هل تعيد الانتخابات للحكومة صفة «صانع القرار»؟هناك نوعان من المخاطر التي ستواجه لبنان في عام 2009: «المخاطر السياسية وتداعيات الأزمة المالية العالمية». ولكنّ العنصر السياسي، بحسب دراسة لمصرف «باركليز كابيتال» البريطاني، هو الأكثر «خطورة» على الاقتصاد اللبناني، لأنه ناتج من الانتخابات النيابية المقررة في 7 حزيران المقبل، ومن الضغوطات الإقليمية.
وقد أجرى المصرف تحليلاً للوضع اللبناني بعد لقاءات عدّة أجراها ممثّلون عنه مع مختلف الأطراف اللبنانية، وقد تركت انطباعاً محدداً عن أثر الانتخابات ومخاطرها، وذلك على الرغم من أن الاقتصاد اللبناني يُظهر إشارات ممانعة في مواجهة الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى ما لديه من دين عام يوازي نسبة 162% من الناتج المحلي الإجمالي.

تقلّص التحويلات

وأشار التقرير إلى أن المصارف التجارية، وهي الحامل الرئيسي للدين العام اللبناني، واجهت الصدمات الخارجية مسجّلة نمواً في الودائع، إلا أنّ هناك اجماعاً وتوافقاً على أن القطاع سيشهد تباطؤاً غير محسوب في الودائع بسبب التباطؤ في الخليج. وعموماً، سيتراجع النمو الاقتصادي إلى 3%، متأثراً بنسبة أقل بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ولا سيما في دول الخليج.
ومن المقدّر أن تتقلص تحويلات المغتربين، علماً بأنه ليس هناك إحصائية رسمية عن أعداد اللبنانيين العائدين من دول المغترب. فالمعروف والواقعي أن هناك عدّة آلاف سيعودون من الخليج، وخصوصاً من دبي، وهناك موجة عودة أخرى متوقعة في حزيران. وينقل التقرير عن «السلطات المحلية» توقعها تراجع عائدات المغتربين بنسبة 30%، الأمر الذي «سيؤثر على الاستهلاك وعلى الاستثمارات الخاصة وعلى الحساب الخارجي».
وعلى صعيد الاستثمارت الأجنبية المباشرة، يرى التقرير أنها «ستشهد تباطؤاً ناتجاً من الضغوطات على النمو وعلى تدفّق رؤوس الأموال، إذ تتوقع مؤسسة التمويل الدولية أن تنخفض إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي، (أي ما يوازي 1.5 مليار دولار) مقارنة مع 7.1% مقدّرة في عام 2008».
وعلى الصعيد العقاري، يقرّ التقرير بأن «بعض المشاريع العقارية التي كان سيشيدها مستثمرون خليجيون قد توقفت». وهذه المشاريع يُعرف أنها مشاريع ضخمة كان يعتزم تنفيذها في وسط بيروت التجاري ومناطق الاصطياف الجبلية.

دينامية الدين العام

وأكثر العناصر ضعفاً في لبنان على الصعيد الاقتصادي هو الدين العام، إلى جانب هشاشة الوضع السياسي. ولذلك يلفت التقرير إلى أن «حماوة الأوضاع السياسية والصدمات الاقتصادية والسياسيّة في السنوات الأخيرة لم توقف لبنان عن خفض دينه العام نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بحوالى 18 نقطة مئوية، من 180% من الناتج إلى 162% من الناتج في عام 2008». وقد أسهمت عوامل عدّة في هذا الأمر:
ـــــ استقرار معدلات النمو السنوية بين 7.5% و8% في عامي 2007 و2008، وذلك بعدما كانت النسبة ضئيلة في 2006 بسبب الحرب الإسرائيلية والتوترات السياسية الداخلية.
ـــــ تحسّن المالية العامة بسبب تحسّن الفائض الأوّلي في السنوات الخمس الأخيرة.
ـــــ خفض معدلات الفائدة على سندات الخزينة واليوروبوندز والتي أثّرت على كلفة خدمة الدين تأثيراً طفيفاً.

الأخطر: سياسياً

سياسياً، الخطر الأساسي، كما يراه مصرف «باركليز»، هو الانتخابات النيابية. ويعتقد أنه بصرف النظر عن الضغوطات الإقليمية، ستشهد فترة ما بعد حزيران «متابعة لدخول حزب الله في الحكومة اللبنانية وانخراطه فيها، وما إذا كانت ستزيد فرص إجراء إصلاحات هيكلية»، علماً بأن التوقعات المالية سبقتها «إعاقة مشروع موازنة 2009 على خلفية أمور انتخابية»، فيما الدعم المالي من الدول المانحة قد استمر.
غير أن السؤال الأساسي يتمحور حول الحكومة المقبلة. فهل سيكون بإمكان الانتخابات النيابية أن تعيد تأسيس وظيفة الحكومة لتكون «صانع القرار»؟ ويجيب التقرير مذكّراً بأن قوى 14 آذار و8 آذار «حرّكت الحملات الانتخابية بعدد تاريخي من المرشحين بلغ 702 مرشح لحوالى 128 مقعداً نيابياً، فيما منسوب التوتر السياسي يرتفع»، لافتاً إلى أن من العوامل المتوقع تأثيرها «احتمال أن يكون هناك سلام في شرق أوسط جديد بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، والإمكانيات التي ستضعها في الحوار مع إيران...».
(الأخبار)