا بصفتنا أبناء رعيته». وأضافت: «أتمنى أن يأخذ البابا هذه الرسالة في الاعتبار، وأن يقدم لنا المساعدة، وإذا لم يستطع هو التأثير على إسرائيل فأنا لا أعرف من يستطيع».
ومضت فادية تقول: «كنت عائدة من البرازيل من مؤتمر اتحاد الكنائس العالمي، الذي يدعو للسلام والمحبة، في آذار 2006، ولدى وصولي إلى الحدود الأردنية الإسرائيلية سحب الإسرائيليون هويتي، وقالوا لي أن أراجع وزارة الداخلية في القدس». وأضافت: «رفضت الاستخبارات منحي الموافقة الأمنية ورفعت قضيتي إلى القضاء وأنا حالياً أتجول من دون أوراق ثبوتية».
(أ ف ب)