توافُق على إيران وخلاف على المستوطنات وحلّ الدولتينمهدي السيد
تطرقت الصحف الإسرائيلية باهتمام كبير، أمس، إلى مجريات ونتائج اللقاء الذي جمع الرئيس باراك أوباما مع نتنياهو في البيت الأبيض، فأجمعت على أنه كان ودياً وناجحاً من حيث الشكل، إلا أنه لم يشهد أي تقدم على مستوى المضمون، وهو ما عكسته مواقف الرئيسين من القضايا والمواضيع التي جرى بحثها، ولا سيما الشأنين الإيراني والفلسطيني.
وتوقفت الصحف الإسرائيلية عند أهم القضايا الخلافية بين أوباما ونتنياهو، فساد شبه إجماع بينها على أنه في الشأن الإيراني، لا يرى أوباما ضرورة لتحديد موعد نهائي رسمي للجهود الدبلوماسية، فيما يؤكد نتنياهو على ضرورة عرض موعد نهائي حتى لا تستغل إيران ذلك لمواصلة برنامجها النووي.
وفي هذه النقطة بالذات، أشار المحلل السياسي في «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر ، إلى أنهم في «إسرائيل يرون إنجازاً في أن أوباما قال لنتنياهو إنه يرى في التسلح النووي الإيراني خطراً على أمن الولايات المتحدة والعالم وتعهد بمواصلة العمل لمنع إيران من الوصول إلى قدرة نووية عسكرية. وأضافوا الحديث عن إنجاز إيجابي آخر سجل حين لمح نتنياهو إلى أن أوباما كرر الالتزام الأميركي بالغموض النووي الإسرائيلي».
لكن شيفر لفت إلى أن «كلا الطرفين، الأميركي والإسرائيلي، عرض تفسيراً مختلفاً للاتفاقات بين الرئيسين في موضوع إيران، إذ ادّعى الأميركيون بأن نتنياهو يؤيد سياسة الحوار مع إيران، فيما شدد الطرف الإسرائيلي على أن أوباما هو الذي تنازل لنتنياهو وقبل موقفه في أنه لا يمكن إدارة محادثات مع إيران حتى الأبد».
أما في الشأن الفلسطيني، فأشارت الصحف الإسرائيلية إلى موقف أوباما الذي يؤكد التزام الولايات المتحدة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، فيما لم يقل نتنياهو إنه على استعداد لتقبل «حل الدولتين»، وقال إنه على استعداد لتجديد المفاوضات، وإن على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
وحول الربط بين الصراع مع الفلسطينيين وإيران، قال أوباما إن التقدم في السلام يتعزز من القدرة على وقف البرنامج النووي الإيراني، أما نتنياهو فقال إن التهديد الإيراني هو الأكبر، وفقط بعد زواله يمكن التوصل إلى السلام.
وفي موضوع المستوطنات أيضاً، قال أوباما إنه يجب وقف البناء في المستوطنات وإن هناك التزاماً إسرائيلياً بموجب خريطة الطريق يجب تنفيذه، بينما قال نتنياهو إن إسرائيل ستنفذ التزاماتها فقط بعد أن ينفذ الفلسطينيون التزاماتهم.
في ضوء هذه التباينات بين الرئيسين، قال شيفر إنه «رغم الاستعدادات الكثيفة ومحاولات التهدئة، طافت وصعدت خلال اللقاء كل خلافات نتنياهو وأوباما». وأضاف أن اللقاء، الذي استمر نحو أربع ساعات، اختُتم بمؤتمر صحافي مرتاح، «ولكن خلف الابتسامات اختفت الخلافات العديدة التي تكاد تكون تقريباً في كل المواضيع المشتعلة». ورأى شيفر أن أوباما ونتنياهو «اتفقا على ألا يتفقا».
كذلك قال إسحاق بن حورين، في «يديعوت أحرونوت»، إن الابتسامات لم تستطع تغطية عمق الفجوات بين أوباما ونتنياهو، على الرغم من أن البيت الأبيض لم يشهد لقاءً مماثلاً من حيث مدته الزمنية، وأن أوباما الذي التقى منذ توليه السلطة أكثر من 50 رئيساً، لم يعقد لقاءً مطولاً كالذي عقده مع نتنياهو.
وبحسب حورين، فإن الرئيسين «أرادا أن نعتقد بأن اللقاء كان ناجحاً، وأن كلاهما معنيّ ولديه مصلحة في ذلك، ولا سيما بالنسبة إلى نتنياهو الذي يدرك أنه لا يمكن رئيس حكومة في إسرائيل البقاء في منصبه لفترة طويلة إذا ما اعتقد الجمهور الإسرائيلي أنه يُفسد منظومة العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة».
وفي «هآرتس»، قال عكيفا الدار إن واشنطن «لم تشهد يوماً لقاءً رسمياً تم فيه التعبير علناً في ختامه عن هذا القدر من الخلافات في المواقف». وأضاف «يمكننا أن نتصور الحديث الذي دار بين المسؤولين على مدى ساعة ونصف».
بدوره، رأى إيتان جلبوع في «يديعوت أحرونوت» أن «عهداً جديداً بدأ في العلاقات بين إسرائيل وواشنطن». ورأى أن «الرئيس الأميركي الجديد لا يكنّ لإسرائيل أي مشاعر خاصة. إنه يدافع عن مصالحه وعن مقاربته الشاملة للشرق الأوسط القاضية بالتقرب من العالم العربي، ولو لقاء الحد من العلاقات المميزة مع إسرائيل». وأضاف أنه «إذا ما تعنت نتنياهو في خياراته، فقد تحصل مواجهة ستدفع إسرائيل ثمنها باهظاً».
وفي السياق نفسه، رأى المحلل السياسي في «هآرتس»، الوف بن، أن «لقاء نتنياهو وأوباما سار وفقاً للتوقعات: فالرئيس أظهر صداقة منضبطة، غطّت على خلافات الرأي الشديدة في المضمون». ولفت إلى أن «أوباما يعتزم الخروج بمبادرة سلام جديدة، سيعرضها في خطابه في القاهرة في 4 حزيران»، وأضاف: ما من شك في أنه «ستكون فيها كل الأسس غير المريحة لنتنياهو: دولتان، وقف المستوطنات، حل البؤر الاستيطانية، بينما يفضل نتنياهو التركيز على الجوانب الإيجابية ـــــ دعوة الدول العربية لحثّ التطبيع مع إسرائيل». وبحسب بن، فإنه في الأسبوعين القريبين سيسعى نتنياهو كي يؤثر على صياغة «خطاب القاهرة» لأوباما.