توافُق على إيران وخلاف على المستوطنات وحلّ الدولتينعلي حيدر
أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في حديث للصحافيين الذين رافقوه في زيارته إلى واشنطن، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما بصدد إعلان مبادرة سلام جديدة في الشرق الأوسط، يبدو أنها تستند إلى مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمة بيروت عام 2002 مع بعض التعديلات.
ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن نتنياهو قوله إن أوباما ينوي «الذهاب إلى مبادرة جديدة في مركزها العامل الإقليمي»، وإنه يعتزم إعلان المبادرة خلال خطاب سيلقيه في القاهرة في 4 حزيران المقبل. وقال إنه لاحظ «تفهماً لدى أوباما، أن إسرائيل ينبغي ألا تعطي فقط، بل أن تنال في المقابل أيضاً»، مضيفاً: «لقد قلت خلال اللقاءات إننا مستعدون لإجراء مفاوضات سلام ونتوقع أن يرافق ذلك مسألة السلام الإقليمي، ولدى الرئيس التزام واضح بضرورة توسيع دائرة السلام». وأشار إلى أن أوباما «يدرك أنه ينبغي لنا تنفيذ خطوات محدّدة، لكنه يدرك أيضاً أن على العالم العربي تنفيذ خطوات تجاه إسرائيل وهو يتحدث عن خطوات تطبيعية، وقلت للرئيس إنّ بإمكان الفلسطينيين أن يتمتعوا بكل الصلاحيات ما عدا الجيش وإدخال أسلحة، وإذا اتُّفق على الجوهر، فإن المشاكل الأخرى ستُحل».
وقال نتنياهو إنه تداول مع مضيفه الأميركي في المبادرة السلام العربية «لكن فقط لجهة أنّ في الدول العربية رياحاً أكثر إيجابية بكثير مقارنة مع اللاءات الثلاث التي طُرحت خلال مؤتمر القمة العربية في الخرطوم». وأوضح قائلاً إنّ «الرئيس يعتقد، ونحن أيضاً، أنه يجب ضمّ أكبر عدد ممكن من الدول العربية إلى عملية سياسية مع الفلسطينيين، بما يجعلهم يتحدثون مباشرة مع اسرائيل». وأعرب عن استعداده «لبدء محادثات مع أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) الآن»، لكنه رفض التطرق لإمكان تحديد أوباما جدولاً زمنياً لعملية سلام على المسار الإسرائيلي الفلسطينيين، قائلاً: «لن أدخل في هذا».
وحرص نتنياهو على التأكيد لشركائه اليمينيين في الحكومة أنه لم يقل عبارة «دولتين لشعبين» خلال لقائه أوباما، بل إنّ «على الفلسطينيين الاعتراف بالهوية اليهودية لدولة إسرائيل». وبرر إجراء محادثات سياسية مع الفلسطينيين بالقول إن هذه المسألة ستوضح «كيف بالإمكان ضمان عدم إقامة دولة حماس».
ومع أن الرئيس الأميركي طالب نتنياهو، خلال المؤتمر الصحافي المشترك أول من أمس، بضرورة تجميد الاستيطان، إلا أن الأخير رفض الردّ مباشرة على أسئلة الصحافيين عن هذا الموضوع، قائلاً: «لقد أخلينا غزة وفككنا مستوطنات، لكن قامت هناك قاعدة عملاقة للإرهاب، وهل يعني أن كونهم لم يلتزموا بالتعهدات أننا سنبني المستوطنات مجدداً في غزة؟».
وتطرق إلى الملف النووي الإيراني، فقال إن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها» وإن هذا الملف «احتل مكاناً مركزياً خلال اللقاء» وإن أوباما «وافق على أنه ينبغي منع إيران من حيازة قدرات عسكرية نووية».
ورغم أن أوباما رأى أن «لا جدوى» في تحديد فترة زمنية للحوار مع إيران، فإن نتنياهو عبّر عن رضاه عن أن الرئيس الأميركي حدّد موعداً لإعادة تقويم الموقف، بعد الحوار، في نهاية عام 2009 الحالي. وعن إمكان شنّ هجوم إسرائيلي على إيران، قال إنه «لا ضوء أخضر ولا ضوء برتقالياً ولا ضوء بنفسجياً لهجوم، والمبدأ الذي اتفقنا عليه مهم وهو الالتزام من النتائج وألا تطور إيران قدرات نووية».
ولخّص نتنياهو مجمل ما نجم عن لقائه بالرئيس الأميركي عبر القول إنه أنتج «اتفاقات أكثر من عدم الاتفاق، ونحن نريد أن ينجح هذا الرئيس، والهدف هو منع إيران نووية، وهو هدف مشترك للدولتين، أما في ما يتعلق بالوسائل، فإن جميع الخيارات مفتوحة، وليس لدي ما أضيفه، لكن من الواضح أن رئيس حكومة إسرائيل ملتزم بالدفاع عن مواطني إسرائيل». وأكد أن «أوباما عبّر عن التزامه بالاحتياجات الخاصة لإسرائيل، وقد أعاد تأكيد التزام الولايات المتحدة بالتفاهمات بيننا في المواضيع الجوهرية».
وقال نتنياهو إن مدة اللقاء بينه وبين أوباما استغرقت «ساعة و45 دقيقة» على انفراد ولمدة أربع ساعات معاً (مع المستشارين)، مشيراً إلى أن «هذا أمر هام لترسيخ العلاقة الشخصية». وكشف أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستؤلفان لجاناً مشتركة تعمل على المسائل السياسية والأمنية، لكنه رفض إعطاء معلومات أخرى عن طبيعة هذه اللجان.
من جهة ثانية، رحب وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بنية أوباما بلورة مبادرة سلام جديدة، ورأى خلال مقابلة مع إذاعة الجيش أن «هذه بداية حوار هام، وأعتقد أنه بدأ حوار جدّي في مسائل تتعلق بالعملية السياسية في المنطقة».
وتحدث باراك عن «التهديد» الإيراني فقال إنه «ينبغي تمكين الأميركيين لإجراء حوار دبلوماسي كالذي يبادرون له»، مشيراً إلى أنه «تحدث بعد منتصف الليلة الماضية (أول من أمس) مع نتنياهو الموجود في واشنطن واستمع منه إلى انطباعاته بعد لقائه أوباما».
وأبدى وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، تفهماً لرفض الولايات المتحدة طلباً إسرائيلياً بتحديد مدة الحوار مع إيران بثلاثة أشهر، وقال إن «قرار أوباما بتجربة طريق الحوار مع طهران لا يمكن أن يبدأ بتحديد جدول زمني وشروط».
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر أميركي قوله إنه كان هناك تطابق في الآراء بين نتنياهو وأوباما في الموضوع الإيراني، لكن لا يزال هناك خلافات بشأن المستوطنات وحل الدولتين. ولفتت إلى أن «الاتصالات ستتواصل بين الإدارة الأميركية وإسرائيل»، وأن الأميركيين يترقبون مدى استعداد إسرائيل لتجميد المستوطنات وتفكيكها، قبل خطاب الرئيس الأميركي في الرابع من حزيران المقبل في القاهرة. ويرى الأميركيون في الخطوات التي ستقدم عليها إسرائيل في موضوع المستوطنات بداية لدفع مسيرة التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.