خاص بالموقع | 12:05 AMهآرتس ــ شاؤول غفعولي
وصف موشيه أرينز، مؤيّدي حل «دولتين للشعبين» بأنهم أناس لديهم «عيون مغمضة بشدة»، وذلك في مقال كتبه في «هآرتس»، مقترحاً البحث عن حلول أخرى كالعودة إلى الوضع الذي كان موجوداً قبل حرب الأيام الستة، أي إعادة الضفة إلى الأردن، وضم قطاع غزة إلى مصر. ورأى أن العائق الوحيد لذلك هو الإرهاب: فهاتان الدولتان الحكيمتان لا تريدان الإرهاب الفلسطيني والأصولي. لهذا اقترح أرينس أن يقبلا الهدية المعروضة عليهما، وهي قبل كل شيء، القضاء على الإرهاب. وهو يزعم أن هذا ممكن، وقد سبق أن فعلنا هذا في الضفة.
يخيَّل إليّ أن أرينز يعلم أن مصر والأردن لن تضمّا أبداً عشاً فلسطينياً موبوءاً، لكن يقصد من قوله عرقلة مشروع «دولتين للشعبين». مع ذلك أوافقه على زعمه أن جزءاً من الشعب مصاب بالعمى. وأقصد أولئك الذين لا يفهمون ما هو معنى دولة واحدة في إسرائيل الكاملة، تُمنح فيها حقوق مواطنة تامة للفلسطينيين حيث ستكون تلك نهاية الدولة اليهودية.
وفي مجلس نيابي مقسّم بين اليهود والفلسطينيين، ستقوم مسألة «حق العودة» للفلسطينيين في مقابل «قانون العودة» لليهود. وهكذا، ستحل نهاية الهجرة اليهودية إلى هنا لأنهم أصلاً لن يوافقوا على الهجرة إلى «دولة نصفها من الفلسطينيين». وسيلغي ذلك المجلس النيابي على الفور، النشيد الصهيوني «هتكفا».
لكن هذا لا يحتسب في مقابل الوضع الأمني الذي سيسود في هذه الدولة. وستكون هذه الدولة مصابة بالكراهية والإرهاب إلى درجة الحرب الأهلية الدائمة. وستوجد مناطق تحت سيطرة فلسطينية فعلية يخاف اليهود من التجوال فيها.
من سيحارب الإرهاب في «إسراطين»؟ هل ستكون تلك شرطة تحت قيادة قائد عام فلسطيني ووزير أمن داخلي يهودي، أم العكس؟ في لبنان نظام يرأسه مسيحي ماروني، ورئيس حكومة سني ورئيس مجلس نيابي شيعي. ماذا سيكون عندنا؟ من سيمنع غزو دولة مجاورة؟ هل جيش «إسراطيني» مع وحدات مشتركة، أم جيش مقسوم إلى وحدات وفق تقسيم طائفي وقومي، مع رئيس أركان درزي؟ أي يهودي سليم العقل يريد العيش في بلد فظيع كهذا؟
إن معارضي حل «دولتين للشعبين» يعدّون لنا خراب الهيكل الثالث، وعيونهم مغمضة بشدة. وفي المقابل، إنّ السعي إلى دولتين للشعبين، فضلاً عن أنه يلبي الحاجة الصهيونية إلى دولة ذات غالبية يهودية صلبة، هو يجيب عن المشكلة الأمنية أيضاً.
لا يقدّر من يزعمون أنه كان يجب علينا البقاء في قطاع غزة لأسباب أمنية، تقديراً صحيحاً الثمن الأمني والسياسي الباهظ الذي كنا سندفعه مع استمرار المكوث هناك. حظينا في حرب لبنان الثانية وفي عملية «الرصاص المصهور» بشرعية دولية معقولة، وذلك بالأساس بفضل خروجنا من المنطقة من قبل. الحرب عموماً أمر غير مرغوب، ويجب فعل كل شيء ممكن لمنعها. وإذا حدثت الحرب، فيفضَّل أن تكون مع كيان سياسي معترف به. ففي حرب من هذا النوع، لنا تميّز واضح على العدو بالقياس إلى مواجهة في وضع احتلال دائم.
إن السيطرة على أرض محتلة ليست كارثة أخلاقية واجتماعية وسياسية فحسب، بل مخاطرة أمنية شديدة أيضاً. إن الخسائر التي وقعت بنا في محور نتساريم ومحور فيلادلفيا عندما كنا داخل قطاع غزة، برهنت على ذلك. وقد دفعنا ثمناً باهظاً بالخروج من لبنان ومن غزة من طرف واحد بأسلوب «ليكن الطوفان من بعدي» من دون أي ترتيبات أمنية.
نفضّل تسوية دولتين للشعبين مع ترتيبات أمنية ورقابة من حكومات مسؤولة وضمانات دولية من جميع الجهات على استمرار الاحتلال وإقامة «إسراطين».