المطالبة بتحصيل فوائد سند بقيمة 230 مليار ليرةمحمد وهبة
اتخذ مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في جلسته في 26 آذار الماضي قراراً يقضي برفع دعوى أمام مجلس شورى الدولة لتحصيل الفائدة على سند خزينة قيمته 230 مليار ليرة أصدرته وزارة المال في شباط 2007 بفائدة صفر في المئة، وهو غير قابل للحسم ويستحق في شباط 2009، وقد أُلزم به الصندوق لتسديد جزء من المتأخرات المستحقة له على الحكومة.
وهذا الإجراء مخالف لقانون الضمان الذي يُلزم إدارته بتوظيف أمواله بسعر الفائدة الرائجة في السوق وضمن هامش تتولى اللجنة المالية تحديد حدّه الأدنى دورياً (وهو يبلغ اليوم 5.5 في المئة)، ما يعني أن الفائدة التي يطالب الضمان بتسديدها على السند تبلغ نحو 40 مليار ليرة على سنتين، بحسب محضر اجتماع مجلس الإدارة. ويومها أشار بعض أعضاء المجلس إلى مداولات اللجنة الماليّة حول الموضوع، إذ رأت أن قبول السند يؤثّر على متوسط مردود التوظيفات و«ينعكس سلباً على مردود محفظة التوظيفات».
وكانت اللجنة المالية قد ناقشت موضوع هذا السند في حينه، وأبلغت المدير العام للصندوق بضرورة أن يعمد مجلس الإدارة إلى اتخاذ قرار في شانه، فأمّا أن يقبل التسوية مع وزارة المال، وبالتالي يصبح الموضوع خارج اختصاص اللجنة، وأما يرفض، وعندها تُقرر اللجنة عدم شرعية أو جواز مثل هذا التوظيف... علماً بأن اللجنة عَمَدت إلى عدم لحظ هذا السند في تقريرها الأخير عن توظيف الأموال لعام 2009، لأن الاكتتاب فيه جرى خارج إطار التوظيفات التي تقرّها اللجنة، وهو ما مثّل عامل ضغط إضافي على مجلس الإدارة الذي اضطر إلى التحرّك متاخّراً سنتين تفادياً لسقوط المهل القانونية للاعتراض.
وبحسب محضر اللجنة الذي حصلت عليه «الأخبار»، فإن المدير المالي بالوكالة سامي يوسف استوضح مدير التسليف في مصرف لبنان يوسف الخليل ورئيسة دائرة الدين العام في وزارة المال أمل شبارو، فأفاداه بأنه لا تدبير خاصاً بشأن هذا السند، أي إن استحقاقه في 26 شباط 2009 لا يتضمن أي فوائد، وبالتالي ستحوّل قيمته إلى حساب الصندوق عند الاستحقاق، ما دفع اللجنة إلى «مراسلة مجلس الإدارة لأخذ العلم بأن الصندوق لم يستفد من أي فوائد عن هذا السند وإلى ضرورة مطالبة مصرف لبنان بها».

1200 مليار ديوناً

والمشهد حينها لا يختلف عن اليوم، فالسنيورة كان يرفض دفع أي مبالغ للضمان قبل أن ينجز قطع الحساب لدى شركات خارجية (ليس لدى اللجنة الفنيّة في الصندوق)، وكان أزعور يضغط على الصندوق لمعرفة حجم المبالغ الإضافية المتوافرة لديه في صندوق تعويضات نهاية الخدمة تمهيداً لإيجاد مخارج قانونية تمكنه من استخدامها في إنفاق الوزارة، فيما الصندوق كان يموّل عجز فرع التقديمات الصحية من صندوق نهاية الخدمة حتى بلغت المأخوذات في نهاية 2007 نحو 407 مليارات ليرة، ويتوقع أن تكون قد ازدادت إلى 530 مليار ليرة في نهاية عام 2008 وأن تبلغ 580 مليار على الأقل في نهاية 2009. وقد اضطره هذا الأمر إلى إقفال الصناديق أمام المضمونين والتوقف عن دفع التقديمات قبل إيجاد حلّ للعجز، ما سبّب ضغطاً لإسكات الأصوات المطالبة في عز الأزمة السياسية بين المعارضة والموالاة.
وفي المقابل كان للصندوق ديون على الدولة بلغت يومها 950 مليار ليرة، منها 400 مليار ليرة اشتراكات مستحقة عن أجرائها في المؤسسات العامة، والباقي مستحق عن حصتها من الكلفة الصحية بنسبة 25 في المئة. واليوم يتوقع أن تكون هذه الديون قد بلغت 1100 مليار ليرة، علماً بأن الدولة سددت في 2008 مبلغ 40 ملياراً فقط، وسترتفع قيمة هذه الديون إلى أكثر من 1200 مليار إذا احتسبت المستحقات المقدرة في عام 2009.

مداولات المجلس

منذ مطلع السنة الجارية ناقش مجلس الإدارة هذا الموضوع مرتين، الأولى كانت عابرة ولم تتضمن سوى عرض الموضوع وتأجيل درسه إلى جلسة أخرى، وفي الثانية اقترح رئيس اللجنة الفنيّة سمير عون «مخاصمة الدولة قضائياً لدى مجلس شورى الدولة، فأيّده فوراً الأعضاء عادل عليق، هاني أبو جودة، جهاد المعلم، جورج علم، مفوض الحكومة عبد الله رزوق، غسان غصن، نائب الرئيس غازي يحيى، بطرس سعادة، رفيق سلامة... وبين هؤلاء من استغرب عدم اتخاذ أي قرار بشأن هذا الأمر قبل سنتين، ولا سيما في ظل توصية سابقة للمجلس تفيد بأنه يجب توجيه كتاب إلى وزارة المال للمطالبة بالفوائد.
واتخذ القرار من دون أن يعترض أحدٌ من الأعضاء الباقين، وجاء نصّه كالآتي: «تكليف المدير العام محمد كركي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحصيل حقوق الصندوق المتمثّلة بالفائدة على سند الخزينة الخاص البالغة قيمته 230 مليار ليرة، والصادر بموجب قراري وزير المال رقم 176 و177 تاريخ 28 شباط 2007 بما فيها مراجعة القضاء المختص ضمن المهل والأصول القانونية المرعية الإجراء»، وصدق القرار «تسهيلاً للتنفيذ».
وبحسب المناقشات، تبين أن المجلس كان قد اكتفى بـ«أخذ العلم» في النقاشات السابقة المتصلة بهذا الموضوع، لكن بعضهم بالإضافة إلى عدد من المسؤولين ناقشوا مبدأ إجراء ربط نزاع عبر رفع شكوى في مجلس شورى الدولة لتحصيل الحقوق ورفع المسؤولية عن مخالفة قانون الضمان والنظام الداخلي، التي تحاول الحكومة إلزام الضمان بها. وجرى يومها ربط هذا الملف بعدم توقيع وزارة المال أي سند خاص بتقسيط ديونها للصندوق بموجب قانون تقسيط الديون، معربين عن قلقهم من أن تُضيع وزارة المال فرصة الاستفادة من الفائدة بهدف تخفيف الكلفة على الدولة كما فعلت مع السند المذكور.


2 مليار دولار

هي قيمة اكتتابات صندوق الضمان في سندات الخزينة وهو يعدّ من أكبر المكتتبين بعد القطاع المصرفي ومصرف لبنان، ومصدر هذه الأموال هو فرع نهاية الخدمة. ولدى الصندوق أيضاً حوالى مليار دولار مجمّدة في المصارف الخاصة، وكل هذه التوظيفات تجدّد دورياً


قرار «على الواقف»