الدراسة الوطنية للأحوال المعيشيّة 2007 [1/3]تُظهر الدراسة الوطنية للأحوال المعيشية للأسر في عام 2007، التي أنجزتها إدارة الإحصاء المركزي أخيراً، تراجعاً مقلقاً في مداخيل الأسر وأوضاعها الحياتية، بالمقارنة مع نتائج دراسة عام 2004، ولا سيما بعد حرب تموز في عام 2006... وتنشر «الأخبار» على ثلاثة أجزاء أبرز ما تضمّنته هذه الدراسة على المستويات الديموغرافية والسكنية والاجتماعية والصحيّة والاقتصادية
أنجزت إدارة الإحصاء المركزي الدراسة الوطنية الثانية للأحوال المعيشية للأسر في عام 2007، وتتميّز هذه الدراسة بأهمية بالغة لكونها تغطّي الأوضاع الديموغرافية والسكنية وأوضاع الأسر بعد حرب تموز 2006، وقد نُفذت هذه الدراسة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة العمل الدولية.

الواقع الديموغرافي

قدّرت الدراسة عدد السكان في لبنان في عام 2007 (ما عدا المقيمين في المخيّمات الفلسطينية) بنحو 3،759،136 شخصاً، في مقابل 3،755،034 شخصاً في عام 2004، أي بزيادة بسيطة جداً لا تتعدى 0،11%. وقُدّرت نسبة المقيمين غير اللبنانيين في عام 2007 بنحو 3،8%، في مقابل 6،6% في عام 2004، أي بتراجع 42.42 في المئة.
وتوزّع المقيمون في لبنان في عام 2007، بحسب المناطق، كالآتي: 9،6% في بيروت، في مقابل 10،4% في عام 2004، و39،5% في محافظة جبل لبنان (بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت) مقابل 40% في عام 2004، و20،3% في محافظة لبنان الشمالي مقابل 20،5%، و13% في محافظة البقاع مقابل 12،5%، و17،5% في محافظتي الجنوب والنبطية مقابل 16،6%.
وتُظهر هذه الوقائع أن حصص بيروت وجبل لبنان والشمال من مجموع المقيمين تراجعت تراجعاً طفيفاً، فيما ارتفعت حصص الجنوب والنبطية والبقاع، وهذا يدلّ أيضاً على أن سكان المناطق الأكثر تعرّضاً للعدوان قد عادوا جميعاً إلى مناطق سكنهم الأصلية رغم التدمير والأضرار التي أصابت المساكن والمنشآت في تلك المناطق.
وتُظهر الدراسة أن متوسط حجم الأسرة في لبنان لم يتغير عملياً بين عامي 2004 و2007، إذ انخفض انخفاضاً طفيفاً جداً من 4،27 إلى 4،23 أشخاص في الأسرة الواحدة... وهذا ينطبق على معدّلات الكثافة السكانية داخل المسكن، إذ إن 45،4% من الأسر كانت تقيم في عام 2007 في مساكن ذات كثافة متوسطة (متوسط عدد الأشخاص في الغرفة الواحدة يساوي شخصاً إلى شخصين)، في مقابل 48،1% في عام 2004، فيما قدّرت نسبة الأسر التي تعيش في مساكن ذات كثافة سكنية عالية (متوسط عدد الأشخاص في الغرفة الواحدة يساوي شخصين أو أكثر) 16،7% في عام 2007، مقابل 16،6% في عام 2004.

تداعيات الوضع المعيشي

تُظهر الدراسة مدى عمق التحولات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي يعانيها اللبنانيّون بسبب الأوضاع المعيشية السيئة والهجرة، إذ تراجع معدّل الخصوبة في السنوات العشر الماضية، وانخفض عدد الذكور عن عدد الإناث في غالبية الفئات العمرية التي تزيد على 24 سنة، ولا سيما الفئة العمرية 35 ــ 39 سنة التي يقلّ فيها عدد الذكور عن عدد الإناث بنحو 26000 شخص بسبب الهجرة، وهذا ما يظهر واضحاً عند مقارنة معدلات الذكورة بحسب الفئات العمرية، إذ تبلغ 108،6 في الفئة العمرية (20 ــ 24)، وتتراجع تدريجاً إلى 94،1 في الفئة العمرية (25 ــ 29 سنة) وإلى 91،3 في الفئة العمرية (30 ــ 34 سنة)، ثم إلى 81،2 في الفئة العمرية (35 ــ 39 سنة) و78،4 في الفئة العمرية (40 ــ 44 سنة).
ولعل أبرز تداعيات الهجرة وسوء الأوضاع المعيشية تظهر في تراجع نسبة الذكور المتزوجين (15 سنة وأكثر) بنسبة 2 في المئة بين عامي 2004 و2007 (من 53،7% إلى 51،8%)، وكذلك تراجع نسبة النساء المتزوجات (15 سنة وأكثر) من 52،5% إلى 51%)، وتتظهّر هذه التداعيات أيضاً في ارتفاع نسبة العزوبية لدى الإناث إلى 80،7% في الفئة العمرية 20 ــ 24 سنة، وإلى 52.1% في الفئة العمرية 25 ــ 29 سنة، و33.5% في الفئة العمرية 30 ــ 34 سنة... علماً بأن متوسط العمر عند الزواج ارتفع من 31،7 سنة في عام 2004 إلى 32،7 سنة في عام 2007 بالنسبة إلى الذكور، ومن 27،7 سنة في عام 2004 إلى 28،9 سنة في عام 2007 بالنسبة إلى الإناث.

التفكير في الهجرة

تعدّ مسألة هجرة اللبنانيين إلى الخارج أو التفكير فيها واحدة من أبرز القضايا في المجتمع اللبناني، وتشير البيانات التي وفّرها «التحقيق الميداني حول أثر العدوان الإسرائيلي على الأحوال المعيشية بعد حرب تموز 2006» إلى أن نسبة التفكير في الهجرة للأسرة ككل تضاعفت تقريباً، إذ ارتفعت من 3،5% قبل الحرب إلى 7،4% بعدها، بينما ارتفعت نسبة الأسر التي يرغب أحد أفرادها في الهجرة إلى الخارج من 8،1% إلى 13،4%.
وتشير المعطيات إلى أن الزيادة الأكبر سُجلت في مدينة بيروت، إذ ارتفعت نسبة الأسر التي يرغب أحد أفرادها في الهجرة من 7% من الأسر إلى 14،6%، تليها في ذلك الضاحية الجنوبية التي ارتفعت فيها النسبة من 14،7% إلى 22%، وهذا ينطبق على الأسر من مختلف فئات الدخل، علماً بأن أكبر ارتفاع سجل بالنسبة إلى الأسر ذات دخل أقل من 400 ألف ليرة، إذ ارتفعت نسبتها من 3،5% إلى 9،9%.
وتشير المعطيات أيضاً إلى أن نسبة الأسر التي ترغب بأكملها في الهجرة ارتفعت في مدينة بيروت من 7% قبل الحرب إلى 16،4% بعدها، بينما ارتفعت هذه النسبة في محافظة جبل لبنان عدا الضاحية الجنوبية لبيروت من 6،9% إلى 12،7%. واللافت أن النسبة تضاعفت أكثر من خمس مرات بالنسبة إلى الأسر ذات دخل أقل من 400 ألف ليرة من 0،7% إلى 3،8%، بينما ارتفعت هذه النسبة بالنسبة إلى الأسر ذات دخل يفوق مليونين وخمسمئة ألف ليرة من 3% إلى 8،7%.
وأما لجهة المباشرة بإجراءات جدية للهجرة، فتشير البيانات إلى أن 35،5 في المئة من الأسر التي تفكر هي أو أحد أفرادها في الهجرة حالياً باشرت فعلياً بمثل هذه الإجراءات.
وتشير البيانات إلى أن متوسط عمر رب الأسرة في الأسر الراغبة في الهجرة (46،9 سنة) هو أدنى من متوسط عمر رب الأسرة في الأسر غير الراغبة في الهجرة ككل (53،8 سنة)، ويلاحظ أن الأسر التي ترغب هي أو أحد أفرادها في الهجرة هي عموماً أكبر حجماً من الأسر التي لا ترغب في الهجرة، ولو أن الفروقات هنا غير كبيرة، وأن متوسط دخل الأسر الراغبة في الهجرة هو عموماً أكبر من متوسط دخل الأسر غير الراغبة في ذلك، وبخاصة بالنسبة إلى الأسر التي ترغب في الهجرة بأكملها.


29٬2 في المئة

من أرباب الأسر الراغبة في الهجرة بمستوى تعليمي فوق الثانوي مقابل 11،9% للأسر غير الراغبة في الهجرة


40 في المئة

من الأسر القاطنة في بيروت مسجّلة في أماكن قيد خارجها وهذا ينطبق على 75% من أسر الضاحية


كثافة سكنية عالية