حكم قضائي يُبطل المطالبة بالاشتراكات قبل تبليغ المنتسبينمحمد وهبة
أَبطَل مجلس العمل التحكيمي معاملة تنفيذ قدّمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحق سيدة كانت قد تقدمت بطلب انتساب إلى صندوق الضمان الاختياري، ثم بعد ذلك طالبتها إدارة الصندوق بمتأخرات لمدة سنتين عن اشتراكاتها فيما لم تتبلغ من الصندوق قبول انتسابها، مما يعفيها من أي التزامات ماليّة للصندوق.

كلفة باهظة

تأتي هذه الواقعة لتكشف عن وجود إهمال إداري في الصندوق رتّب أكلافاً غير قانونية على مقدمي الطلبات الذين دفعوا مبالغ مالية من دون أن يكونوا قد تبلغوا قرار قبول انتسابهم ومن دون أي استفادة من التقديمات وذلك خوفاً من مطالبة قضائية أو اضطراراً إلى الانسحاب من الصندوق بهدف الاستشفاء على حساب وزارة الصحة. وهذه تعدّ من أبرز الأكلاف المرتفعة التي دفعها هؤلاء، إذ إن الصندوق سجّلهم على قيوده كمنتسبين إلى الضمان الاختياري مما عزلهم عن أي تغطية صحيّة على حساب وزارة الصحة إذا احتاجوا إليها، لأن الوزارة ترفض أي طلب للحصول على دواء أو طلب استشفاء على حسابها ما دام مقدّم الطلب مسجّلاً لدى صندوق ضامن غيرها، ويمكن بسهولة تحديد هذا الأمر على أساس أن قاعدة المعلومات بين الصندوق والوزارة مرتبطة بعضها ببعض، فاضطر بعض هؤلاء إلى تقديم طلب استثنائي لوزير الصحة ليوافق على استشفائهم.
من جهة ثانية، بات بإمكان الذين استصدر الصندوق بحقهم قرارات تنفيذ لتحصيل مبالغ يدعي أنها من حقه كاشتراكات، الاعتراض على هذا القرار لدى مجالس العمل التحكيمية وإبطال مطالبة الصندوق.
كما أن الكلفة الإدارية على الصندوق «ليست مقبولة» بحسب وصف أحد المسؤولين فيه، إذ إن تخصيص وقت المحامين المتعاقدين في الصندوق لهذه القضايا الخاسرة قانونياً يكشف عن وجود «قصرٍ في الرؤية وفي إدارة ملفات الصندوق القانونية، فقد بات واضحاً أن خطوة المطالبة بتحصيل أموال هي من غير حقه تعدّ التفافاً على مقدمي الطلبات لتمويل جزء من عجز قسم الضمان الاختياري الذي تفاقم في الفترة الأخيرة، وأدّى إلى توقف المستشفيات عن استقبال هذه الفئة».

انتساب مزعوم

ويروي مطّلعون على قصة الضمان الاختياري كيف عمدت إدارة الصندوق في الفترات السابقة إلى إجبار المنتسب على دفع الاشتراكات بناءً على تقديم الطلب، معتبرة أن هذا يخوّلها ممارسة حق تكليفه الاشتراكات، وبالتالي تستحقّ جبايتها. وقد استمر هذا الأمر حتى توقف الصندوق عن استقبال المزيد من المنتسبين. إلّا أن الواقع يفيد، بحسب هؤلاء، أن حوالى 70 في المئة من مقدمي الطلبات لم يتبلّغوا قرار قبول طلب الانتساب، ولم يستفد قسم كبير منهم من أي تقديمات مبنية على «الانتساب المزعوم»، ولذلك يرى هؤلاء أن «الصندوق أخطأ في التعامل مع هذه الفئة بسبب عدم تبليغهم قرار قبول انتسابهم».
وجاء هذا الحكم ليؤسس لعملية اعتراض واسعة، إذ بات بإمكان كل من تنطبق عليه هذه المعايير، أن يبادر ضمن المهلة القانونية على تبلّغه إنذار التحصيل، إلى الاعتراض لدى مجلس العمل التحكيمي، ووقف التنفيذ بحقّه وإعفائه من أي التزامات ماليّة يطالب بها الصندوق.

أي توازن مالي؟

وبحسب مسؤولين في الصندوق، فإن هذا الأمر سيرتّب على قسم الضمان الاختياري تغيّراً في وضعيته المالية لأن حسابات التوازن المالي فيه كانت مبنيّة على أن للصندوق مبالغ مالية غير مستوفاة من المنتسبين، مما قد يزيد عجز هذا القسم. وفي جانب آخر، يؤكد مطّلعون أن لهذا الأمر تأثيراً كبيراً في صدقية الصندوق، ولا سيما مع وجود كثير من الاعتراضات المقدّمة في مجالس العمل التحكيمية. فالمعروف أن الضمان الاختياري واقع تحت عجز متراكم تتجاوز قيمته 125 مليار ليرة، فيما تراجع عدد المنتسبين للفرع من 33641 منتسباً إلى حوالى 20 ألفاً، وفي الوقت نفسه لا تستقبل المستشفيات أياً من مرضى هذه الفئة بحجّة أن الصندوق لا يدفع المترتبات المالية على هذا الفرع، علماً بأن الضمان الاختياري هو قسم مستقلّ مالياً عن باقي فروع الضمان، وهناك إجماع بين المطّلعين والمتابعين على أن نظام الضمان الاختياري غير قابل للحياة بصيغته الحالية. وقد ارتفعت كلفة متوسط المعاملة الواحدة للمضمون الاختياري من 212 ألف ليرة شهرياً أو 3 ملايين ليرة سنوياً، وذلك في منتصف 2008، إلى 250 ألف ليرة شهرياً في نهاية 2008. ولهذه الأسباب ارتفعت وتيرة انسحاب المنتسبين.

خلاصة الحكم

وفي تفاصيل الحكم الصادر عن مجلس العمل التحكيمي في صيدا، فإن المعترضة ر.س. ادّعت لدى هذا المجلس أنها تقدمت بطلب انتساب إلى قسم الضمان الاختياري في أواخر عام 2003 وانتظرت الموافقة على طلبها لتبادر إلى دفع الاشتراكات... وفي أواخر عام 2005 اكتشفت أن الصندوق يُنذرها بتسديد اشتراكات عن السنتين الماضيتين تبلغ 2.193 مليون ليرة باعتبارها مضمونهة لديه «غير أنها لم تتبلغ أي موافقة على قبول طلبها».
فقدمت السيدة ر.س. اعتراضاً يهدف إلى إبطال معاملة تنفيذ المطالب بالدين، أي الضمان، حيث تبيّن لدى مجلس العمل التحكيمي أن الاستفادة من الضمان الاختياري تحتاج إلى 3 شروط مجتمعة لتتحقّق، بحسب المرسوم 7352، على أن تمرّ في مراحل عدّة بينها سريان الخضوع للضمان، والاستفادة من التقديمات بعد 3 أشهر من قبول الطلب، وإثبات تسديد الاشتركات عن ثلاثة أشهر... وأن إتمام هذه المراحل كلها يقع على عاتق الصندوق باستثناء تسديد الاشتراكات. إلا أن المجلس يرى أن صفة المضمون يكتسبها الشخص من تاريخ توافر شروط الخضوع لديه وهي منفصلة عن عملية التسجيل الإدارية المذكورة في المرسوم، وبالتالي فإن الاشتراكات تستحقّ على صاحب العلاقة من تاريخ قبول التسجيل الذي يجب إبلاغه إلى صاحب العلاقة ليبادر إلى التسديد. ولذلك لا يجوز أن يُحمَّل المعترض عبء اشتراكات تفوق الفترة الفصلية المحددة قانوناً فيقع عليه عبء العجز عن التسديد.
ولهذه الأسباب أعلن المجلس عدم استحقاق الدين لعدم قانونيته وضمّن صندوق الضمان النفقات القانونية.


20 في المئة

هو معدل الاشتراك المقدّر للتوازن المالي لقسم الضمان الاختياري بحسب دراسة اكتوارية أعدّت في نيسان 2008، أي بزيادة 11 نقطة مئوية على المعدل الحالي المعمول به والبالغ 9%، على أن تموّل الدولة 4.5% منه ويستحقّ على كل مضمون اختياري 15.5%


أقل من 20 ألف منتسب