خاص بالموقع | جرى التحديث 10:45 مساءًهآرتس ــ يوآل ماركوس
شاهدنا ما يكفي من أفلام الإثارة حتى نعرف أسلوب الشرطي الطيب والشرطي السيئ. فالشرطي الطيب لا يكون طيباً بالضرورة، والشرطي السيئ لا يكون كذلك لاحقاً. إنّه تقاسم وظيفي بين الاثنين ومتفق عليه سلفاً لكسر عزيمة المتهم خلال التحقيق. ظهور أفيغدور ليبرمان في منصب وزير الخارجية بدا مثيراً للتهديد. تهديد يعود جزئياً لما قاله وصرح به، والجزء الأخر بسبب مظهره. معتقداته لا تتلاءم تماماً مع المتوقع من وزير الخارجية الإسرائيلي في هذه الآونة. هو لا يعترف بمؤتمر «أنابوليس» وهو ضد التنازلات عن المناطق، وعندما نضم ذلك إلى تمنيه للرئيس المصري حسني مبارك بأن يذهب للجحيم والتهديد بقصف سد أسوان، يطرح السؤال: هل هذا موقف الحكومة الجديدة؟ وهل ما صرح به كان منسقاً مع بيبي؟
وفقاً لتصريحات بيبي من الصعب إعطاء جواب قاطع على هذه المسألة، لأن بيبي كان قد قال إن حكومته ملتزمة بكل الاتفاقيات التي عقدتها الحكومات السابقة بما فيها أنابوليس وخريطة الطريق. فهل كانت التصريحات المتناقضة منسقة في ما بينهما. إن كان الجواب بالنفي، فلماذا لا يدعو نتنياهو وزير خارجيته للانضباط الائتلافي، ولا يقول له إنه يسبب الضرر الفادح لإسرائيل؟ وإن كان بيبي صامتاً، فهل هذا دليل على أنه موافق على ما يحدث أو الاسوأ من ذلك: يخاف منه؟ ذلك لأن بيبي وحكومته سيضطرون في مرحلة معينة لتحديد موقفهم من المسألة السورية أيضاً، لأن الجميع يقولون إنّ من مصلحتنا إخراج سوريا من محور الشر. إلا أنّ هذه التسوية ستتحقق وفقاً لليبرمان من دون تنازل عن الجولان. هذا ليس ما يقوله بيبي لمبعوث أوباما جورج ميتشل. إذاً أين الحقيقة هنا؟
إن كانت التصريحات المتناقضة منسقة، فهذه ليست بداية تشير إلى النزاهة والحكمة. إن كان بيبي لا يدعو وزيره إلى الالتزام بالانضباط، فهو يلحق ضرراً هاماً في مكانته رئيساً للوزراء يتحلى بالمسؤولية ويتطلع لعدم تكرار أخطاء فترته السابقة.
«إنّ من يريد السلام ملزم بالاستعداد للحرب»، قال ليبرمان مقتبساً مقولة رومانية شهيرة. لقد أحسن وزير الدفاع إيهود باراك صنعاً عندما خرج أخيراً من دير الصامتين ووجّه انتقاداته لتصريحات ليبرمان.
من المهم جداً أن لا تتذاكى الحكومة، وأن لا تصل إلى وضع يبدأ فيه الأميركيون بشهر أظافرهم. من المعروف أننا لا نجيد دائماً تفسير لباقتهم وكياستهم بصورة صحيحة. عندما يقول الناطق بلسان البيت الأبيض إنّ المحادثات كانت «صريحة» مع الرئيس، فالمقصود هو أن هناك خلافات عميقة. أنا أذكر في أكثر من مرة أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن خرج من لقائه مع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، قائلاً إنها «كانت محادثات ممتازة»، بينما قال البيت الأبيض للمراسلين الإسرائيليين الذين يرافقون بيغن بأن معنى «مباحثات صريحة» هو عكس ما فسّره بيغن.
عندما نغضبهم، كما حصل على سبيل المثال عندما أردنا بيع طائرات الفالكون التجسسية للصين، نكون قريبين جداً من الشرخ. أصحاب الذاكرة الطويلة يتذكرون بفزع العقوبات التي فرضها وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر علينا تحت عنوان «إعادة النظر»، أو عندما رفض نظيره جيمس بيكر مقابلة سفيرنا زلمان شوفال بعبارة: «إن أصبح لديكم رد، فهذا رقم هاتف البيت الأبيض».
الأيام التي تفاخرنا بها عندما قلنا إن إسرائيل هي ثروة استراتيجية للولايات المتحدة، بل شبّهنا أنفسنا من دون تردد بحاملات الطائرات المتقدمة للولايات المتحدة في هذه المنطقة، قد ولّت إلى غير رجعة. أنا لا اقول إننا تحولنا إلى عبء، لكنّ إدارة أوباما تتوقع منا أكثر من ذلك، حتى تبلور هنا تحالفاً من الدول الإسلامية المعتدلة.
في هذه الأيام حيث توجد لأوباما غالبية في الكونغرس وتتركز أنظار العالم عليه، ليس بإمكاننا أن نضغط عليه من خلال تأثيرنا على مراكز القوى هنا. اللوبي اليهودي فقد ما يكفي من قوته في الإدارة الحالية. وإن لم نتبنَّ فكرة الدولتين لشعبين، فلن تسعف نتنياهو علاقاته القوية مع المحافظين الجدد والإنجيليين المسيحيين الجدد الذين فقدوا في هذه الإدارة قوتهم ونفوذهم. ليبرمان يطرح علامة استفهام على التزام دولة إسرائيل بالسلام، وهذا قد يسبب شهر إدارة أوباما لمخالبها في وجهنا.
ما من شك في أن بيبي قد أخطأ عندما لم يعقد تحالفاً مع حزبَي «كاديما» و«العمل»، تاركاً ليبرمان في الخارج. مقابل ذلك حصل على فيل مشاغب في حانوت الخزف ووزير خارجية يتعرض للتحقيق بتهمة الغش وتبييض الأموال. نتنياهو سيبرهن على أنه قد تغيّر عندما يجرؤ على وضع ليبرمان في مكانه.