خاص بالموقع | PM 11:25بغداد ــ زيد الزبيدي
أعربت كتل سياسية عراقية أساسية في اليومين الماضيين، عن تحفظاتها تجاه دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تغيير النظام السياسي في العراق، من برلماني إلى رئاسي. وبررت الأصوات المعارضة رفضها بأن خلفية الدعوة طائفية غذّاها الاحتلال، وبنى على أساسها «العملية السياسية» الحالية، ما دفع ببعض المعلقين إلى القول إن الطرح الجديد يعني «حكم الأكثرية الشيعية، وقبول الآخرين بالأمر الواقع».

ويرجَّح أن المالكي لم يكن يعني هذا المضمون في دعوته، لكن الواقع العملي لا يعطي غير هذا الانطباع؛ فعندما طرح رئيس الحكومة مشروع الابتعاد عن الطائفية في انتخابات مجالس المحافظات، وحصلت قائمته «ائتلاف دولة القانون» على مواقع متقدمة فيها، لم يتحالف إلا مع الكتل التي تمثل طائفته، وتنكّر لمبدأ الكفاءة، وخصوصاً في محافظة كربلاء. ففي هذه المحافظة، تقدّم المرشح المستقل يوسف الحبوبي على الجميع، وبالكاد أُعطي منصباً شبه ثانوي، بينما ذهبت حصة الأسد إلى الموالين للمالكي.

ويرى المراقبون أن تطبيق النظام الرئاسي يمكن أن يكون جيداً في بلد مبني على أسس صحيحة، وثقافة ديموقراطية متجذرة، وليس في بلد لم يخرج بعد من الحرب الطائفية، بالإضافة إلى وجود دستور معوّق وتعجيزي، كُتب ومُرّر في ظروف شاذة تحت نير الاحتلال.

واللافت أن هذا الدستور هو الذي تبنته ومررته الحكومة التي يرأسها حزب المالكي، «الدعوة الإسلامية»، والذي شارك فيه رئيسه شخصياً، وها هو يطلق اليوم التصريحات «العالية» حول ضرورة تعديله، مع علمه بأن ذلك من المستحيلات، لأنه أعطى حق «الفيتو» لثلاث محافظات (كردية وسنية وشيعية) ضد أي تعديل، ما يعني أنه محكوم «بالتوافقية» التي أوجدها.

وفي هذا الصدد، رأت «الجبهة العراقية للحوار الوطني»، أن الخلل في النظام السياسي يكمن في الدستور الذي تمت صياغته على أسس طائفية وعرقية. وبحسب رئيس «الجبهة»، صالح المطلك، فإنّ النظام الرئاسي «أفضل من البرلماني، إذا كان يطبَّق في ظروف ديموقراطية غير مستندة إلى قواعد طائفية».

وأشار المطلك إلى أن «القائمين على العملية السياسية يشعرون اليوم بضرورة تعديل الدستور، ولكنهم لا يريدون أن يعترفوا بخطأ سَنّه، ولا بد من تقديم اعتذار إلى الشعب العراقي الذي اعتمد عليهم في إقرار الدستور قبل التوجه إلى مشاريع جديدة قد تزيد من عدم ثقة الشعب بهم».

بدوره، لفت المتحدث باسم «جبهة التوافق العراقية»، سليم عبد الله الجبوري، إلى أن دعوة المالكي «تعبر عن وجهات نظر وتصورات للحالة السياسية ومتطلباتها، لكننا نعتقد بأن هذه الدعوة ليس لها أثر واقعي بقدر ما هي وجهة نظر وتصورات» شخصية.

وفي السياق، دعا النائب عن «الائتلاف العراقي الموحد»، فالح الفياض، إلى ضرورة تفعيل وثيقة الإصلاح السياسي التي صوّت عليها مجلس النواب بالتزامن مع إقراره الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية، «وليس التغطية عليها بأطروحات أخرى».

وأكّد الفياض أن المشهد العراقي «يتطلب الانطلاق من وثيقة الإصلاح السياسي، وإعادة بناء العملية السياسية المتعثرة في الوقت الحاضر» وليس تعديل الدستور.

أما «التحالف الكردستاني»، فاعتبر أن النظام الرئاسي «في دولنا النامية، هو نظام التفرد بالسلطة، وهو مخالف لمبادئ الدستور العراقي، وفيه يستحوذ الرئيس على كل شيء، وبين ليلة وضحاها يغير الدستور حسب ما يشتهيه».

وأوضح النائب عن «الكردستاني»، سامي الأتروشي، أن كتلته لا تتوقع أن يحظى رأي رئيس الوزراء بأي قبول من الكتل السياسية التي لم يسبق لها أن ناقشت الموضوع في اللجان المختصة خلال السنوات الماضية، حتى إنه استغرب دعوة المالكي للانتقال إلى النظام الرئاسي، «لأننا لم ننته حتى الآن من المواد الخلافية في تعديل الدستور، لأسباب سياسية، ونفاجأ بأن المالكي يسعى إلى إضافة موضوع آخر يعقّد الخلافات أكثر مما هي عليه».