«القاعدة يعمل بتحريض من أميركا لكي تدخل إلى المنطقة تحت شعار ملاحقة الإرهابيّين»معمر عطوي
يرى القيادي في «جبهة التحرير الوطني» الجزائري، صادق بوقطاية، أن استمرار ترشّح الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رئاسية ثالثة، لا يهدف إلى تكريس سياسة «التوريث» في الحكم، ولا يعني تحوّل بلد العشرين مليون شهيد إلى مملكة «بوتفليقية»، كما يقول معارضو السلطة.
ويقول عضو المكتب السياسي في الحزب الحاكم إن بوتفليقة يملك الكثير من التجارب والصفات التي تؤهله للبقاء في سدة الحكم، لكونه «من الذين شاركوا في حرب التحرير وأسهم عشية الاستقلال في بناء الدولة الجزائرية الحديثة».
ويشير بوقطاية، في حديث لـ«الأخبار» في بيروت، إلى أن الرئيس الجزائري الذي تسلّم السلطة عام 1999 بعد سنوات من العنف المسلّح، حقق «ثلاث فرضيات أساسية وضعها شعاراً له منذ البداية: الأمن والسلم والمصالحة الوطنية». ويضيف إن «بوتفليقة لديه كارزمية وتجربة وعلاقات. وجاء إلى السلطة بعد مرور البلاد بأزمة رهيبة، وإرهاب وتدمير للبنى التحتية. جاء بإجماع الأحزاب، ومعه خطة على مستوى البنية التحتية والهياكل التربوية والتعليم العالي. وطرح إعادة الإصلاح لإعادة هيكلة الدولة، وتكريس دولة القانون. كذلك ألّف لجنة لإدخال إصلاحات تتعلّق بالعدالة».
وعن تطبيق هذه الخطة يوضح بوقطاية أنه «تحقّقت خلال فترة ولايتي بوتفليقة خطوات كثيرة في إصلاح العدالة. وأثمرت خططه في التنمية التربوية عن ارتفاع عدد التلاميذ والطلاب».
وبالنسبة إلى المادة 74 من الدستور، التي خضعت للتعديل لتمكّن بوتفليقة من الترشّح لولاية ثالثة، لا يرى بوقطاية في ذلك مشكلة، مشيراً إلى أن «تعديل الدستور جرى بموافقة ثلاثة تنظيمات رئيسة هي، حزب جبهة التحرير والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم»، التي تمثّل التحالف الرئاسي، ولها أعضاء في البرلمان وفي مجلس الأمة.
ويؤكد أن كل الأحزاب الممثلة في البرلمان، وهي من خارج التحالف الرئاسي، وافقت على «تنقيح الدستور لا تغييره».
ويلفت بوقطاية إلى أن الرئيس «حين انتُخب عام 1999، قال لا بد من إعادة النظر في الدستور الجزائري حتى يحدّد النظام هل هو برلماني أم رئاسي. لأنه كان غير واضح». ويستبعد أن يصبح الحكم في الجزائر وراثياً، فيتمكّن شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة من تسلّم الحكم من بعده، مؤكداً أن «طبيعة المناخ السياسي الجزائري لا تسمح بذلك».
وعن أجواء الانتخابات الرئاسيّة، التي أُجريت أمس، يقلّل بوقطاية من أهمية تأثير الدعوات الداخلية والخارجية للمقاطعة، وقال إنها «لن تنجح، لأن الشعب الجزائري مدرك تماماً لمصلحته».
ورداً على سؤال عن جدوى الحديث عن الأمن في ظل تركيز «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» أعماله في الجزائر، يقول بوقطاية «نتذكّر أن المجموعات المسلّحة في الجزائر وبفضل القانون المدني الذي رقّي في ما بعد الى قانون المصالحة عادوا لينخرطوا في المجتمع وأصبحت المأساة المتعلقة بالإرهاب مأساة وطنية. والقاعدة في المغرب حولها علامة استفهام. إذ تتكوّن من مجموعات محدودة تقوم بعمليات هنا وهناك. عملياتها قلّت سواء في المغرب أو في موريتانيا أو في الجزائر»، مشيراً إلى أن «هذه القاعدة تعمل بتحريض من الولايات المتحدة لكي تدخل إلى المنطقة تحت شعار ملاحقة الإرهابيين. الولايات المتحدة لديها استراتيجية وتبحث عن مصالحها، وتهدف إلى السيطرة على شمالي أفريقيا، ومن ثم على جنوبها ووسطها». وأشار إلى أن واشنطن «تتحدث عن التفجيرات وتحذّر رعاياها قبل وقوعها في الأماكن التي تقع فيها، وذلك من أجل خلق عملية ضغط وابتزار على هذه البلدان لتقبل مساندة الولايات المتحدة».
ويقلّل القيادي في الجبهة، التي كان لها الدور الأكبر في تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي عام 1962، من أهمية «بعض أعمال العنف التي تقع في القرى وعلى جوانب الطرقات»، مشدداً على أنها لا تؤثر في الحياة العامة كما كان سائداً في السابق.
ويضيف «منذ يومين أعلن التائبون من عناصر التنظيمات المسلحة تأييدهم للرئيس بوتفليقة».
وعن واقع المصالحة الوطنية في ظل حرمان الكثير من الجزائريين في المنفى حقّ العودة إلى وطنهم أو منحهم جوازات سفر، يقسّم بوقطاية هؤلاء إلى ثلاثة أقسام: «منهم من شارك في عمليات إرهابية ورحل الى الخارج، ومنهم من دعم هذه الأعمال، ومنهم من يتخوّف من العودة إلى الجزائر. أمّا الناس الذين كانوا في الجبال وقتلوا فعادوا إلى عائلاتهم، تحت عنوان قانون المصالحة، وهم يعيشون بشكل طبيعي. والدولة عوضّت عن ضحايا هذه المرحلة. والناس الذين يقيمون في الخارج، طلبت الدولة من السفارات أن تهتم بهم. والذي يرغب في الالتزام بقانون المصالحة عليه أن يعود إلى الجزائر».
وفي رد على سؤال عن حقيقة الاتهامات للجبهة الحاكمة بسرقة أموال الدولة، يعترف المسؤول الجزائري بوجود فساد في البلاد. ويقول «على ضوء الفساد أنشأت الدولة هيئة مؤلّفة من مسؤولين، ولديها صلاحيات لمحاربة الفساد والرشوة، وسن البرلمان قانوناً بشأن تبييض الأموال وتحويلها».