استقبلت العاصمة المصرية أمس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في زيارة تستمر ليومين وتندرج في سياق محاولات بغداد تعزيز علاقاتها الإقليمية التي كانت قد شهدت تدهوراً في مراحل سابقة، وهي سياسات كرست منذ أيلول الماضي رفع مستوى العلاقات مع دول الخليج ومع تركيا، في الوقت ذاته.وطغى ملف مكافحة الإرهاب على مجمل الأحاديث في القاهرة أمس، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حين أكد على مبدأ «السياسة المصرية الداعمة للعراق ووقوف مصر معه في حربه ضد الارهاب، واستعدادها لتقديم أي شكل من أشكال الدعم والمساعدة للعراق وفي جميع المجالات والتنسيق المشترك معه في القضايا التي تهمّ البلدين»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «أمن مصر هو أمن مشترك مع العراق» (بحسب بيان نقلته رئاسة الوزراء العراقية).

ويشير إعلان السيسي إلى دور بلاده المتنامي في الحرب على الإرهاب في المنطقة، كما قد يلمح إلى دور مصري محدد في العراق، الأمر الذي أشارت إليه عدة تقارير إعلامية مؤخراً. وفي ظل تعدد السيناريوات المقبلة لأي دور مصري محتمل في العراق، يتناسب وموقع القاهرة الإقليمي المحوري ودورها كدعامة رئيسية لأي حراك عربي ــ خليجي مقبل، فإن أي تحرك مصري يرتكز على ثابتة أن ما يجري في العراق وسوريا يشكل بنظر الأمن القومي المصري تهديداً مباشراً لوحدة الأراضي المصرية واستقرارها.
وكان العبادي قد وصل إلى القاهرة، أمس، بهدف «إجراء مباحثات لتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، وفي مقدمتها مكافحة الارهاب الذي يشكل تهديداً للبلدين والشعبين الشقيقين، الى جانب بحث تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري ومساهمة الشركات المصرية في جهود إعمار العراق»، بحسب ما ذكر بيان صادر عن مكتبه. وتوّج العبادي زيارته للقاهرة بلقاء عقده مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وآخر مع نظيره المصري إبراهيم محلب، وترأسا «في مقر مجلس الوزراء المصري... اجتماعاً ثنائياً بحثا فيه العلاقات بين البلدين».
وقال إبراهيم محلب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العبادي، إنه «تم الاتفاق على أهمية التنسيق والتعاون على أعلى مستوى أمني واستخباراتي في مواجهة الإرهاب»، مضيفاً أنه «اتفقنا على المصير المشترك بين البلدين في مواجهة الإرهاب الذي أصبح تجارة منظمة عابرة للحدود». وأوضح أن «مصر تقف بقوة لمواجهة الإرهاب الأسود الذي يواجهه العراق».
من جهته، قال العبادي: «كلانا (مصر والعراق) نعاني من التحديات الإرهابية... من فكر متطرف يهدد وحدة الأمة ووجودنا، ويحاول أن يوقع بين أفراد البلد الواحد والدين الواحد، ويجب علينا أن نوحد جهودنا في مختلف المجالات من أجل القضاء على هذا الفكر». وتابع العبادي: «اتفقنا على تعاون كامل في الجانب الأمني والاستخباري، من أجل مواجهة الإرهاب»، مضيفاً: «كما أننا نطمح في تعاون أكبر في كافة المجالات الاقتصادية، والثقافية، خاصة إننا نؤمن بالوسطية التي يجب أن تكون هي السبيل للقضاء على الإرهاب».
وأشار إلى أن «الإرهاب ليس فقط تنظيم داعش، فهناك كثير من الجماعات قد تختلف مع داعش الآن، ولكنها تبثّ سموماً إرهابية يجب أن تقتلع».
على جانب آخر، وفي حديث إلى «الأخبار»، قال مسؤول مصري إن بلاده «طلبت رسمياً من العراق أمس استيراد أربعة ملايين برميل من النفط الخام شهرياً بديلاً من تأخر عملية تصدير الغاز عبر الأنابيب من الحدود الأردنية بسبب العمليات الإرهابية التي أوقفت استكمال مشروع الأنابيب، وهو الطلب الذي وعد وزير النفط العراقي عادل عبدالمهدي بدراسته، في ظل طلب القاهرة منح فترة سداد تصل إلى تسعة شهور بدلاً من الشهرين اللذين تضعهما الحكومة العراقية كحد أقصى، حيث وعد الوزير العراقي بدراسة المطلب مع إمكانية التفاوض ليكون السداد خلال 3 أو 4 شهور مع استمرار المفاوضات بين الجانبين للوصول إلى رؤية مشتركة».
(الأخبار)