هآرتس ــ يهودا بن مئيرالحقيقة غير المريحة هي أن دولة إسرائيل تواجه خطر المواجهة الوشيكة مع إدارة باراك أوباما، من دون صلة بالنتائج العلنية للقاء الرئيس الأميركي ورئيس وزراء إسرائيل. التصريحات المطمئنة، التي تتردد كل ساعة تقريباً على لسان الناطقين بلسان الحكومة، لا تستطيع أن تخفي الحقيقة الصعبة أو أن تغطّي على الواقع الجديد الآخذ في التبلور في واشنطن. الأمر كان جلياً، كما قال وزير الخارجية موشيه ديان، خلال المجابهة الصعبة التي اندلعت بين إسرائيل وإدارة الرئيس جيمي كارتر في بداية عهده: «حتى لو كانت لديّ عين واحدة فقط، فأنا لست أعمى».
توخّياً للنزاهة نقول إن المجابهة الآتية ليست نابعة من سلوك الحكومة الجديدة في إسرائيل. هي نابعة من فلسفة الرئيس أوباما ورغبته الشديدة في إحداث تغيير راديكالي في توجّه الولايات المتحدة ونظرتها إلى العالم، من الدوائر التي ترعرع فيها ويرتبط معها، ومن شخصية ومواقف جزء من مستشاريه ومقربيه المعروفة منذ سنوات.
ليس من اللطيف أن نقول ذلك، ولكن من يقرأ ما بين السطور يبدأ في الإدراك بأن إدارة أوباما تصبح بصورة متزايدة أشبه بإدارة كارتر. منذ ثلاثين عاماً، وهي مدة طويلة، لم تضطر إسرائيل لمواجهة إدارة صعبة كهذه، وفي بعض الجوانب يمكن القول إنها إدارة معادية مثل إدارة كارتر.
الأشخاص الذين يدّعون منذ سنوات أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية مرهونة بالمصالح الإسرائيلية ومتأثرة من اللوبي اليهودي ـــــ والذين لم يكن لهم موطئ قدم في عهد ريغان وكلينتون وبوش ـــــ قد حظوا بحقبة ملائمة جديدة وأذن صاغية في البيت الأبيض في إدارة أوباما. أيضاً في أوساط الجالية اليهودية في أميركا ـــــ معقل الدعم لإسرائيل ـــــ ظهرت أوساط مؤثرة غير مستعدة لقول كلمة «آمين» وراء كل موقف تطلقه حكومة إسرائيل.
من كل ما ذكر، لا يجب أن نستنتج بأن على إسرائيل أن تستسلم. لقد شهدنا في الماضي مجابهة صعبة مع الولايات المتحدة وخرجنا منها بسلام. ولكن كل شيء يعتمد على سلوك وذكاء وسياسة حكومة إسرائيل. المجابهة كانت ستندلع على أي حال، وحكومة نتنياهو أيضاً تستطيع الصمود في هذه المواجهة، شريطة أن تجيد إدارة دفة المسائل التي يوجد حولها إجماع في إسرائيل وتحظى بسببها بدعم كبير وتفوّق نسبي في الرأي العام الأميركي والعالمي، كذلك فإن عليها أن تظهر أنها فعّالة وليست قوالة فقط، وأن تطلق رسالة تشير إلى أنها حكومة تسعى إلى السلام وليست حكومة رفضوية.
الكونغرس ويهود أميركا والرأي العام فيها سيؤيدون إسرائيل ـــــ حتى ضد رئيس يحظى بالشعبية ـــــ في كل ما يتعلق بنفي حق العودة والاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وكذلك بصدد القدس والتجمّعات الاستيطانية.