إجراءات لمصرف الإسكان تغطّي تراجع طلب المغتربينرشا أبو زكي
ألقت الأزمة المالية العالمية بثقلها على التسليفات في لبنان، وخصوصاً السكنية منها، إذ إن الانهيار الذي ينهش يوماً بعد يوم دعائم الاقتصاد الخليجي الذي يعتبر خزّان العمالة اللبنانية، انعكس صرفاً جماعياً من العمل، أو تخوّفاً للعاملين من قرب صرفهم، أو تراجع مداخيلهم، ما أثّر تأثيراً مباشراً على حجم طلب المغتربين على القروض السكنية في لبنان، وما لذلك من تداعيات على حجم الطلب على السوق العقارية اللبنانية من جهة، وإحجاماً عن سداد أقساط القروض القائمة من جهة أخرى ... هذا الواقع تمظهر في مصرف الإسكان ركوداً مرحلياً في حجم الطلبات على القروض، وخصوصاً أن ثلث القروض المقدمة من المصرف هي للبنانيين عاملين في الخارج ولا سيّما في دول الخليج. وقال رئيس مجلس إلادارة ـــــ المدير العام لمصرف الإسكان، جوزف ساسين، لـ«الأخبار» إن قيمة القروض المقدمة من المصرف شهدت ارتفاعاً بنسبة وصلت إلى نحو 50 في المئة في نهاية عام 2008، حيث قاربت نحو 120 مليار ليرة، فيما كان هذا الحجم يعادل النصف في عام 2007. «ومع بدء الأزمة المالية العالمية، مرت طلبات قروض السكن بركود امتد من نهاية عام 2008 حتى كانون الثاني الماضي». إلا أن ساسين لا يبدو متشائماً كثيراً، إذ يعتقد أن الإجراءات التي يقوم بها المصرف لتحفيز الطلب على القروض السكنية قد تساهم في ارتفاع حجم التسليف مجدداً، وهو ما بدأ يظهر منذ شباط الماضي، إذ إن حجم القروض حقق في آذار وتيرة مشابهة لتلك التي كانت سائدة في صيف عام 2008، وفي حال استمرار حجم الطلبات على القروض السكنية في مؤشرها التصاعدي «فمن المتوقع إنجاز طلبات بقيمة 150 مليار ليرة في نهاية العام الجاري».
ومع تضاؤل القدرات في ما يتعلق بتتبّع مسار الأزمة المالية، ومع التناقض الحاصل بين الخبراء في تحديد الفترة الزمنية لانتهاء الأزمة، تعمل مؤسسات التسليف على سلسلة من الإجراءات الوقائية، منها ما يحدّ من حجم التسليفات، ومنها ما يقوم بإجراءات استثنائية لحصر الخسائر أو التحسّب لتفاقم الأزمة، وهنا يشير ساسين إلى أن مصرف الإسكان وجد أن إنعاش فرص التسليف الداخلي وتعزيزها هما الطريقة الفضلى في الاحتياط من الانكماش، والتقهقر الاقتصادي الذي من الممكن أن يهدد لبنان من جهة، ويغطي أية خسائر محتملة من التسليفات الموجّهة إلى المغتربين، ومن حجم طلباتهم على القرض السكني من مصرف الإسكان من جهة أخرى، لافتاً إلى أنه «في هذه الظروف لا نستطيع توقّع ما سيحدث حتى نهاية العام الجاري، فنحن في ظل ارتدادات الأزمة المالية العالمية نسير شهراً بشهر، على الرغم من أن لبنان لم يتأثر بالأزمة العالمية كتأثر دول الخليج، وبما أن ثلثي الطلبات المقدمة إلى المصرف هي من اللبنانيين العاملين في لبنان، فإن تحفيز التسليف يزيد من فرص ارتفاع حجم الطلب على القرض السكني من مصرف الإسكان».
هذا التصور، دفع ساسين إلى الإعلان أمس عن جملة من الإجراءات التي تحفز اللبنانيين المقيمين لتقديم طلبات القرض السكني، فقد «تم رفع القيمة القصوى للقرض المخصص لشراء أو بناء مسكن من 375 مليون ليرة إلى 450 مليون ليرة. وتبلغ القيمة القصوى للقرض المخصص للترميم 150 مليون ليرة، ولا يمكن أن تتجاوز قيمة القرض نسبة 80% من قيمة المسكن وفق تخمين المصرف، وذلك للمقترضين العاملين في لبنان، ولا يمكن أن تتجاوز نسبة 50 في المئة من قيمة المسكن للعاملين خارج لبنان».
وأوضح «أن المدة القصوى لسداد القروض المخصصة لشراء قسم مفرز أو للبناء 20 سنة، ولقروض الترميم 10 سنوات، ويطبق معدل فائدة مدينة بنسبة 6 في المئة سنوياً على القروض الممنوحة بالليرة والبالغة قيمتها 180 مليون ليرة وما دون، وهو معدل فائدة مدعوم من المصرف ويقل بنقطتين عن كلفة موارده ليرتفع هذا المعدل بعدها بوتيرة انسيابية تصاعدية بنسبة 0.007 في المئة لكل زيادة مليون ليرة على القيمة هذه، ليصل إلى نسبة 8 في المئة سنوياً للقروض البالغة قيمتها 450 مليون ليرة».
وأكد «أن ارتفاع نسبة الفائدة بصورة انسيابية على القروض التي تتجاوز قيمتها 180 مليون ليرة، والتي تقابلها مداخيل عائلية تفوق خمسة ملايين ليرة شهرياً، يحقق تعاضداً وتكافلاً اجتماعياً ودعماً متقاطعاً بين المقترضين أنفسهم، إذ تدعم الفائدة المدفوعة من أصحاب المداخيل المرتفعة تلك المطبقة على المداخيل الضعيفة».
وقال ساسين إن الجمعية العمومية لمساهمي مصرف الإسكان قررت أن يتحمل المصرف من أمواله الخاصة رسم الفراغ العقاري الذي يترتب على تسجيل عقد بيع المسكن من المقترض، وذلك بهدف المساهمة بتحريك صناعة البناء وما يتفرع عنها من أنشطة أخرى وإنعاش النمو الاقتصادي، وعملاً بتوصيات وزير المال وحاكم مصرف لبنان بتعزيز فرص التسليف ترقّباً للارتدادات الاقتصادية والاجتماعية السلبية التي يمكن أن تنتج من السحابة السوداء للانكماش والتقهقر الاقتصادي العالمي التي تلوح في الأفق. وأوضح ساسين لـ«الأخبار» أن «تغطيتنا لرسوم التسجيل ستشجع الكثير من اللبنانيين ليتقدموا بطلبات قروض سكنية، وخصوصاً أن هذا الإجراء يوفر عليهم نحو 9 ملايين ليرة» معتبراً أن «مصرف الإسكان هو أول مؤسسة تقدم هذه الخدمة إلى المواطنين، على الرغم من أن من واجبات الدولة اللبنانية أن تسدّد عن فئة المقترضين الذين يقلّ دخلهم العائلي الصافي عن 5 ملايين ليرة قيمة الرسم العقاري، أو أن تعفيهم من هذا الرسم».
من جهة أخرى، يشير ساسين إلى أن «استمرار أسعار العقارات في الارتفاع، أو ثباتها عند حدود معينة من دون تراجعها، يؤثر سلباً على حجم القروض المقدمة من داخل المدن الكبرى وخصوصاً من بيروت». ويلفت إلى أن 98% من مقدمي طلبات قرض الإسكان هم من ذوي الدخل المحدود الذين ليس بقدرتهم الشراء في بيروت، ما يؤدي إلى توجّههم إلى خارج العاصمة»، موضحاً أنه «من الصعب أن تتقدم طلبات قروض من هذه الفئة للسكن في الأبنية المشيّدة حديثاً في بيروت، وأن مقدمي طلبات السكن في بيروت استثنائيون وتنحصر حالاتهم بكونهم مستأجرين ويتفقون مع صاحب المنزل على تحويل الإيجار الى ملكية».


80 في المئة

من سعر المنزل يساوي النسبة التي يموّلها مصرف الإسكان، على أن يتحمل مقدّم الطلب الـ20% الباقية، كذلك يحدد حجم القرض نسبة إلى الحدّ الأدنى للدخل العائلي الصافي وهو مليون و500 ألف ليرة بالحد الأدنى لقرض بقيمة 70 مليون ليرة يقسّط على 20 سنة


الإفادة من رسم الفراغ العقاري