لم تُعر الحكومة الإسرائيلية أي اهتمام لكلام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في شأن رفض أي استثناء في ما يتعلق بوقف الاستيطان، في إشارة إلى «النمو الطبيعي»، فيما يستعد الحاخامات لبدء «عصيان» ضد إخلاء 22 بؤرة استيطانيّة
علي حيدر
عمدت إسرائيل إلى تجاهل الدعوة لتجميد تام للاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، التي كررتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحزم، أول من أمس. وقال الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مارك ريغيف، إن تل أبيب ستستمر في أعمال البناء في المستوطنات، معتبراً أن مستقبلها سيتحدد في المفاوضات.
ونقلت الإذاعة الإسرائيليّة عن ريغيف قوله إن «مستقبل المستوطنات سيتحدد خلال المفاوضات، وحتى ذلك الحين ينبغي أن تستمر الحياة الطبيعية فيها»، في إشارة إلى ادّعاء إسرائيل أن البناء في المستوطنات يأتي بهدف تلبية احتياجات «النمو الطبيعي». كما أوضح أن الدولة العبرية تعتزم مواصلة البناء في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.
وتأتي أقوال ريغيف في أعقاب تأكيد كلينتون أن الولايات المتحدة تعارض كل أنواع البناء في المستوطنات، وأن الرئيس الأميركي باراك أوباما أوضح لنتنياهو أن الولايات المتحدة تعارض البناء لسد احتياجات «النمو الطبيعي» أيضاً.
وكان الوزير المكلف بالإشراف على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دان مريدور، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد، ومستشار نتنياهو يتسحاق مولخو، التقوا المسؤولين الأميركيين في لندن وعرضوا الموقف الإسرائيلي بأنه «لا يمكن تجميد النمو الطبيعي في المستوطنات».
وكانت كلينتون قد رفضت خطة كان يأمل بموجبها نتنياهو أن يحصل على موافقة واشنطن لمواصلة بناء مساكن في المستوطنات القائمة التي يقيم فيها أكثر من 280 ألف إسرائيلي، في مقابل تفكيك حوالى عشرين مستوطنة عشوائية.
وفي السياق، أثارت تصريحات نتنياهو بأنه لن يكون هناك مفرّ من إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، ردوداً حادة من قبل المستوطنين. ودعا حاخامات من مستوطنات في الضفة الغربية الجنود الإسرائيليين إلى عدم الالتزام بأوامر تفكيك مستوطنات عشوائية يمكن أن تصدر عن حكومة نتنياهو.
وقال هؤلاء الحاخامات الأعضاء في «مجلس مستوطنات يهودا والسامرة (الضفة الغربية)»، في بيان، إن «التوراة المقدسة تمنع المشاركة في طرد أي يهودي من أرضنا المقدسة. ندعو الجنود والشرطة إلى رفض طاعة أوامر الطرد».
واجتمعت القيادة الروحية للصهيونية الدينية، برئاسة رئيس مجلس المستوطنات الحاخام داف ليئور، في أحد المواقع المقرر إخلاؤها، وتعهّدوا «بعدم التنازل عن أي حبة رمل»، ودعوا الحكومة «إلى التراجع عن نيّاتها في تخريب المستوطنات في البلاد بما يتناقض مع حكم التوراة». وحذروا من أن «هذا العمل سيؤدي إلى مزيد من التمزّق داخل الشعب والجيش».
بدوره، أكد سكرتير مجلس الحاخامات، الحاخام يشائي بعباد، للإذاعة الإسرائيلية، أن «اليمين فاز في الانتخابات لكنه لا يعرف كيف يتحكم في الوضع، ويسيطر عليه باراك أوباما وغير اليهود الذين يضغطون لإلقاء اليهود خارج وطنهم».
وأطلق الحاخامات هذا النداء بعد تصريحات لوزير الدفاع إيهود باراك، الذي أعلن عزمه على تفكيك حوالى عشرين مستوطنة عشوائية، ولو بالقوة إذا لزم الأمر.
في المقابل، أكدت إذاعة جيش الاحتلال أن تفكيك 22 مستوطنة عشوائية سيبدأ في الأسابيع المقبلة، وسينتهي «خلال أشهر»، فيما قال المعلّق القانوني للإذاعة، موشيه نيغبي، إن الدعوة إلى العصيان التي أطلقها الحاخامات «جنحة عصيان يمكن معاقبتها بالسجن خمس سنوات».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أنه من غير المتوقع حصول أي لقاءات بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس أو بين مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين، إلى حين استكمال الولايات المتحدة لمراجعة سياستها في الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة إن «هذا الأمر صحيح، رغم أن نتنياهو قال في واشنطن إنه مستعد لبدء مفاوضات مع الفلسطينيين فوراً»، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن «يؤجّل نتنياهو اجتماعه الأول مع عباس إلى حين تسوية العديد من القضايا مع الأميركيين، بما في ذلك قضية الاستيطان، وما هي الصلاحيات التي سيكون على الدولة الفلسطينية التخلّي عنها».