Strong>دعا إلى «التحضير الجيّد» لمؤتمر موسكو وأكد ضرورة «عدم مكافأة» إسرائيلمع أن جدول أعمال مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية ينوء بقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية شائكة، إلا أن موضوع السلام احتل الحيّز الأكبر في النقاشات، بل إن كلمة الرئيس السوري بشار الأسد، الذي حلّ ضيف شرف على الجلسة الافتتاحية، وجّهت مجمل الآراء نحو التأكيد على أن إسرائيل يجب ألا تكافأ بالتطبيع

دمشق ــ الأخبار
وصف الرئيس السوري، بشار الأسد، خلال كلمة أمام وزراء خارجية المؤتمر الإسلامي، أول من أمس، إسرائيل بأنها «العقبة الأكبر في وجه ذلك السلام». وقال إن «سبعة عشر عاماً منذ بدء مفاوضات السلام في مدريد لم تؤدّ إلا إلى الإضرار بالسلام وجعله أبعد ما يكون عن التحقيق». ورأى أن إيجابية عملية السلام هي أنها «عرّت إسرائيل وفضحت حقيقتها أمام العالم».
وأشار الأسد إلى أن «فشل العمل السياسي في استعادة الحقوق الشرعية لأصحابها سيعطي الحق للمقاومة في القيام بواجبها من أجل استعادتها». وأوضح أن كلامه «لا يعكس تغييراً في الموقف من السلام». وقال «نحن في سوريا بشكل خاص، وكدول عربية بشكل عام، لم نغيّر موقفنا تجاه السلام كهدف استراتيجي يجب الوصول إليه في يوم من الأيام، مع ما يعنيه ذلك من عودة الحقوق كاملة من دون نقصان. لكن صفاء نياتنا وصدقها تجاه السلام لا يجعلنا نغفل الحقائق والتساؤلات المشروعة والمنطقية من أجل استقراء المستقبل بشكل دقيق».
ومع استمرار إسرائيل في سياستها العدوانية، توقع الأسد حصول «المزيد من الاضطراب في الساحة السياسية». وحمّل بعض الدول الغربية «مسؤولية ذلك لأنها ظلّت ولسنوات تتنكر للحقائق الموجودة على الأرض، حيث كانت تقلب المفاهيم من خلال اتهام المقاومين بالإرهاب وتصويرهم كأنهم عصابات خارجة عن القانون لا تمتّ بصلة إلى شعوبها ولا تمثّلها في كفاحها ضد الاحتلال».
وطالب الأسد بعدم «مكافأة إسرائيل على جرائمها»، داعياً إلى «ربط أي تطور للعلاقات، إذا كانت موجودة أصلاً، بمدى ما تعبّر عنه وبصورة ملموسة من التزام بالسلام العادل والشامل وعودة الحقوق المشروعة وانسحابها من الأراضي المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان»، معتبراً أن الإبقاء على الوضع الحالي سيؤدي إلى «تشكيل تربة خصبة من التوتر والتطرف ينمو داخلها الإرهاب».
ورأى الأسد أن «الإسلام يتعرض لحملة محمومة بهدف تشويه صورته كمرجعية حضارية وعقائدية، وعلى المسلمين بهدف عزلهم والحطّ من شأنهم وكأنهم حالة شاذة على الساحة الدولية أو جسم طارئ على المسرح الحضاري والإنساني»، لافتاً إلى أن «أخطر ما جرى هو الترجمة العملية لمقولة صراع الحضارات ومحور الخير والشر، وهي إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين واعتبارها حقيقة لا جدال فيها».
وأوضح الأسد «إذا كنا اعتدنا أن نحمّل الآخرين مسؤولية ما نحن فيه من انحطاط، وهو صحيح في جانب منه بسبب السياسات المعدومة الأفق، فلا شك بأنه من الضروري أن نقف مع ذواتنا في مراجعة صادقة لكي نكتشف مباشرة بأننا المسؤولون عما نحن فيه في المقام الأول، واقتصارنا على لوم الآخرين هو مجرد هروب من واقع لا نراه أو لا نريد رؤيته وهو تعبير عن ضعف يجرّ ضعفاً وعن هروب من المسؤولية يستتبع ثمناً باهظاً».
وخصّص الأسد يوم أمس لاستقبال المشاركين في المؤتمر. وخلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، دعا الرئيس السوري إلى «التحضير الجيد» لمؤتمر موسكو المقرّر حول الشرق الأوسط، «وتحديد الغاية من عقده وموقف الأطراف المعنية بالصراع والوقوف على مدى التزام إسرائيل بأسس تحقيق السلام العادل والشامل».
وسلّم لافروف رسالة إلى الأسد من نظيره الروسي ديمتري مدفيديف الذي شدد فيها على اهتمام موسكو «بتحقيق السلام العادل والشامل فى الشرق الأوسط على أساس المرجعيات الدولية ذات الصلة».
كذلك دعا الأسد، خلال لقائه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، العرب إلى «التمسك بحقوقهم وعدم تجزئتها تحت عناوين بادرات وإشارات حسن نية». وقال، بحسب وكالة الأنباء السوريّة «سانا»، «إن العرب عبّروا مراراً عن امتثالهم للمرجعيات الدولية وبقيت إسرائيل الوحيدة التي ترفض هذه المرجعيات». وخلال لقائه الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، أكد الأسد ضرورة إزالة العقبات التي تعترض عمل المنظمة والقيام بخطوات عملية من شأنها تعزيز الدور المرجو منها.
كذلك بحث مع وزير خارجية تركيا، أحمد داود أوغلو، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل الارتقاء بها. وأثنى الأسد، بحسب بيان رئاسي، على الدور الذي تؤديه تركيا كعضو غير دائم في مجلس الأمن لنصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن الحق الفلسطيني والعربي ودفع عملية السلام المتوقّفة في المنطقة.