نجح الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في الفوز بولاية ثالثة، بنتيجة ساحقة تخطت الـ90 في المئة من الأصوات وبنسبة مشاركة أثارت شكوك الكثيرين.ياسين تملالي
لم تتمخّض الانتخابات الرئاسية، التي جرت أول من أمس في الجزائر، عن أي مفاجأة تذكر، إذ فاز بها، كما كان متوقعاً، عبد العزيز بوتفليقة بنسبة 90،24 في المئة من الأصوات، فيما بلغت نسبة المشاركة، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية 74،11 في المئة من أصل 20،6 مليون ناخب.
وتوّج انتخاب بوتفليقة حملة انتخابية سخِّرت فيها وسائل الدولة لمصلحته، وطغت فيها صوره على الفضاء العام «بطريقة لم يسبق لها مثيل ولا في عهد الحزب الواحد»، حسب تعبير إحسان القاضي، أحد مؤسسي «المبادرة المدنية من أجل احترام الدستور».
ووفقاً لأرقام وزارة الداخلية، حصلت رئيسة حزب «العمال» اليساري، لويزة حنون، على المرتبة الثانية بنسبة 4،22 في المئة من الأصوات، وتلاها في المرتبة الثالثة رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، بنسبة 2،31 في المئة. وحل مرشح حركة «الإصلاح الوطني»، جهيد يونسي، في المرتبة الرابعة بنسبة 1،37 في المئة، وفي المرتبتين الأخيرتين على التوالي رئيس حزب «عهد 1954»، علي فوزي رباعين، 0،93 في المئة، ومحمد سعيد، الذي يزمع إنشاء حزب ذي توجه إسلامي بنسبة 0,92.
وجرت الانتخابات في ظل وجود أمني غير معهود. إذ حوصرت مداخل العاصمة ومخارجها وكل شوارعها بالآلاف من عناصر الشرطة. وبدا هذا الطوق البوليسي استعداداً لهجمات قد تشنها المنظمة المسماة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، التي دعت الجزائريين في تسجيل صوتي بثّ قبل أيام إلى الامتناع عن التصويت. ولم تسجل حوادث تذكر يوم الاقتراع ما عدا إغلاق بعض مراكز الانتخاب في محافظة البويرة، وانفجار قنبلة تقليدية في قافلة عسكرية في جبال محافظة بجاية.
وبالعودة إلى نسبة المشاركة المعلنة، فقد فاقت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 2004 التي بلغت 58 في المئة، وانتخابات عام 1999 التي بلغت 60 في المئة. ما يدعو إلى الاستغراب بالنظر إلى الخوف الكبير الذي أبدته السلطات من تفاقم عدم الاكتراث الشعبي للانتخابات.
وندّدت القوى المعارضة «بنفخ» وزارة الداخلية نسبةَ المشاركة. إذ أكدت جبهة القوى الاشتراكية، برئاسة حسين آيت أحمد، بناءً على تقارير لمندوبيها في المحافظات، أن النسبة لم تتجاوز 18 في المئة، فيما قال المرشح تواتي إنها كانت في حدود 20 في المئة. وقد زاد من إمكان «التحكم إدارياً»، في نسبة المشاركة، أن ممثلي منافسي بوتفليقة الخمسة لم يغطّوا سوى 10 في المئة من مكاتب الانتخاب البالغ عددها سبعة وأربعين ألفاً، حسب ما أوردته يومية «الخبر».
وبحساب بسيط يتبيّن أن نسبة المشاركة المعلنة مشكوك فيها، فلو سلّمنا بأن 15 مليوناً و351 ألف ناخب أدلوا فعلياً بأصواتهم، فإن ذلك يعني أن كل مكتب من المكاتب الانتخابية استقبل طوال إحدى عشرة ساعة ما معدّله 325 ناخباً أي 30 ناخباً في الساعة، أي ناخباً واحداً كل دقيقتين، وبطريقة متواصلة من الثامنة صباحاً إلى ساعة إغلاقه في السابعة مساءً. ويبدو هذا المعدل مستبعداً لأسباب كثيرة، منها أن نسبة المشاركة في المنطقة القبائلية الشديدة الكثافة السكانية لم تتجاوز باعتراف السلطات 25 بالمئة، وأن نسبة المشاركة العامة لم تكن تتجاوز 49 بالمئة عند الساعة الرابعة باعتراف وزارة الداخلية.
وفي تصريح لـ«الأخبار»، علّق الباحث السوسيولوجي، عبد الناصر جابي، على نسبة المشاركة الرسمية، فقال «لا شيء كان يشير إلى بلوغ اهتمام الشعب بالانتخابات هذا المبلغ من القوة». أما الهدف من ورائها، فهو إقناع «بعض الدوائر الرسمية، كقيادة الجيش مثلاً، بأن الرئيس استقلّ عنها نهائياً»، بعدما كان لها الفضل في تبوّئه الرئاسة سنة 1999.
ورأى جابي أن «إعلان هذه النسبة أتمّ مسار تونسة الانتخابات الجزائرية، وتحويلها إلى موعد بيعة شعبية لا تنافس بين مرشحين ذوي برامج مختلفة».