نزاع على الصلاحيات لحماية مناطق النفوذ والمنافع
محمد وهبة
منذ عام 2004 هناك نزاع على مشروع نظام مديريّة ضمان المرض والأمومة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بسبب مطالبة هذه المديرية بالصلاحيات الموزعة حالياً على عددٍ من المصالح الإدارية، فيما صلاحياتها الحاليّة «شكلية»، ما يثير الاستغراب، وخصوصاً أن هذه المديرية معنيّة مباشرة بمراقبة الأطباء والمستشفيات والمعاملات الصحية والطبية داخل المستشفى وخارجه وكل ما يتعلق بتوفير سير التقديمات الصحيّة للمضمونين.

مسودة النظام

ولنظام هذه المديرية قصّة بدأت منذ ما قبل شباط 2004 حين طُلب إلى كل المديريات في الصندوق التي ليس لديها نظام أن تضع مسودة يمكن رفعها إلى مجلس الإدارة للنقاش، وهذا ما حصل مع مديرية ضمان المرض والأمومة.
وقد تضمّنت المسودة صلاحيات للمديرية عُدّت واسعة، فأثارت حفيظة أكثر من طرف بسبب وجود نزاع عليها بين جهات سياسية وغير سياسية. فقد حاولت هذه المديرية أن تضمّ كلاً من مصلحة المستشفيات والمراقبة الإدارية والطبية على المستشفيات وأن تكون المرجع الرئيسي للمكاتب الإقليمية والمحلية، وأن يوضع نظام لدائرة التحقيق الاجتماعي.
بلغت المسودة المدير العام للصندوق محمد كركي، فأجرى تعديلات عليها تترك له بعضاً من الصلاحيات المتنازع عليها وتعطي ما بقي لغير مديرية ضمان المرض والأمومة من دون أن يأخذ في الاعتبار قرارات مجلس الإدارة وهيئة المكتب، ولا سيما في موضوع إلحاق مصلحة المراقبة الطبية بهذه المديرية، والتصفية المركزية لمعاملات الاستشفاء في مصلحة المستشفيات.
ثم أحال المشروع على اللجنة الفنيّة التي وضعت ملاحظات تشير إلى قرارات هيئة المكتب ومجلس الإدارة وإلى خلو المشروع من نظام للتحقيق الاجتماعي، وذكرت النواقص في المشروع لجهة خلوه من تعديلات يفترض حصولها على مصلحة المراقبة الإدارية على المستشفيات، مشيرة إلى أن دراسة المشروع تبدو كأنها تنص على صلاحيات مدير ضمان المرض والأمومة، لا لوضع نظام شامل ومتكامل للمديرية بكل وحداتها ومهامها...
إذ يجب أن تضم هذه المديرية جميع الوحدات الإدارية والفنيّة العاملة في نطاق العناية الصحية وفقاً لقرار هيئة مكتب الضمان رقم 65 في شباط 2004.

التخلي عن الحصص

إلا أن الأمر، بحسب مطلعين، لا يقف عند هذا الحد. فالمشروع لا يزال في أدراج أمانة سر المديرية العامة منذ مطلع شباط، ولا يبدو أن هناك نيّة لعرضه قريباً في مجلس الإدارة أو في هيئة المكتب مع التعديلات الملحوظة في المجلس أو تلك المقترحة من اللجنة الفنية على هيئة المكتب أو على مجلس الإدارة لإقراره، والسبب أن هذا النزاع على الصلاحيات لن ينتهي بسرعة لأنه مرتبط بالآتي:
ـــــ هناك أكثر من جهة سياسية ترفض أن تتخلى عن صلاحياتها لمصلحة الطرف الثاني أو أن تتقاسمها معه، وبالتالي ترفض التنازل عن «حصّتها» في إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهذا له تداعياته، فالمعروف أن كلّاً من مديرية ضمان المرض والأمومة ومصلحة المراقبة الإدارية ومصلحة المستشفيات تتبع لجهات سياسية تدعمها، وهي التي تقترح وتوافق أو ترفض تعيين هذا المدير أو نقل هذا الموظف أو غيره فيها، فضلاً عن أنها تؤمن مصالح الطائفة والخدمات السياسية في الصندوق.
ـــــ هناك مشروع مستقلّ لتكون مصلحة المراقبة الطبيّة مديرية قائمة بذاتها.
ـــــ ترى هذه المديرية أنها هي من وضع النظام الطبي وجداول الأعمال الطبية والمخبرية، وغيرها مما يتصل بالتعرفات والأطباء والأجور الطبية، ما يوجب إلحاق مصلحة المستشفيات والمراقبة الإدارية والمراقبة الطبيّة بها.
وتتذرّع بأن المراسيم الصادرة سابقاً التي تربط مصلحة المراقبة الطبيّة بالمديريّة العامة للصندوق مباشرة، قد صدرت لأن فرع ضمان المرض والأمومة لم يكن قد وضع موضع التنفيذ.
ـــــ تمثّل هذه المصالح مناطق نفوذ وسلطة ومنافع، بحسب ما يقول مسؤولون في الصندوق، لذلك سيُمنع على مديرية ضمان المرض والأمومة التدقيق ومراقبة معاملات الاستشفاء. فالمتداول بين أعضاء مجلس الإدارة أن أحد الأعضاء يوفّر التغطية السياسيّة لأحد هذه المصالح. ويشير بعضهم إلى أن هذه المصالح تعمل وفقاً لأولويات معيّنة، ويستغرب هؤلاء أن يكون هناك تمييز بين المستشفيات في قبض الفواتير، وفي التدقيق بالملفات.