بين لبنان ومنظمة التجارة العالمية 5 قوانين، وعدد كبير من المفاوضات الثنائية تشمل 5600 سلعة، تجري دراسة كل سلعة على حدة وبالتفاصيل المملّة، وهذه المفاوضات، كما القوانين، تمثّل العائق التقني القائم أمام انضمام لبنان إلى المنظمة
رشا أبو زكي
تنقسم عملية التفاوض بين لبنان ومنظمة التجارة العالمية إلى شقين؛ الأول هو عبارة عن مفاوضات متعددة الأطراف تطال السياسات التشريعية والقوانين التجارية اللبنانية وغيرها من النقاط العامة، أما الثاني فهو عبارة عن مفاوضات ثنائية يجريها لبنان مع الدول الأعضاء تتعلق بالتعرفات الجمركية وتحرير الخدمات، تحاول فيها الدول كسب ما يمكن كسبه من لبنان، إن كان من ناحية تحرير السلع التي تنتجها هذه الدول من الرسوم الجمركية لتعبيد طريق دخولها إلى السوق اللبنانية، وصولاً إلى مناقشة تفاصيل جنسية الأساتذة الذين يريدون التعليم في المدارس الأجنبية في لبنان! وفي الحديث عن تفاصيل المفاوضات، تبرز قضايا غريبة تكون هي محور جلسة التفاوض أو المرتكز الذي على أساسه توافق الدولة على انضمام لبنان أو عدمه... أما آلية التفاوض فهي تعتمد على مدى قدرة الدول الراغبة في الانضمام على التمسك بحماية بعض القطاعات ورغبتها في تحرير البعض الآخر، وأحياناً على ضغوط سياسية كانت أو اقتصادية تجبر بعض الدول الراغبة في الانضمام على تقديم تنازلات تنتج انتصاراً تجارياً للدولة العضو في المنظمة!
وترى رئيسة وحدة منظمة التجارة العالمية في وزارة الاقتصاد والتجارة لما عويجان أن قوانين التجارة في لبنان متناسبة مع قوانين منظمة التجارة، إلا أن اعتراضات الدول الأعضاء في المفاوضات مع لبنان تتعلق بوجود بعض المشاكل في ما يتعلق بقدم بعض القوانين، إضافة إلى ضرورة إقرار 5 مشاريع قوانين فقط: 1ـــــ مشروع قانون الحجر البيطري الذي لا يزال موجوداً في مجلس النواب، 2ـــــ مشروع قانون التجارة الخارجية والإجازات الذي وافق عليه مجلس الوزراء في عام 2006 ونوقش في اللجان النيابية وينتظر الخروج إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقراره، 3ـــــ مشروع قانون سلامة الغذاء الذي يواجه إشكالات سياسية بحيث يرفض عدد من الوزراء إسناد «الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء» إلى وصاية رئيس الحكومة، 4ـــــ مشروع قانون المعايير والمواصفات، 5ـــــ مشروع قانون المواصفات الإلزامية وغير الإلزامية. فيما بدأ لبنان تطبيق عدد من القوانين التي كانت مطلوبة منه، ومنها قانون الإغراق وحماية الإنتاج الوطني، وقانون الحجر النباتي وتدابير الصحة النباتية... أما في ما يتعلق بالمفاوضات الثنائية، فهي تدور حول التعرفات الجمركية وتحرير الخدمات. وفي هذه المفاوضات، فإن 5600 سلعة تقريباً موضوعة على طاولة البحث، حيث تُعرض كل سلعة على حدة وتتطرق الأسئلة إلى تفاصيل دقيقة.
وترى عويجان أن المفاوضات بشأن التعرفات الجمركية ليست بعسيرة، لأن معظم الرسوم الجمركية الموضوعة في لبنان هي أقل من النسب التي يطالب بها أعضاء المنظمة، فيما توجد سلع زراعية تتمتع برسوم حمائية تصل إلى 70% ، إضافة إلى رسوم مرتفعة أخرى على سلع مثل الكابلات وغيرها. وتقول عويجان إن لبنان قام بخطوات عديدة في هذا المجال، منها خفض الرسوم الجمركية على 19 سلعة في العام الماضي. وتطالب أوستراليا مثلاً بأن يخفض لبنان الرسوم على استيراد الحليب السائل من 70 إلى 17%، «إلا أن لبنان لم يوافق خلال المفاوضات، فتراجعت المطالب إلى خفض الرسوم على الحليب المجفف، ونحن ندرس هذا الموضوع لكونه يعود بالفائدة على الصناعة من ناحية أنّ الحليب المجفف يعتبر من المواد الأولية لبعض الصناعات المحلية». كما طالبت أوستراليا بخفض الرسوم على الأفوكاتو والمانغا، «إلا أننا رفضنا هذا الاتجاه، وكان مبررنا أن هذه الزراعة حديثة في لبنان وتحتاج إلى الحماية، وقد توصلنا، لأول مرة في مفاوضات منظمة التجارة، إلى الاتفاق مع أوستراليا على روزنامة زراعية، بحيث تنخفض الرسوم عند حلول الموسم الزراعي في أوستراليا».
كذلك كانت هناك مطالبة بإزالة الرسوم على استيراد الخيار التي تصل حالياً إلى 70%، إلا أن لبنان رفض هذا الموضوع، كما كانت دعوة لخفض الرسوم على استيراد الصنوبر من 70 إلى 15% «ونحن ندرس الموضوع ونبحث في أهمية هذا القطاع في لبنان وأثر خفض الرسوم عليه». أما في قطاع المنسوجات فكانت مطالبة بخفض الرسوم إلى 17،5%، لكنها منخفضة أصلاً في لبنان وهي تصل إلى 5%. وتشير عويجان إلى أن دراسة عملية خفض الرسوم تجري بعد معرفة أثر هذا الخفض على الإنتاج المحلي، وكذلك على إيرادات الخزينة.
وكذلك تتركز المفاوضات الثنائية على موضوع تحرير الخدمات. وفي هذا الإطار، تم الانتهاء من العديد من النقاط، «حيث كان مطلوباً أن يُسمح بوجود مجلس إدارة غير لبناني للمصارف، وقد أصدر مصرف لبنان تعميماً في هذا الخصوص يلبّي الشرط، وتبقى 3 قطاعات خدماتية أساسية تتركز عليها المفاوضات»، وقد رفضت عويجان الإفصاح عن ماهية هذه القطاعات.
أما أبرز الخدمات التي يجري التفاوض عليها فهي: الاستشارات القانونية، استشارات المحاسبة والمراقبة، الاستشارات الضرائبية، الهندسة، قطاعات التخطيط، قطاعات خدمات الكمبيوتر، خدمات العقارات، خدمات التأجير، التصوير، الطباعة، الاتصالات، البناء، التوزيع، السوبر ماركت، الخدمات التعليمية، الخدمات البيئية كإعادة التدوير مثلاً، الخدمات المالية، التأمين، المصارف، الخدمات الصحية، السياحة، الأدلاء السياحيين، وكالات السفر، السينما، وكالات الأنباء، المتاحف، قطاع النقل، صيانة السفن والطائرات... وفي المفاوضات يُطلب تحرير هذه القطاعات إن كان استثمارياً أو من ناحية جنسية العاملين فيها. وتشير عويجان إلى أنه في الموضوع الثاني، يحتكم لبنان حصراً إلى قانون العمل اللبناني. وتلفت إلى أن التفاوض يتطرق إلى تفاصيل دقيقة، فمثلاً نوافق على إمكان فتح مدرسة أجنبية بالكامل في لبنان، لكن نحن نشترط منع أستاذ أجنبي من تعليم المادة العربية، كما نستطيع تحديد فروع المدرسة وغيرها من الأمور!... كما تلفت إلى أن لبنان يدرس كمية تدفق الشركات الأجنبية للدخول في قطاع معين، «ففي لبنان سوق صغيرة ولا تتحمل الكثير من الشركات».


1948

هو تاريخ انضمام لبنان إلى اتفاقية (GATT)، لكنه طلب انسحابه منها في 1950 تماشياً مع المقاطعة العربية لإسرائيل. ثم طلب الانضمام مجدداً في 1994، لكن اجتماع مراكش الوزاري في أفضى إلى نشوء منظمة التجــارة العالمية لتحل محل الغــات اعتباراً من مطلع 1995


مشاريع عالقة في البرلمان

تقول عويجان إنه على الرغم من وجود قانون لحماية الملكية الفكرية في لبنان منذ1929 ، وهو متوافق مع معايير منظمة التجارة باستثناء مادة تتعلق بحماية الملكية الأدبية، فتم تحديث هذا القانون ليتماشى مع العصر، كما عدلت المادة المذكورة وأرسل مشروع قانون إلى مجلس النواب في عهد الحكومة السابقة، و«علق» في مجلس النواب مع 69 مشروع قانون يوجد خلاف عليها بحجة أن الحكومة السابقة غير شرعية، ولوزراة الاقتصاد مشاريع ضمن هذه السلة تتعلق بالتجارة وتحديث بعض القوانين وهي مجهولة المصير حتى الآن