جمعية المستهلك تحذّر من إهمال ما كشفه باسيل
احتسبت جمعية المستهلك في لبنان كلفة نهب مشتركي الهاتف الخلوي، بناءً على ما كشفه وزير الاتصالات جبران باسيل، وقالت إنها تتجاوز 6.6 مليارات دولار خلال 15 سنة، جرت تغطيتها بقوانين وقرارات حكومية، وبغياب الرقابة والمحاسبة. ورأت في بيان لها أمس، أن إحالة هذا الملف على القضاء «خطوة انتظرناها طويلاً»، داعية القضاء إلى تحمّل مسؤوليته، ومحاسبة كلّ مَن يظهره التحقيق مسؤولاً أو مستفيداً أو مشاركاً، موضحةً أنها «تنتظر، كما عشرات آلاف المشتركين، حكم القضاء لتحصيل حقوقهم، والتعويض عنهم مهما طال الزمن».
لكن هذا الواقع، تقول الجمعية، أُنهي بالخفوض التي أجراها باسيل ابتداءً من أول نيسان 2009، التي خفّفت معاناة المستهلكين منذ 1994، إذ إن 15 عاماً من النهب وإذلال الاحتكارات الخاصة والعامة مرّت، وقد رفض خلالها 7 وزراء اتصالات مراجعة المخالفات القانونية والسرقة الموصوفة للمشتركين، أو إجراء أي خفض ولو لليرة واحدة، تحت شعار أن المجلس النيابي والحكومات المتعاقبة كانت تغطي كل ما يجري. وهكذا تورّم قطاع الاتصالات، حتى صار سرطاناً يقتات بلحم اللبنانيين الحي، ليؤمّن 40 في المئة من مداخيل الخزينة المريضة.
ويأتي هذا البيان على أثر إعلان باسيل وجود فضائح وسرقات خلوية بلغت كلفتها المباشرة مليار دولار، فرأت الجمعية أنّ هذه الخطوة باتجاه وضع لائحة اتهامات «بجرائم مالية» محدّدة ارتُكبت منذ تأسيس الخلوي تمثّل «موقفاً جريئاً غير مسبوق في تاريخ الفساد اللبناني الطويل»، وبالتالي فإن «أي محاولة للالتفاف على هذا الادعاء أو إهماله، تحت شعار الانتخابات والسياسة وكل عدّة الفساد المعروفة، سيوجّه طعنة إضافية إلى جسد المؤسسات المهترئ والمترنّح».
وبحسب الجمعية، فإن هذا الجزء من الفساد ليس إلّا «الجزء الأعلى من رأس الجليد»، وأبرز ما يمكن ذكره مع احتساب الكلفة التي تحمّلها المشتركون خلال 15 سنة كالآتي:
ـــ جرى تأسيس الشركتين بأموال المشتركين (500 دولار للخط) عندما حرّر رأس مال الشركتين كما يؤكد وزير الاتصالات. وكلفة هذا الاحتيال الذي غطته القرارات الحكومية لأول 250 ألف مشترك تبلغ 125 مليون دولار، تُضاف إليها مبالغ غير معروفة للمئة ألف خط إضافي، راوحت كلفة الواحد منها بين 100 دولار و500.
ـــ تحتسب عدادات الوزارة، وقبلها شركات «سيليس» و«ليبانسل»، حتى الساعة، الثواني دقائق. وتؤكد دراسة وزارة الاتصالات الصادرة بتاريخ شباط 2005 أن هذا الاحتساب يرفع الفاتورة بنسبة 25 في المئة، أي إن حجم النهب يصل هنا إلى 4 مليارات دولار طيلة 15 سنة (إذا ما اعتبرنا أن دخل القطاع خلال هذه الفترة بلغ 13 مليار دولار).
ـــ أما الاشتراك الشهري للخط الخلوي الثابت، مع توابعه من خدمات وضرائب، فقد وصل إلى حدود 40 دولار شهرياً. هذا الاشتراك دفعه المستهلك طيلة 15 سنة، فهل كان مقابل لا شيء؟ لا ساعات حديثة ولا تقديمات بل فقط ضريبة! وهذا يوازي 2.5 مليار دولار تقريباً خلال الفترة نفسها.
ـــ أما كلفة الأعطال الهائلة وانقطاع الخطوط (وحده التحقيق يثبت أو ينفي ما وصل إلينا من معلومات تشير إلى أن الشركات كانت تعمد أحياناً إلى القطع لرفع الفاتورة)، فلا يمكن إحصاؤها. كذلك لن نستطيع تخيّل كلفة الذل الذي عاناه المشتركون طيلة هذه السنوات، نتيجة حصر مدة الصلاحية، حداً أقصى لمدة شهر. ولن نستطيع حصر كلفة نقل مليون مشترك إلى مركزَي الشركتين عند تغيير البطاقات من شركة إلى أخرى عام 2005، الذي كلّف المشتركين بدل نقل وساعات طويلة من الانتظار تجاوزت كلفتها 12 مليون دولار، وكل ذلك لكي لا تدفع الشركتان المشغّلتان، وبتغطية من وزير الاتصالات في حينه، مبلغ 300 ألف دولار لتسليمها للمشتركين عبر البريد.
ـــ كذلك، لا ندري ما هي كلفة حرمان ثلاثة أرباع اللبنانيين الدخول إلى شبكة الخلوي طيلة 15 سنة، وانعكاسات ذلك على التنمية، والكلفة الاقتصادية المتراكمة لهذه المخالفات منذ اليوم الأول لعمل الخلوي؟
وفي النتيجة تبلغ قيمة «النهب»، بحسب حسابات الجمعية، أكثر من 6.6 مليارات دولار من أصل عائدات منظورة ومعلنة كانت قد تجاوزت 13 مليار دولار خلال 15 سنة، علماً بأنه جرت تغطية جزء من هذه السرقات بقوانين وقرارات حكومية، والجزء الثاني نفّذ في ظل غياب الرقابة والمحاسبة .
(الأخبار)