اشترط الاعتراف بالمبادرة العربيّة في مؤتمر موسكو... و«إعلان دمشق» يدعو إلى «عدم مكافأة» تل أبيبدمشق ــ الأخبار
اختتمت في دمشق، أمس، تظاهرة دبلوماسية جديدة، هي الدورة السادسة والثلاثون لمؤتمر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي. ختام أرادته القيادة السورية تكريساً لفك العزلة الدولية عنها، وترجمته بـ«إعلان دمشق» الختامي، وسبقته مواقف للرئيس بشار الأسد قبل أيام، ولوزير خارجيته وليد المعلم، أول من أمس، أهم ما ركّز فيها جزمه بأن بلاده لن تعود إلى «مفاوضات غير مجدية» مع إسرائيل، مشترطاً «حسن تنظيم» مؤتمر موسكو للسلام، من خلال موافقة الدولة العبرية على مرجعية المبادرة العربية للسلام.
وأكد المعلم، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إكمال الدين إحسان أوغلو، في ردّ على سؤال بشأن إمكان عودة المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، أن دمشق «لن تعود إلى مفاوضات غير مجدية، بغضّ النظر عن حكومة إسرائيل»، مشيراً إلى أنه عندما تقرر دمشق العودة إلى المفاوضات، «فإنها تعود وفق أسس ومرجعيات دولية معترف بها، وعلى أساس تحرير الجولان كاملاً إلى خط الرابع من حزيران 1967، وما عدا ذلك لا مفاوضات».
وشدّد المعلم على ضرورة أن تنفذ الدول الإسلامية قراراتها من خلال عدم مكافأة إسرائيل «إلا بعد تنفيذ جميع بنود المبادرة العربية، وهذا يعني أن على من يفكر بعلاقة ما مع إسرائيل أن يعيد النظر في هذه العلاقة».
وعندما سُئل رئيس الدبلوماسية السورية عن قصد الأسد عندما دعا إلى الإعداد الجيد لمؤتمر موسكو، أجاب «إن على من يشارك في هذا المؤتمر الموافقة على الالتزام بتنفيذ مرجعيات عملية السلام، وإحدى هذه المرجعيات مبادرة السلام العربية».
وتعقيباً على سؤال عن وجود عدوّ غير إسرائيل بالنسبة إلى العرب، رأى المعلم أن من يروّج لهذا المبدأ «لا يريد للمسلمين خيراً، فهذا الطرف هو الذي لا يريد حلاً سلمياً ولا يريد خيراً لهذه الأمة»، في إشارة إلى العلاقة المتوتّرة بين بعض الدول العربية وإيران.
على صعيد آخر، وصف المعلم العلاقات المصرية ـــــ السورية بأنها «طبيعية تماماً، وخصوصاً بعد قمة الرياض الرباعية». أما عن العلاقات الأميركية ـــــ السورية، فقد علق بالقول «نسمع كلاماً ونريد أن نرى أفعالاً»، مشدداً على ضرورة أن «نرى خطة عمل شاملة تؤدي في نهايتها إلى تحقيق أمن واستقرار المنطقة».
من جهته، رفض أوغلو ربط المقاومة بالإرهاب، لأن المقاومة «حق مشروع للشعوب في الدفاع عن أراضيها وحقوقها المشروعة، والإرهاب هو خروج عن القانون والدين والأعراف الإنسانية».
وبالنسبة إلى قرارات المنظمة بشأن الحفاظ على هوية القدس العربية الإسلامية، أصرّ على أن الأمة الإسلامية «تؤكد تمسكها بعودة كاملة للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، بما فيها القدس الشريف وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذلك استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية وإلى مبادرة السلام العربية».
أما بالنسبة إلى الوضع الفلسطيني الداخلي، فأوضح أوغلو أن الشأن الفلسطيني «هو الشغل الشاغل للمنظمة وللدول الإسلامية»، وأن المنظمة «تشعر بأسى ومرارة شديدين لعدم الوصول إلى نتائج إيجابية» في ما يتعلق بالحوار الداخلي.
وتعليقاً على ما يحكى في الفترة الأخيرة عن إمكان تطبيع الدول الإسلامية لعلاقاتها مع إسرائيل، كشف الأمين العام للمنظمة أن تبني مبادرة السلام العربية «ليس معناه أن المنظمة تقدم اعترافها أو قبولها لإسرائيل على طبق من فضة»، مشترطاً إعلان تل أبيب التزامها بهذه المبادرة وأن تعيد إلى الفلسطينيين حقوقهم قبل أي تطبيع. وأضاف أن المبادرة العربية «ليست دعوة إلى التطبيع مع إسرائيل، لكنها دعوة إلى حل مشكلة الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي وصراع الشرق الأوسط بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 في الجولان المحتل والقدس وجنوب لبنان والضفة الغربية»، معلّقاً أهمية كبيرة على حل قضيّتَي اللاجئين والمستوطنات، ووقف الاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني.
وأهم ما جاء في «إعلان دمشق»، الذي أقرّه مجلس وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي، هو مواجهة «الحملة المحمومة على الإسلام بهدف تشويه صورته»، لافتاً إلى ضرورة «عدم تحميل الآخرين وحدهم مسؤولية ما وصلت إليه الحالة الإسلامية، فنحن نتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية».
وكان لدعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن القدس ومهاجمة جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية والحصار اللاإنساني المفروض على غزة وتكثيف عمليات قضم الأرض والاستيطان، المساحة الأكبر من سطور «إعلان دمشق» الذي طالب الدول الأعضاء بـ«عدم مكافأة إسرائيل على جرائمها، بل تأكيد ربط أي تطوّر للعلاقات ـــــ إذا كانت موجودة أصلاً ـــــ بمدى ما تعبّر عنه مواقف إسرائيل تعبيراً ملموساً من التزام بالسلام العادل والشامل الذي يضمن عودة الحقوق الوطنية المشروعة والانسحاب من الأراضي المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان».