استحوذت قضيّتا البؤر الاستيطانية و«خريطة الطريق» على المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث برزت محاولات إسرائيلية جديدة للمناورة في هاتين القضيتين وتوظيفها في مقابل إيران
مهدي السيد
تولّى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، مهمة المناورة في موضوع البؤر الاستيطانية، فيما كان لافتاً التقاء الجناحين اليميني واليساري في حكومته، ممثّلين بوزير الدفاع إيهود باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، عند مسألة ضرورة تبنّي خريطة الطريق، وسعيهما لإقناع نتنياهو بهذا الأمر، في محاولة مكشوفة ومعلنة لكسب الوقت وصدّ الضغوط الأميركية والدولية.
على صعيد الموقف الإسرائيلي من البؤر الاستيطانية، تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن استعداد نتنياهو لتفكيك بؤر استيطانية في الضفة الغربية في مقابل دعم متزايد من واشنطن في مواجهة التهديد الإيراني النووي، وفق صيغة «البؤر الاستيطانية في مقابل إيران»، بحسب تعبير صحيفة «معاريف»، بعدما كانت صيغة سابقة تحدثت عن تفكيك المستوطنات ـــــ لا البؤر ـــــ مقابل إيران. كما يجري الحديث أيضاً عن أن موقف نتنياهو من البؤر الاستيطانية لا يمتّ بصلة إلى ما يُسمى «النمو الطبيعي» في المستوطنات، الذي يعارض رئيس الوزراء أي مسّ به.
وذكرت «معاريف» أن نتنياهو ألمح إلى أعضاء كتلة «الليكود» أنه في ضوء التعهدات الإسرائيلية للأميركيين، يعتزم، بالتنسيق مع وزير الدفاع إيهود باراك، إخلاء بؤر استيطانية غير قانونية، من دون تحديد إطار زمني لذلك.
وقال نتنياهو لأعضاء كتلته في الكنيست «أحياناً يكون من الواجب تنفيذ خطوات غير شعبية»، في إشارة إلى نيّته تفكيك بؤر استيطانية. وأضاف «هناك أهمية لعلاقاتنا مع الولايات المتحدة. ينبغي إخضاع سلّم الأولويات للاحتياجات الوطنية، والوصول إلى الوحدة من أجل صدّ الخطر. الجداول الزمنية أقصر بكثير مما تبدو، والحديث يدور عن أسابيع لا أشهر».
وبتعبير آخر، يقول نتنياهو، بحسب «معاريف»، إنه ينبغي الاستجابة للمطالبة الأميركية بإخلاء بؤر استيطانية من أجل عدم إحباط المساعي المشتركة لصدّ إيران عن جهودها للحصول على قنبلة نووية.
وتوجّه نتنياهو إلى أعضاء كتلته، التي توجّه انتقادات حادة للإخلاء، وطلب منهم الإسناد والتأييد. وقال: «علينا أن نوحّد القوى. أنا أطلب تفهّمكم، ثقتكم وتأييدكم». تجدر الإشارة إلى أن أغلبية وزراء «الليكود» وأعضاء كتلة الحزب في الكنيست يعارضون إخلاء البؤر الاستيطانية، حتى إن بعضاً من النواب والوزراء انتقدوا علناً نتنياهو في جلسة الكتلة.
وفي السياق، تحدثت تقارير إعلامية عن أن وفداً حكومياً إسرائيلياً وصل أمس إلى لندن كي يبحث مع مسؤولين أميركيين في الملف النووي الإيراني وتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية. ويرأس الوفد دان ميريدور (الوزير المكلّف بأجهزة الاستخبارات ونائب رئيس الوزراء)، ويضم رئيس مجلس الأمن القومي عوزي أراد والمحامي إسحق مولخو، المستشارين القريبين من نتنياهو.
وفي موضوع خريطة الطريق، برز الحديث عن محور سياسي جديد يضم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووزير الدفاع إيهود باراك، اللذين ينكبّان الآن على مشروع مشترك، بحسب «معاريف» هو: إقناع نتنياهو بإعادة تبنّي «خريطة الطريق». وبحسب «معاريف»، فإنه «على الرغم من أن نتنياهو سبق أن قال على نحو مبطّن إنه ملتزم بالاتفاقات السابقة للحكومات الإسرائيلية (بما فيها خريطة الطريق)، إلا أن ليبرمان وباراك يتحدثان عن شيء آخر تماماً: عن إعادة إقرار خريطة الطريق من جديد، بالتصويت، في حكومة نتنياهو».
وترى «معاريف» أن مزايا «خريطة الطريق»، حسب باراك وليبرمان، «كثيرة ومتنوّعة: فهي تتضمن في داخلها رفضاً مطلقاً لحق العودة. وهي تتضمن الاتفاقات بين حكومة رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، وإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش (من خلال رسائل إليوت أبرامز) بشأن الموافقة الأميركية على مواصلة البناء داخل الكتل الاستيطانية الكبرى (لغرض الزيادة الطبيعية وداخل خط البناء القائم). وهي تتضمن رسائل الرئيس بوش التي تؤكد الاعتراف الأميركي بالتغييرات على الأرض. كل هذه، كما يقول باراك وليبرمان، هي إنجازات إسرائيلية ذات مغزى. فلماذا التخلّي عنها؟».
وبحسب «معاريف»، «كلاهما (باراك وليبرمان) يقدّر أنه يجب تحطيم الجليد حيال البيت الأبيض والوصول إلى العالم العربي المعتدل لنحظى، ربما، بخطوات تطبيع وتنقيط سلام هنا وهناك».
وأكد ليبرمان للإذاعة الإسرائيلية، أمس، أن «خريطة الطريق هي الحل المفضّل لديه من بين خطط السلام، رغم كونه غير متحمّس لها».