خطة لكل من الحريري والسنيورة في مواجهة تداعيات الأزمة!
محمد وهبة
خيّم شبح الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على أجواء منتدى الاقتصاد العربي الذي افتتح أمس دورته الـ17 في فندق فينيسيا بحضور عربي ولبناني، ولكن كان له نكهة لبنانيّة خاصة تمثّلت في «اجتهاد» النائب سعد الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة في وضع خطتين تمكّنان لبنان من مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، لكنهما جاءتا في سياق الحديث عن الانتخابات النيابية المقررة في 7 حزيران المقبل.
إلا أن المقاربة الفعلية لتداعيات أزمة بدأت قبل 9 أشهر، لا تزال «عربياً» في مرحلة التوصيف، فالمتحدثون الرئيسيّّون في حفل الافتتاح الذي جرى أمس في فندق فينيسيا لم يتطرّقوا إلى ما يعبّر عن رؤية عربية موحّدة، أو تنفيذ بنود قمة الكويت كعنصر مواجهة شبح الركود. فالجميع كان منهمكاً في تعداد مساوئ الأزمة وأرقام الخسائر والإفلاسات وكيفية التعاطي الأميركي والأوروبي مع الأزمة، فيما انكبّ لبنان الرسمي على تسويق نفسه بلداً «سامياً»، مسؤولوه الماليون والاقتصاديون «أعظم» من أي أزمة، فيما الواقع يفيد أن المصارف انخرطت في تمويل الدولة لدرجة أن خبيراً مصرفياً ورسمياً سابقاً وصف الأمر بـ«فقّاعة تمويلية هائلة لا أحد يمكنه فك ارتباطها لأنها علاقة عميقة ومتجذّرة بين دائن ومدين».

التحويلات والمشاريع

رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية عدنان القصار حدّد في تداعيات الأزمة على لبنان وبعض الدول العربية أنّها تتمثّل في تراجع التحويلات المالية من المغتربين، وإلغاء مشاريع عمرانية ضخمة في عدد من دول المنطقة. وفي رأيه «سيعاد النظر في كثير من المسلمات والأفكار التي كانت سائدة، وفي أنظمة العمل الاقتصادي والمالي والمصرفي والتجاري في مختلف أنحاء العالم». وتطرق إلى ضرورة متابعة تنفيذ قرارات قمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، توصّلاً إلى إقامة السوق العربية المشتركة.

تخبّط محلّي

لكن رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل تطرق إلى الاستقرار السياسي «قبيل الانتخابات النيابية المقررة في 7 حزيران المقبل وبعدها»، وذلك قبل أن يبدأ النائب سعد الحريري خطّة تسويقية لمشروع انتخابي، مؤكداً وضع برنامج اقتصادي واجتماعي شامل «سنعلنه قريباً».
وبدا التنسيق غائباً بين الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، الذي أعلن أيضاً أنه يضع اللمسات الأخيرة على ورقة عمل تطرح رؤية إنمائية متكاملة سوف تُطرح على مجلس الوزراء قريباً، عدا أن التخبّط العربي والمحلي، كان واضحاً في كلمته، التي طرح فيها أسئلة عدّة: «بمَ نطالب نحن الدول العربية؟ وما هي أولوياتنا؟ وما هو تصورنا لسبل الخروج من هذه الأزمة وانعكاساتها وتداعياتها على اقتصاداتنا ومسار تطورها وتقدمها في السنوات المقبلة؟ ليس المقلق في الأمر فقط ما إذا كنا سنحصل على ما نطالب به، بل حقيقة السؤال المطروح هو هل استطعنا أن نحدد حقيقة ما نريده، وكيف لنا أن نحصل عليه، وكيف ننسّق مواقفنا؟».
ومن جهته، يعتقد السنيورة أنه يجب العمل على استعادة الدور العربي كمستقطب للاستثمار الموجّه نحو القطاعات الحقيقية والإنتاجية التي تسهم في تنمية التجارة البينية العربية، وبالتالي يجب زيادة حجم الاستثمارات المشتركة في قطاعات النقل، الطاقة، التعليم والصحة، الصناعة والزراعة وخدمات المعرفة، المصارف والمؤسسات المالية...

استقرار الفوائد

أما سلامة المعروف بتفاؤله المفرط، فقد كرّر الإشارة إلى توقعاته بنمو الاقتصاد اللبناني في 2009 بنسبة 4 في المئة، لافتاً إلى انعكاس ميزانية «المركزي» على ثبات سعر صرف الليرة والاستقرار بالفوائد، وهو ما سيحافظ عليه «المركزي» ضمن سياسته النقدية، إذ ستستقر معدلات الفوائد على الودائع المعمول بها حالياً للمحافظة على السيولة المطلوبة في السوق المحليّة. وأوضح أن مصرف لبنان اشترى أكثر من 5 مليارات دولار بين تشرين الأول 2008 وآخر آذار 2009، ولذلك سيهتم المصرف في المرحلة الحالية بتحفيز التسليف بالليرة، وسيطلق مبادرة لدعم الفوائد والإعفاء من الاحتياط الإلزامي للمشاريع التي تنطلق في 2009 باستثناء المشاريع العقارية والتسليفات الاستهلاكية.