strong>محمد سعيدأكدت مصادر فلسطينية مطّلعة وأعضاء في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس لحركة «فتح» تأجيل عقد المؤتمر، الذي كان مقرّراً يوم الخامس عشر من شهر نيسان الجاري، إلى أجل غير مسمّى.
وشدّدت المصادر على أنه رغم بيان عضو اللجنة المركزية لـ«فتح» أحمد قريع الذي قال إنه لا صحة لما يقال عن تأجيل المؤتمر، إلا أن المؤتمر أُجّل للمرة الثالثة، حيث إن النظام الداخلي لحركة «فتح» ينص على وجوب إبلاغ أعضاء المؤتمر قبل شهر من انعقاده بالموعد والمكان، وتسليمهم كل الوثائق الخاصة بالمؤتمر، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
كذلك تؤكد المصادر أنه «لم يُتّفق بعد على قوائم أعضاء المؤتمر، وخصوصاً قوائم العسكريين التي ظهر خلاف بشأنها، حيث قدم عضو اللجنة المركزية للحركة اللواء نصر يوسف قائمة، فيما قدّم قائد الأمن الوطني في السلطة الفلسطينية أبو الفتح، المدعوم من الرئيس محمود عبّاس (أبو مازن)، قائمة مغايرة، الأمر الذي أدى إلى تجميد القائمتين.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن عدداً من أقاليم حركة «فتح» لم تعقد بعد مؤتمراتها لانتخاب قياداتها والأعضاء الذين يمثّلونها في المؤتمر العام. وتضيف أنه «خلافاً لوثيقة البرنامج السياسي الذي جرى تعديله سراً من قبل اللجنة التحضيرية العليا، من دون إطلاع اللجنة التحضيرية الموسعة عليه، لم يتم إعداد بقية الوثائق، فضلاً عن رفض اللجنة المركزية حتى الآن إعداد أو إدراج التقرير المالي ضمن وثائق المؤتمر، إذ لم يطرح في اللجنة التحضيرية أو في الموسعة».
ويطالب الكثير من كوادر الحركة بمعرفة وضعها المالي، ولا سيما بعدما سبق أن ادّعى أبو مازن أنها مفلسة. وتتهم الكوادر قيادات «فتح» بالمسؤولية عن نهب وسرقة وإضاعة أموال الحركة واستثماراتها. وأكد عضو اللجنة المركزية للحركة محمد جهاد العموري أنه قد أعدّ رسالة وداع يحمّل فيها اللجنة المركزية تبعات ما سمّاه «النكبات والهزائم» التي حلّت بالحركة. وبينما تتألّف اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر من أعضاء اللجنة المركزية لـ«فتح» ورؤساء اللجان الأربع، وهي لجنة النظام الأساسي (صخر بسيسو) والعضوية (عثمان أبو غربية) ولجنة البرنامج السياسي (نبيل شعث) ولجنة البناء الوطني (أحمد عبد الرحمن)، فإن اللجنة التحضيرية الموسعة تتألّف من نحو سبعين عضواً، هم أعضاء اللجنة المركزية لـ«فتح»، واللجان الأربع الخاصة بالمؤتمر، وعدد من الكوادر التاريخية في الحركة. وقال عضو في اللجنة التحضيرية الموسعة إنهم لم يتلقّوا حتى الآن أياً من النسخ النهائية للوثائق الأساسية التي سيناقشها المؤتمر في حال انعقاده. وأضاف أن القضايا والملفات التي يجري تداولها في أوساط كوادر الحركة، والتي يريدون أن تناقش في المؤتمر، هي خمسة ملفات:
■ ملف «اغتيال» الزعيم الراحل ياسر عرفات (أبو عمار).
■ الملف المالي الخاص بممتلكات واستثمارات وأموال الحركة الضائعة والتي تسجَّل حتى الآن على «ذمة مجهول».
■ ملف هزيمة «فتح» في انتخابات المجلس التشريعي التي جرت في كانون الثاني 2006.
■ ملف هزيمة فتح في قطاع غزة في حزيران 2007.
■ خسارة فتح لعلاقاتها الخارجية التي يرأس مكتبها عضو اللجنة المركزية للحركة عبد الله الإفرنجي.
ويعتقد عضو اللجنة التحضيرية، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه في حال طرح هذه الملفات للنقاش «فإن ذلك سيعني أمراً واحداً، وهو تحميل قيادة حركة فتح المسؤولية بالكامل، لذلك فإن معظم أعضاء اللجنة المركزية، حسب رأيه، يماطلون ويسوّفون في عقد المؤتمر»، علماً بأن المؤتمر الخامس عقد في «حمام الشط» في تونس في عام 1989.
ويحمّل أعضاء في اللجنة الموسّعة مسؤولية المماطلة والتسويف إلى عضو اللجنة المركزية لـ«فتح»، محمد راتب غنيم (أبو ماهر)، رئيس مكتب التعبئة والتنظيم للحركة، الذي يتخذ من تونس مقراًَ له، وهو يرأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس.
ويقول هؤلاء الأعضاء إن أبو ماهر قد اصطفّ إلى جانب أبو مازن سياسياً وتنظيمياً، إذ يبدو أنهما اتفقا على العمل معاً في ما يتعلق بالمؤتمر في اتجاهين:
■ عقد المؤتمر في رام الله، وهو ما يعني ترتيبه وفق أجندة أبو مازن، وهو ما يلقى معارضة واسعة.
■ تأجيل عقد المؤتمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية للسلطة الفلسطينية.
وتقول مصادر مطّلعة أن القيادي «الفتحاوي» محمد دحلان يوحي إلى الكثير من كوادر الحركة أنه على اتصال منتظم مع أبو ماهر، الذي تتّهمه المصادر باستعداء «كوادر فتح في تونس الذين يزيد عددهم على 150». فيما يجري تداول أنباء عن أن أبو ماهر يعتزم الانتقال إلى العاصمة الأردنية عمان، بعدما تمّت تصفية مكتب التعبئة والتنظيم في تونس.


strong>«الدائرة السياسيّة» وحركة السفراء
يشتكي كوادر «فتح» في تونس من زيادة تهميش الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي يرأسها عضو اللجنة المركزية لـ«فتح» فاروق القدومي (الصورة)، ويشيرون إلى أن الدائرة على طريق التصفية بالكامل، إذ لم يعد لها دور حتى في حركة سفراء المنظمة، التي تجري من رام الله، ويؤكّدون أنه يجري تداول قائمة أوّلية لتعيين سفراء جدد وإجراء مناقلات سفراء لمنظمة التحرير. وتشمل القائمة: أحمد عقل سفيراً لدى هولندا بدلاً من سمية البرغوثي التي بلغت سن التقاعد. عدلي صادق، المحسوب على محمد دحلان، من رومانيا إلى الهند. حازم أبو شنب إلى باكستان. لؤي عيسى من موريتانيا إلى ليبيا. بسام الآغا من ليبيا إلى اليمن، بدلاً من أحمد الديك. أحمد صبح إلى المغرب بدلاً من حسن عبد الرحمن الذي بلغ سن التقاعد. حسين أبو العلا إلى كازاخستان. وجيه كنعان إلى رومانيا. مجدي الخالدي إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومعن عريقات رئيساً لبعثة فلسطين في واشنطن.
وتشير المصادر إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قام الشهر الماضي بنقل سفيره لدى روسيا عفيف صافية عقب وشاية ضده، ليكون ممثلاً لمنظمة التحرير لدى الاشتراكية الدولية، وسيقيم في لندن، ويجري تداول اسم شقيق نمر حماد خلفاً لصافية في موسكو. غير أن مصادر فلسطينية أشارت إلى أن أبو مازن قد تلقّى رسائل وعرائض احتجاج من العديد من الشخصيات والجمعيات والمؤسسات الفلسطينية من كل الأطياف، وخاصة المسيحية الفلسطينية، تعرب عن استهجانها لقرار نقله بناءً على وشاية، وتؤكد دعمها لصافية، وتناشد أبو مازن إعادته إلى منصبه.