strong>شطح يلمّح إلى طرحها غداً... ووزراء يستبعدون ذلككل يوم يتأخر فيه عرض مشروع موازنة عام 2009 وإقراره في مجلس الوزراء، يرفع من رصيد التوقّعات بقذف هذا الاستحقاق الدستوري الأساسي إلى ما بعد الانتخابات النيابية... قيل الكثير عن حل «عقدة مجلس الجنوب» و«الأجواء الصافية»، إلا أن الرياح تمشي في اتجاه مغاير لغرض في نفس السنيورة!

رشا أبو زكي
لا يبدو أن مشروع موازنة عام 2009 سيُقرّ خلال جلسة مجلس الوزراء غداً، علماً بأن وزير المال محمد شطح توقّع في تصريح لـ«الأخبار» أن يتم عرض المشروع «في أقرب وقت»، لافتاً إلى إمكان طرحه من خارج جدول أعمال الجلسة المقبلة... إلا أن عدداً من الوزراء والمعنيين استبعدوا ذلك لأسباب مختلفة، منها أن الموازنة تُعدّ من البنود الأساسية التي لا يمكن طرحها من خارج جدول الأعمال، وهو ما لمّح إليه رئيس مجلس الجنوب، قبلان قبلان، في اتصال مع «الأخبار»، إذ أشار إلى أن مشروع الموازنة يجب توزيعه على الوزراء قبل الجلسة للاطّلاع عليه قبل طرحه للنقاش، نافياً أن تكون موازنة مجلس الجنوب سبباً للعرقلة، «فالاتفاق حصل، ونحن ننتظر ترجمته»... كذلك فإن وزير الشؤون الاجتماعية، ماريو عون، استبعد كلياً إقرار مشروع الموازنة قبل شهرين من الانتخابات النيابية، معتبراً «أن أطراف الحكومة ترمي الكرة، كل في ملعب الآخر»، ورأى أن «الظاهر يشي بأن الحكومة لا تريد إقرار مشروع الموازنة قبل الانتخابات، وذلك بسبب الخشية من أن يؤثّر ارتفاع العجز، بعد الاضطرار إلى لحظ كل الاعتمادات والمخصصات، ومنها مخصصات مجلس الجنوب، على علاقة صورة الحكومة أمام المؤسسات الدولية، ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين»!

نية أم قرار؟

ويؤكد وزير الصناعة، غازي زعيتر، لـ«الأخبار» أن مشروع الموازنة لن يطرح خلال جلسة الغد، لافتاً إلى أن الموازنة عالقة لدى السنيورة «على الرغم من التفاهم الذي حصل والذي كان يُفترض أن يؤدّي إلى طرح الموازنة على جدول أعمال الجلسة، إلا أن ذلك لم يحصل». ويضيف زعيتر «يبدو أن السنيورة مش ناوي يطرحها، إذ إننا نسأله قبل جلسات المجلس وخلالها وبعدها عن مصير الموازنة، فتكون إجاباته: بعدين، والأسبوع المقبل أو عم نرتّب الوضع». ويؤكد زعيتر أنه ستتم مساءلة السنيورة خلال جلسة الغد عن الموازنة وسننتظر الرد.ولا يأمل عون بإقرار الموازنة، «إذ إن هذه الخطوة لن تتم لأن الحكومة غير مستعجلة». ويضيف «أنا من أكثر المطالبين بإقرار الموازنة لأن المؤسسات التي ترعى شؤون المعوقين والرعاية المدرسية بحاجة ماسة إلى الموازنة للإفادة من مشاريع الدعم المطروحة».
أما الوزير خالد قباني فرأى في حديث مع «الأخبار» أن موضوع الموازنة موضوع مالي مرتبط بوزير المال، «وبالتالي لا يمكن التعقيب على كلام شطح الذي يمسك بملف الموازنة ويعلم بتفاصيله، إضافة إلى موعد طرحه وآلية الطرح في مجلس الوزراء».

تأخير وتغيير

إذاً، الأجواء لا توحي بقرب إحالة مشروع الموازنة على المجلس النيابي للتصديق عليه قبل الانتخابات، وبذلك تكون الحكومة قد تخطّت الموعد الدستوري لإقرارها أكثر من 6 أشهر، وضمّت موازنة عام 2009 إلى سابقاتها التي لم تقرّ أيضاً منذ عام 2006، وحجة السنيورة الظاهرة لا تزال تتمحور حول موازنة مجلس الجنوب البالغة 62 مليار ليرة، إلا أن الوقائع تفيد بأن هذه الحجة واهية، فهناك من لا يريد أن يقيّد بقانون يحدد حجم الإنفاق ووجهته، كذلك لا يريد أن يتشارك مع الآخرين للاستفادة من الإنفاق التوزيعي السيئ على أبواب انتخابات نيابية مقلقة لطرفي الصراع!
لا تزال التسويات ممكنة، إلا أنها لا تبدو قريبة، إذ يسعى بعض أطراف الحكومة إلى التخلّص من هذا الملف عبر إقناع السنيورة بتنفيذ اتفاقه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بمباركة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقد اعتبر في حينه خاتمة الصراع القائم حول مخصصات مجلس الجنوب... والجدير بالإشارة أن شطح وقبلان اجتمعا مراراً لبلورة هذا الاتفاق، إلا أن السنيورة لم يدرج الموازنة على جدول الأعمال حتى الآن.

بين شطح وقبلان

وقد أشار قبلان إلى أنه «مبدئياً لا توجد خلافات بيننا وبين السنيورة وشطح حول موازنة مجلس الجنوب، وذلك وفق الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الاجتماع مع رئيس الجمهورية». ويضيف «هنالك تأخير في عرض مشروع الموازنة، ونحن لا نعرف سببه، فبالنسبة لنا انتهى النقاش حول موازنة مجلس الجنوب، ومن المفترض أن يكون الوضع مماثلاً من ناحية رئيس الحكومة». ويضيف «الكرة الآن في ملعب رئاسة الحكومة ووزارة المال، والموازنة وإقرارها في عهدتهما».
أما شطح فيشير إلى أن الإنفاق الاجمالي الذي سيتم تحديده في موازنة عام 2009 بعد إضافة الزيادات سيتعدّى 16 ألفاً و200 مليار ليرة، لافتاً إلى أنه لا تغييرات على ما أعلنه سابقاً في مؤتمره الصحافي في موضوع البنود المضافة على الموازنة، وأن متأخرات مجلس الجنوب ستسدد كلها بعد دفع 62 مليار ليرة، معتبراً أنه «لا يوجد توافق بالمعنى الحرفي للكلمة في ما يتعلق بموضوع مجلس الجنوب، فالمجلس هو إدارة حددت نفقاتها، ونحن كوزارة سنسدّد هذه النفقات».
من ناحية أخرى، لفت شطح إلى «وجود متراكمات ماليّة باقية لمجلس الجنوب لم يطلب المسؤولون فيه لحظ اعتمادات لها، وهي متعلقة بالتعويضات للمتضررين قبل التحرير، وتبلغ قيمتها 210 مليارات ليرة». ويقترح شطح، بعد الإشارة إلى أن التعويضات لعائلات الشهداء لم تُصرف منذ عام 2006، أن يجري ضمّ التعويضات المدفوعة لهم إلى الإدارات الرسمية واعتبار الشهداء كالمتقاعدين أو شهداء الجيش، وبالتالي رصد الاعتمادات لهم سنوياً، وهذه تكون خطوة على طريق إنهاء ملف المجلس بما أنه يجب لحظ هذه الاعتمادات سنوياً في الموازنة العامة، «ففي السابق كان مجلس الجنوب يحصل على اعتمادات وسلف من دون أن يلحظ طريقة إنفاقها وصرفها، ولأي بنود هي مخصّصة، وهذه العائلات لم تحصل على التعويضات المخصصة لها منذ عام 2006.


5061 ملياراً

هو العجز المتوقع بعد إضافة الزيادات على النفقات في موازنة عام 2009، إذ سترتفع النفقات نحو 648 مليون ليرة لتصل النفقات الإجمالية إلى 16200 مليون ليرة، في مقابل 11139 مليون ليرة واردات.


سياسي أم تنموي؟